|    English   |    [email protected]

صفقة السياسات القذرة

الأربعاء 13 نوفمبر 2024 |منذ شهر
شيماء عباري

شيماء عباري

الابتذال أضحى نمط السياسة السائد في بلادنا العربية احتال فيها الساسة من أجل مصالحهم الضيقة وإرضاء أهوائهم ونزعاتهم الشخصية غير أبهين بالتبعات ولا مدركين لها ،وطننا العربي الذي يمتد من المحيط إلى الخليج، مهبط الديانات السماوية، وطن يدر اللبن والسمن والعسل، الوطن العربي الوحدة الجغرافية المتجانسة التي مزقتها مسطرة الاستعمار الأوروبي البغيض، حتى استعادت كل دولة حريتها بفضل الشرفاء ولم تبقى سوى بلد الزيتون قابعة تحت الاحتلال الاسرائيلي ليلتف العرب حول قضيتها في كل اجتماع سنوي أو طارئ يٌعقد لدى جامعة الدول العربية او منظمة التعاون الاسلامي رافضين الاعتراف بالكيان الاسرائيلي والتصدي لأي مكر خارجي، حتى نجح المخطط الصهيوني ونقصد بها اسرائيل وامريكا والدول الأوروبية في بث السم في خاصرة الدول العربية لتفتيتها وتمزيقها ، لتدفع الشعوب العربية ثمنا باهظا في النفوس والممتلكات لقاء سياسات التمزيق، وجعلها تعاني كثيرا من الأحقاد الداخلية والضغائن والثارات بسبب التمزق الطائفي والقومي والمذهبي الذي تخلصت منها شعوب الأرض فظهرت في وجوه العرب مسألة السني والشيعي، والسني والعلوي، والسني والزيدي، والمسلم والمسيحي، والمسلم العربي والمسلم غير العربي، إلخ  نزعات عنصرية داخلية  خدمت الزعماء الذين لم يكن لهم شأن ليٌمعن الشعب في تفتيت نفسه، حتى تآكلت الوحدة العربية مع شعاراتها فالأنظمة الحالية غير معنية بالوحدة فهذا يعني زوالهم حتما لهذا حاول الكثير من الساسة مجاراة الواقع في سبيل التغيير المنشود، فاختلطت عليهم المفاهيم والأسس التي تقوم عليها العملية السياسية، خصوصاً فيما يتعلق بالشأن العام، حيث فقدت المصداقية فأصبح عقد الصفقات على حساب الوطن شطارة، والمتاجرة بآمال وآلام المواطن وسيلة للنجاح والوصول إلى الهدف، فاتسخت العملية السياسية لوساخة لاعبيها الذين غيروا شروط اللعبة من الخدمة العامة لتخدم مصالحهم وأهدافهم، فأصبح واقعنا السياسي في قمة القذارة كما نراه اليوم.

  حربا ضروس في فلسطين ولبنان، جبهات مشتعلة في السودان وسوريا وتفكك في العراق واليمن فراعي الحروب لن يصل بمفرده لتفكيك كل هذه الأنظمة وانما بتعاون انظمة للأسف عربية قذرة تسعى الى تحقيق مطامع ومئارب اخرى جعلها تستكين لهم وتمشي على الدرب المرسوم والمخطط لها بعد التطبيع المجاني الاخير مع الاحتلال الاسرائيلي كالإمارات والسعودية والبحرين والمغرب ومصر والأردن واخيرا قطر التي توسمنا  فيها خيرا حين لعبت دور الوسيط في المفاوضات بين حماس واسرائيل حتى آتى ترامب مجددا للحكم وجعلها تنسحب من المفاوضات وطرد قادة حماس من بلادها.

