مطارح الصمود والعزة والكرامة
ليزا الحسني
تحل علينا الذكرى العاشرة لمطارح نخلا، وهنا عاد بي الزمن لتلك الفترة من شهر سبتمبر ٢٠١٤، وكل شيء يتداعى وينهار، ليس فقط الدولة وقيم الجمهورية والمواطنة وعجز النخب السياسية والمجتمعية وخيانات الكثير لأنفسهم؛ ولكن أيضا فقدان الأمل ونحن أمام زحف قوى التخلف والرجعية، وكل ما هو ليس منا.
كانت الأخبار تصل إلينا عن المطارح في تلك الفترة، وكنا لا نعي ما هو الذي يمكنها فعله وكل شيء ينهار، ولكن لاحقًا أدركنا أن تلك المطارح شكلت الأرضية لبناء المقاومة، والأرضية الأولى التي لجأت إليها الشرعية، واللبنة الأولى لبناء الجيش الوطني، وكانت المساحة التي استند عليها الأشقاء لمساندة الشعب اليمني.
هذه المطارح التي تشكلت بآليات القبيلة والمجتمع، وبخبرة أهلها التاريخية؛ ذلك المجتمع الذي قرر ألا يخضع، وتسلح بالشجاعة غير آبه بأي نتائج، ولم يصل إليه الخوف، وكانت مطارح الصمود والعزة والكرامة، وكان الدرس الأبرز منها أن المجتمع اليمني هو أقوى من الدولة آنذاك.
اليوم ونحن نحيي الذكرى العاشرة بظروف صعبة تواجه المشروع الوطني واليمن. تمنحنا هذه المطارح الأمل بأن المقاومة سوف تستمر، وأن هذا المجتمع الحي لن ينكسر للدفاع عن قيمه ووجوده.
إن الاحتفال هذه السنة كان مميزًا لأنه يجب الاحتفال بتلك اللحظات التي صنعت الفرق في مسيرة نضال الشعب أمام الكهنوت الحوثي، خاصة وأنه يحاول إعادة صناعة التاريخ والوعي والمسميات، لتكريس وجوده، وتصوير ما يقوم به على أنه ثورة شعب، وجعل من مجرميه أبطالًا وجرائمه بطولات، ويشوه صورة كل من وقف ضده وعارضه، وهو سلوك نمطي لهذه الجماعة المجرمة منذ ألف عام باليمن، ولذلك نحيي اليوم ذكرى أبطال المطارح، أبطال مأرب التاريخ والحضارة والعزة والكرامة الذين صنعوا فارقًا كبيرًا في تاريخ اليمن الحديث، ونمجد كل المقاومين بكل المناطق.