مطارح مأرب.. نقطة مضيئة في تاريخ اليمن
محمد اليوسفي
قبل 10 سنوات من الآن، انطلق الناس في مأرب إلى المطارح لملاقاة العدو قبل أن يأتيهم إلى داخل الديار، وكانت خطوة استباقية واستعداد مبكر لحماية القبيلة والمحافظة ومكتسبات النظام الجمهوري ككل.
والمطارح هي فكرة أصيلة في الشأن القبلي، وتحمل في طياتها كثيرا من المعاني، وأهمها صدق ما خرجت إليه القبيلة، والتشبث بالقضية التي من أجلها خرجت، والهدف الذي من أجله خرج القوم. وقد كان خروج قبائل مأرب إلى أطراف المحافظة يعني حالة استنفار؛ أو ما يعرف بإعلان حالة الطوارئ دفاعًا عن الأرض والعرض.
هذه الذكرى غالية على قلوبنا، ولا يمكن أن ننساها، كانت بارقة الأمل الوحيدة التي تبقت للدفاع عن مأرب أولًا ثم عن اليمن.
تحل علينا هذه الذكرى ونتذكر تلك البطولات الخالدة، وذلك الإصرار والتحدي.. نتذكر أن الناس تخلت عن كل شيء يخصها من أجل الدفاع عن الكرامة والعدالة، وحقق الله للناس ما يريدون من أمن واستقرار فيما بعد.
نتذكرها ونتذكر البطولات.. النضال.. التحدي.. المقاومة والاستعصاء.. نتذكر الاستمرار على طريق النضال، ونبقى مستعدين لاستكمال المشروع الوطني. نتذكر الإصرار لمواصلة النضال على مبادئها وأهدافها السامية ومعانيها القيمة. نتذكر أن المواجهة لا بد أن تستمر مع هذه المليشيا التي لا تقبل بالاتفاقيات والعيش المشترك.
هذه الذكرى تجدد فينا الإصرار والاستمرار على طريق النضال، وهي ذكرى خالدة في قلوب اليمنيين، وخاصة أبناء مأرب وكل الأحرار.
كان الوضع عند تأسيس المطارح معقدا وسيئا للغاية؛ لأن المليشيات انقلبت على كل الثوابت الوطنية. غدرت باليمن غدرا لا يمكن لنا أن ننساه. ففي حين اتفق اليمنيون على مخرجات الحوار الوطني والمبادرة الخليجية وآلية نقل السلطة سلميًا، والخروج إلى بر الأمان بالعقلية اليمنية المسالمة التي تقبل ببعضها، غدرت الحوثية بكل هذا.
وكان يوم ٢١ سبتمبر يوما أسودا في تاريخ اليمنيين، لكن أحرار مطارح نخلا وأخواتها فيما بعد مطارح مأرب إجمالًا؛ كانوا مستعدين فخرجوا يوم ١٨ سبتمبر قبل الغدر الذي حصل على اليمنيين، وكانت المطارح هي نقطة مضيئة في تاريخ اليمن الحديث، والموقف الذي لا يمكن أن ننساه، ويجب أن نحتفل به احتفالا يليق به.
أصر الناس على المواجهة، وكان هناك عزم وإرادة وصدق، وصدقت الناس مع بعضها، وكان لديهم خياران؛ إما النصر ودحر هذه المليشيات وطردها من أطراف مأرب، وإما الموت دون مأرب ودون أهدافهم السامية التي خرجوا من أجلها.
وهذا الإصرار تكلل بالصدق والثقة لدى كل الناس، أفرادا وقيادات وتكتلات قبلية وسياسية وعسكرية وأمنية، وكل التكتلات بدعم السلطة المحلية كانت أمرا رائعا في تاريخ مأرب الحديث.
كان هناك إغراءات وإرهاب ومخاوف. وكانوا يهددوا الناس بالواقع وأنكم ستتعرضون للخطر، لكن الناس كانوا مدركين للواقع الذي يتعاملون معه، وكانوا على يقظة واستعداد. هيأ الله نفوسا وقادة وأفرادا، كانوا على مستوى عال من الإدراك والفهم والوعي.
كان هناك علاقة تكاملية بين القبائل والأحزاب والسلطة المحلية والمؤسسة العسكرية، وكانوا على درجة كبيرة من الوعي والإدراك، وكانوا على علاقة مستمرة ولقاءات متواصلة.
وهكذا أصبحت المطارح حاضنة للأحرار من مختلف محافظات الجمهورية مع انكشاف المشروع الحوثي الحقيقي الذي يضمر للبلاد وأهلها الخراب والدمار وسفك الدماء.
وكانت المطارح بمثابة نواة الجيش الوطني ومنطلق معركة استعادة الدولة بدعم الأشقاء في تحالف دعم الشرعية، الذين التحقوا بمعركة العروبة والمصير المشترك، وقدموا أغلى التضحيات جنبًا إلى جنب مع أبناء الشعب اليمني.