فلا غرابة في السياسة حين تتغير المبادئ والقناعات من أجل تحقيق هدف ما، الأمر الذي يجعل الانصياع للواقع والتنازل عن المبادئ أمراً مطلوباً رغم مرارته بسبب خضوعه ل للعبة السياسية القذرة التي تجعل ممارسها في صراع بينه وبين ضميره ومبادئه،.حيث لا دين للسياسة ولا مذهب للساسة، بل مصالح وأحياناً تكون ضيقة ومحدودة لا تتجاوز لاعبيها،اللذين يرون أنها حرب يباح فيها كل أنواع الأسلحة، ولا تحكمها أخلاق أو قيم، و لا علاقة لها بالمصلحة العامة والوطنية، واختفى أهم مبدأ للعمل السياسي وهو الأخلاق وشرف المهنة والروح الوطنية.

لهذا لم تتبقى أنظمة عربية شريفة  لتٌعقد اجتماع طارئ يندد بظلم الاحتلال الاسرائيلي على فلسطين و لبنان اوفض النزاع القائم في السودان وليبيا او تقويض عمل ايران بالمنطقة ودحض مشروعها في تفكيك اليمن وسوريا والعراق، كيف سيتم عقد اجتماعات طارئة في حين لا يوجد رؤساء لتلك الدول المنهارة وانما مشاورات لقادة دول التطبيع فقط لدعم الجبهات المشتعلة ،هذا الهوان واللامبالاة لا يمثل الشعب العربي الذي ينهش الزجاج بغضبه وانما هوان القادة العرب اللذين سيلعنهم التاريخ ويرميهم الغرب في سلة المهملات بعد نجاح مخططهم فلا غرابة فهي طريقة الغرب تستخدم الحليف الخائن مرة واحدة ثم تقوم بتصفيته.

حتى القائد الشريف المدافع عن حياض دولته واعترف بدولة فلسطين وسعى وراء تحريرها من اليهود بالممكن والاستطاعة وكان قادرا على تغيير موازين القوة بالعالم تتآمر عليه الغرب بالحيل والاساطير حتى تنهي حياته كما حصل مع ليوثٌ الغَابِ اسود العرب سابقا اللذين اذا تكلموا ارعدوا واذا تفاوضوا ارهبوا واذا نظروا عبروا نظراتهم تخيف العدو وهاماتهم شامخة لا تنحني ومقولاتهم رنانة لا تتآكل بالتقادم بل خلدها التاريخ كمقولة الملك فيصل رحمه الله حين قال لا يهمنا زعل الغرب  او ان يتكبد الشرق لأن الشرق والغرب اتفقوا أن على هضم حقوق العرب وسلبهم اراضيهم المقدسة وكذا مقولة القائد هواري بومدين  حين قال لن يكتمل استقلال الجزائر الا باستقلال فلسطين ونحن معها ظالمة او مظلومة و الرئيس صدام حسين حين قصف مواقع اسرائيلية بحوالي 39 صاروخا، و قادة  لم يكن لديهم مواقف بطولية وانما عبروا عن رفضهم لإسرائيل جملة وتفصيلا وكانوا يعقدون الاجتماعات الطارئة لتٌحاك ضدهم ما اٌسميت بثورة الربيع العربي للإطاحة بهم والاعداد لهذا الوقت العصيب، لذا رحيلهم خسارة لا مثيل لها.

والتصفية لم تكن فقط للقادة الرؤساء انما وصلت لتصفية قادة الفصائل الجهادية الرافضة لمشروع الصهاينة المحتل كما حصل لقادة حماس واحدا تلوا الاخر بداية بالشيخ الشهيد احمد ياسين وحتى اخر قائد للحركة الشهيد السنوار اللذين جاهدوا لاسترداد دولتهم المغتصبة بالممكن حتى بالحجر والعصى و خاضوا معارك غير متكافئة فسطروا اروع الملاحم البطولية بصدقهم وايمانهم رغم خذلان العرب لهم.

 ايها المطبعين وان كانت مصالحكم تحميها الغرب  ثمن تواطأكم واحتضانكم لقواعدهم العسكرية، لكنهم في المقابل غير مأمونِ الجانب، فهم تجار دم لا مانع لديهم  من بيع أي شيء وكل شيء لتنفيذ مخططهم فتحرروا من العيش تحت الحذاء الامريكي الاسرائيلي واختاروا نهاية مشرفة تحزن عليكم شعوبكم ويخلدكم التاريخ.