“لن نسمح بدخول أي مليشيا إلى مناطقنا”
حمدان الرحبي
كان هذا الشعار البارز لزعماء القبائل في هذه المطارح، فكان القول والفعل هو الواقع الذي فرضوه بقوة عزيمتهم ووحدة صفهم وبأسهم الذي حافظ على مناطقهم من مليشيا الشر والخراب.
مأرب الاسم الذي ظل يتردد -كذبًا لعقود طويلة- بأنها محافظة التخريب والتقطع والاختطاف، أثبتت للجميع في 2015 بأنها محافظة النظام الجمهوري وصانعة النصر الوطني، وقدمت موقفًا تاريخيًا في مواجهة مليشيا الحوثي، ومنع تمددها نحو المحافظات الشرقية والمحاولات الفاشلة للسيطرة على منابع النفط والغاز.
أتذكر حين زرتها لأول مرة في يناير / كانون الثاني 2015، كيف أعلن زعماء القبائل الكبيرة في مأرب الاستنفار القبلي للدفاع عن محافظتهم، وحشدوا آلاف المقاتلين خلال أيام في «مطارح نخلا والسحيل»، على الطريق العام الرابط بين المحافظة والعاصمة صنعاء وظلوا هناك لشهور عديدة بين تراب الصحراء وبردها القارس، ورياحها العاتية، فكونت شخصية المجاهد الجمهوري الذي وقف شامخًا للذود عن مأرب الجمهورية.
لقد أثبت أبناء مأرب وقبائلها ومن معهم من أبناء المحافظات المنضمة لها أن الدولة ليست مؤسسات ومباني ومكاتب مركزية؛ بل ولاء وطني بعمق الوجدان اليمني، وأن الوحدة بين مختلف المكونات- السلطة المحلية والقبائل والمدنيين والعسكريين- هو حائط الصد الأول لأي عدو يفكر في زعزعة أمن المحافظة.
لقد تداعت القبائل بصوت واحد، كبيرهم وصغيرهم، للدفاع عن مناطقهم في الوقت الذي كانت أغلب القبائل والمعسكرات في كثير من المحافظات الشمالية تسلم مناطقها بكل ما فيها من معسكرات ومؤسسات لمليشيا الفوضى والتخريب والإرهاب.
وتميزت مأرب بوحدة صفها وتكاتفها واستغلال أدوات النصر، إضافة إلى حسن تعاملها مع كل الشرفاء من أبناء المحافظات الأخرى لمواجهة الحوثيين، وهو مما عزز من قدرتها على المقاومة وتحقيق الانتصار، بمساندة التحالف العربي لدعم الشرعية الذي قدم دعمًا عسكريًا ولوجستيًا للقبائل، توجت بامتزاج دماء جنود التحالف بدماء المقاتلين في محافظة مأرب لترسم لوحة بطولية عنوانها " كلنا يد واحدة ومصير واحد ودم واحد".