|    English   |    [email protected]

مطارح مأرب العـزة والكرامة

الجمعة 20 سبتمبر 2024 |منذ شهرين
جازم العواضي

جازم العواضي

تخلى المجتمع الدولي عن مسؤولياته، وحُصرت الدولة بكافة مؤسساتها في صنعاء، وتساقطت القوى والقبائل في العاصمة صنعاء وما حولها، في ظل أحداث متسارعة، وداخل ضبابي المشهد، وإقليم متخبط الرؤى والرؤية، وعالم له حسابات أخرى، ولم يقف أحد في حينه في وجه ذلك التيه الوطني والصلف الحوثي، والتآمر والتخاذل من بعض القوى  إلا أبناء مأرب بكافة قبائلها.
تخندق أبناء مأرب للدفاع عن الدولة والجمهورية، ورفعوا علم الجمهورية اليمنية، وانصهرت فيه كل الخلافات والاختلافات.
وضع الجميع خلف ظهورهم الثارات القبلية، والمصالح الشخصية، والولاءات الحزبية، واختلطت الدماء والعرق في ميدان واحد.
كان تاريخ 18 سبتمبر 2014م تاريخًا استثنائيًا، عكس صورة مختلفة عن تلك الصورة النمطية التي عمل على ترسيخها النظام السابق وأجهزته الأمنية والإعلامية في وعي اليمنيين؛ بأن أبناء مأرب مجرد قطاع طرق وجزء من مثلث الشر، ومجتمع لا يقبل فكرة الدولة والحفاظ على مؤسساتها.
كان الجميع يُدرك أن موقفهم سيتطلب التضحيات الكبيرة؛ أولًا لعدم توازن القوى، فالمليشيات الحوثية تمتلك إمكانيات كبيرة من قبل دخول صنعاء وما بعد الدخول فقد أخذوا أسلحة الجيش اليمني كاملة. 
استعد أبناء مأرب للتضحية، ولم يكن لديهم مؤشرات أو توقعات بتدخلات خارجية بالشكل الذي حدث في عاصفة الحزم. 
انتصر الجميع بوحدتهم، وصدق موقفهم، وصدق تضحياتهم، وحافظوا على جميع مؤسسات الدولة، والمنشآت الحيوية. 
والأسماء والقامات الوطنية المأربية التي حضرت في المطارح وما بعدها كبيرة و كثيرة، ومنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، ولا يتسع المقام لذكرهم وذكر فضائلهم، ولكن نخص بالذكر القائد اللواء/ سلطان العرادة، والذي أتذكر أنني في أواخر العام 2014 التقيت به، وقد كان الوقت متأخرًا، وكان للتو وصل من بعض مواقع المطارح، وكانت آثار التعب والإرهاق تلوح على محياه، ولكن -رغم ذلك-كان يعلوها العزة والكرامة والهمة، فقد كان يتفقد المطارح والمواقع بنفسه ويرتبها، ويرص الصفوف، ويوفر الإمكانيات.
نستلهم اليوم من خلال هذا الحدث التاريخي الهام أن بناء الأوطان، وإنقاذها، يحتاج القيادة الصادقة المخلصة، والشباب الواعي، والمجتمع الملتف حول قيادته وشبابه، وهذا ما رأيناه في مطارح مأرب ، كانت القيادة على مستوى الحدث، ولذلك التف حولها الشباب الذي كان واعيًا ومدركًا لخطورة الحدث وحظي الجميع بدعم مجتمعي منقطع النظير، وكانت النتيجة الحتمية هو النصر والتمكين.