مأرب.. أمل سبتمبر
غمدان اليوسفي
الكتابة عن سبتمبرنا المتجدد، وفي حضرة محافظة عتيدة كمأرب هو شرف أكبر من أن يستطيع المرء أن يفي الفكرة حقها، وأن يمنح مأرب ورجالها ما يستحقونه من التقدير عقب الهزة الكبيرة التي تعرضت لها جمهوريتنا من مجرمي الحوثي.
دعوة الصديق محمد الصالحي للكتابة؛ هي دعوة من صحفي مأربي أصيل، خبر الصحافة منذ بدايات الصحافة الإلكترونية، ولحق بزمن الصحافة اليومية الورقية، وغامر مغامرة كبيرة بإصدار مأرب برس الورقية فأبدع وفعل ما بوسعه وأكثر.
أتذكر البدايات حين زرت مأرب عقب حادث مقتل السياح الإسبان بسيارة مفخخة، واستضافني مع رفيق بداياته أحمد عايض، وكانت مأرب مدينة صغيرة تطمح لأن تخرج من صبغة الحوادث التي صبغتها طوال عقود.
دارت السنوات وجاءت الفرصة لتلك المحافظة لأن تكون حارسة سبتمبر، فكانت عند هذا الوعد الكبير، وفتحت ذراعيها للهاربين من بطش المجرمين، بينما اشتد عضدها لتصد انهمار البارود المتساقط طوال عقد من الزمن على المدينة وأهلها.
كبرت مأرب بأحلامها، وكبرت في أعيننا، وكبرت آمالنا بمأرب لتكون النواة الجمهورية التي يعيش الناس تحت عدالة إدارتها، وكبر طموحنا بأن تصبح النموذج الذي يخجل بقية المدن التي فضلت الصراع الكلامي على البناء وإعادة جمهورية سبتمبر إلى مفاصلها.
يجرحنا ما يأتي من مأرب حين نسمع خبرًا سلبيًا؛ لأنه لا يليق بالكبار أن يحدث ما يحدث، وهو تحت إدارتهم، فنعاتبهم عتاب من يعرف رجال مأرب ، ونطالبهم مطالبة من يعرف حكمة أولئك القوم، ونصرخ صرخة من يعرف حلمهم.
كبرت مأرب السبتمبرية حتى صار الخطأ فيها ليس كالخطأ في مدينة أخرى؛ لأن مأرب رفعت سقف أحلامنا بالدولة حتى كسبت الرهان، ومازال الرهان قائما، ومازالت مأرب ولادة للحكمة، وولادة للحلم، وللرجال قبل كل شيء.
يقولون سلطان العرادة، فيتوقف الجميع عن الجدل، ويذكرون مراد فيتوقف الصبر أمام ما قدمته هذه القبيلة العظيمة.
ما قدمته مأرب خلال سنوات الحرب من مُثل وإدارة وتضحيات بالدم والمال والحلم، لا يضاهيه أي كرم على الخارطة اليمنية، ولأجل ذلك فإن أي استرخاء هناك سيفقدنا الحلم الأزهى، بأن تكون مأرب ظهرنا السبتمبري الأول الذي نضع عليه أعباء طموحنا بالحفاظ على ما تبقى من جمهوريتنا.
في هذه الفرصة يجب أن ننوه بسرعة استجابة القيادة هناك مع ما يكتب حول بعض الإشكالات، آخرها قصة شهادة الميلاد، والتي نفت قيادة الأحوال المدنية ما دار، وهي دعوة لمراجعة الإشكالية، وفي المقابل نشيد بهذه الإدارة التي أصبحت بدلًا عن إدارة لمارب، إلى إدارة لمحافظات عدة.
مؤخرًا أيضًا ما حدث حول قضية الشخص المتهم بتهديد زوجته بنشر فيديوهات وصور، والذي أعلن أنه تم القبض عليه، وهي خطوة هامة، فلا يعني أن يكون الشخص محتميًا بمأرب ويحق له التجني على آخرين في محافظات أخرى بسبب عدم قدرة وصول الخصم إليه ومقاضاته.
أخيرًا وفي ذكرى ثورتنا العظيمة 26 سبتمبر, نهنئ مأرب التي كانت إحدى أهم أراضي التراب اليمني الذي احتضنن رجال الثورة ودماءهم، ويكفيها فخرًا أنها تحتضن رفاة قائدنا الكبير علي عبد المغني، وحري بها أن تظل الرحم الكبير الذي ستلد منها شرارة استعادة جمهوريتنا كاملة.
كل عام و مأرب أمنا وأملنا الكبير..