يمكن القول ان عجلة الاقتصاد متوقفة في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي، ولا وجه للمقارنة بينها وبين الوضع الاقتصادي في المحافظات المحررة.
السيولة النقدية شبه منعدمة بسبب توقف صرف المرتبات وايضاً بسبب الجبايات المستمرة والدائمة والمبتكرة من قبل عصابة الحوثي لنهب مدخرات المواطنين.
خلال سنوات الانقلاب أجهزت عصابة الحوثي السلالية على الأخضر واليابس ونهبت كل شيء، وحولت حياة الناس إلى سوق سوداء لمراكمة الثروة الخاصة بالجماعة، وبالفعل قضت على ما تبقى من هامش الطبقة المتوسطة ودمرت آليات السوق وأدواته واوقفت دورة الاقتصاد الطبيعية.
قد يسأل سائل ولكن لماذا سعر الصرف ثابت في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي بينما هو غير مستقر في مناطق الشرعية، والجواب ببساطة أن ثبات السعر في مناطق سيطرة الحوثي لا يخضع لآليات السوق القائمة على العرض والطلب وانسيابية عجلة الاقتصاد بقدر ما يخضع للقرار السياسي، الأمر الاخر ان ثبات سعر العملة هو نوع من اللصوصية التي تمارسها عصابة الحوثي بحق المواطنين وتحويلاتهم ومدخراتهم، والدليل أنك لو اردت شراء مبلغ من العملة الصعبة للسفر او العلاج فلن تجد في محلات الصرافة ولن يتم البيع لك، الأمر الاخر ما شاهدناه من تظاهر لمواطنين يطالبون احد البنوك باموالهم، والحقيقة ان مليشيا الحوثي وضعت يدها على اموال المودعين في البنوك وسيفيق الجميع على ازمة طاحنة.
ايضا هناك سؤال مهم: هل يواجه ثبات سعر صرف العملة في مناطق سيطرة الحوثيين حركة تجارية نشطة؟ بالتاكيد لا، فالسوق شبه راكد ما يؤكد أن الثبات في السعر لا تفرضه آليات السوق وانما هو قرار سياسي، على عكس ما هو حاصل في مناطق الشرعية رغم كل الملاحظات إلا ان انتظام صرف المرتبات يضمن استمرار حركة عجلة الاقتصاد ولو في الحد الادنى، وتشهد على ذلك ان معظم التحويلات تتم من المتواجدين في مناطق الشرعية لأهاليهم في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي.
باختصار شديد يمكن تشبيه العملية الاقتصادية ببقرة حلوب، لضمان استمرار إدرارها يجب الاهتمام بها وعلفها بشكل دائم، بينما مليشيا الحوثي لم تكتف بالحلب الجائر بل قضت على البقرة ذاتها، ولذا يمكن القول ان الأزمة الاقتصادية الطاحنة في المناطق المحتلة طالت حتى عصابة الحوثي التي تواجه مشكلة حقيقية في مضاعفة الجبايات بسبب انعدام السيولة من يد المواطن.
وهذا يفسر القفزة غير المحسوبة لمليشيا الحوثي بطباعة فئة 100 ريال، الامر الذي دفع البنك المركزي اليمني لتوجيه ضربة قاضية للمليشيا بقرار نقل مقرات البنوك الرئيسية للعاصمة عدن.
ومن وجهة نظري فإن على البنك المركزي اليمني ان لا يكتفي بتراجع عصابة الحوثي عن طباعة فئة ال100 ريال ليتراجع عن قرار نقل مقرات البنوك الرئيسية، بل عليه ان يضغط لتوحيد العملة وانهاء الانقسام الذي فرضته هذه العصابة، وهذه هي الخطوة الحقيقية لمعالجة الفجوة التي صنعها هذا الانقسام، والفرصة مواتية اكثر من اي وقت مضى.