بران برس - رصد خاص:
في الـ22 مايو/ أيار 1990، أعلن من مدينة عدن (جنوبي اليمن) قيام الوحدة اليمنية، بين الدولتين الشطريتين في الشمال والجنوب، اللتين تشكلتا في ستينيات القرن الماضي عقب ثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر.
وغداً الأربعاء 22 مايو/ أيار 2024، سيكون مرّ على توقيع اتفاقية الوحدة 34 عاماً، حيث يحتفي اليمنيون، بهذه الذكرى وسط استعدادات شعبية لإحيائها في عدد من المحافظات اليمنية، وحراك دولي لإنهاء الحرب الدائرة في البلاد وإحلال السلام.
وفي ظل اختفاء مظاهر الاحتفال بأعياد الوحدة اليمنية، في عدن المعلنة عاصمة مؤقتة للبلاد نظراً لتقديرات وحسابات سياسية، تزايد الدور الشعبي للاحتفال بما يعتبره اليمنيون و“عيد الأعياد الوطنية”.
ورصد "بران برس"، تناولات الناشطين الجنوبيين على منصات التواصل الاجتماعي، للوحدة اليمنية في ذكراها الـ34، والبداية مع الصحفي "فتحي بالزرق" الذي قال: "في ذكرى 22 مايو المجيدة، سلام الله على اليوم الذي توحدت فيه القلوب قبل الأوطان".
وأضاف "لزرق" في تدوينة على منصة “إكس” رصدها “برّان برس”: “في يوم الوحدة أشرقت فيه شمس الحرية، ونُزعت الأغلال من الأرجل، وهدمت أسوار السجون، وولى السجانون الأدبار، وخرج الناس ليقولوا كلمتهم في الوطن الذي حفظ لهم حقوقهم، وصان كرامتهم، ولم يمايز بينهم".
أما الصحفي "أكرم ناصر" كتب قائلاً: "المشكلة ليست في الوحدة اليمنية وقد اثبتت الأيام وخاصة من بعد حرب 2015 ذلك”.
وأضاف في تدوينة على "فيسبوك" أن "كل المزايدين والمطالبين بالانفصال عندما سنحت لهم الفرصة وركبوا على ظهور الآخرين حتى وصلوا إلى المناصب العليا وحازوا الأموال والعقارات والاستثمارات تعدل كل خطابهم، وأن تلك الخطابات الشعبوية الحماسية التي يلهبوا بها عقول أتباعهم البسطاء فضحتها الأيام".
وتابع: "اكتشفنا مع الأيام أن تلك الشلة المزايدة إنما كانت تبحث عن من يشاركها في السلطة والثروة وهذا حق لكل أبناء اليمن بعيداً عن المزايدات، وأثبتت الأيام أن شعارات المزايدين باسم الانفصال والجنوب وفضحتها الأيام وعرتهم وخير دليل واقعنا الذي نعيشه من بعد 2015 إلى اللحظة".
في هذا الاتجاه يقول الناشط "إياد الردفاني" بأنه "لم يكره الناس الوحدة لذاتها، فقد كانت حلم كل الجنوبيين، ولكن كره الناس الوحدة بسبب الأخطاء التي ارتكبت في الجنوب بعد الحرب نتيجة نشوة "النصر"، مضيفاً "لا ننكر أن الاخطاء تلاشت رويدا رويد كلما خفتت نشوة النصر".
وتابع "كان على حاملي مشروع الانفصال من أجل ترغيب الناس بالانفصال تقديم مشروع جذاب للانفصال وتقديم صورة مغايرة تماماً عن تلك الصورة التي كره الناس الوحدة بسببها".
واستدرك بالقول: "ما حدث العكس تماماً، الأخطاء التي ارتكبها حاملو مشروع الانفصال تجاوزت أخطاء الوحدة أضعافاً مضاعفة وبدلاً من ترميم الوحدة الوطنية الجنوبية استأنف صراع الماضي ودمر ما تبقى من النسيج الاجتماعي الجنوبي".
وأشار إلى أن تلك الأخطاء دفعت الناس للمقارنة بين مشروعي الوحدة والانفصال، مضيفاً "لن أجافي الحقيقة ان قلت إن كفة الوحدة اصبحت مرجحة على كفة الانفصال في الجنوب".
إلى ذلك علّق الصحافي "جمال حيدرة" على هجوم شنه ناشطون جنوبيون على تصريح يخص الوحدة، لرئيس أركان الجيش اليمني صغير بن عزيز، بأن الرجل "عبر عن مشاعره تجاه الوحدة اليمنية، وهذا حقه كوحدوي وتلك قناعاته".
وأضاف: "وفي المقابل استنفر بعض الناشطين الجنوبيين حيال هذا التصريح، وقالوا إن أي حديث عن الوحدة يستفز مشاعر الجنوبيين".
وتابع "حيدرة" بالقول: "طيب لهذه الدرجة أصحبت مشاعر الجنوبيين مرهفة وحساسة، وبعدين ماذا عن مشاعرهم تجاه الأزمات والفساد، وكمان كيف مشاعرهم تجاه الجنوبيين في السلطة على اعتبار أنهم ممثلون لليمن الموحد". وقال متسائلاً: "أيش هذا التناقض الصارخ؟".
أما الصحفي "صالح منصر اليافعي"، فقد ذهب للقول بأن "الوحدة اليمنية وجدت لتبقى"، مستدركًا بالقول: "قد يكون هناك بعض الأخطاء التي رافقت الوحدة، لكنها أرحم بكثير من الوضع الذي نعيشه اليوم في ظل هذا الاحتراب والتفكك".
الناشط، "فضل العيسائي" قال إن "الوحدة اليمنية، تعتبر أعظم مشروع عربي تحقق، بقيادة علي عبدالله صالح، وعلي سالم البيض".
وأضاف "نهنئ الشعب اليمني بهذه المناسبة العظيمة في تاريخ العرب، ونسأل الله الأمن والاستقرار واستعادة الدولة تحت عنوان الجمهورية اليمنية".
في المقابل، رصد “برّان برس”، بعض من التعليقات المناوئة للوحدة، والتي اقتصرت على ناشطي المجلس الإنتقالي الجنوبي.
القيادي في المجلس الانتقالي الجنوبي "أنيس الشرفي"، اعتبر في تدوينة له “أن الوحدة ماتت، وأن علي سالم البيض قد قالها في عام 1992".
وأضاف: "وحدة مايو ماتت في مهدها، فأبى أساطين نظام صنعاء أن ينصاعوا لجهود إعادة صياغة تلك الوحدة، وشنوا حرب صيف 1994م، فجاء على إثرها قرار إعلان فك الارتباط، ولا عودة بعد ذلك القرار إلى الوحدة".
من جهته، كتب الناشط "أحمد عقيل باراس": "كلما أردنا أن نقول لماذا لا نعطي الوحدة اليمنية فرصة ثانية تراعي فيها مصالح شعوبها وتعطي استقلالية حقيقية لكل شعب فيها من صعدة إلى باب المندب يخرج لنا بوق ممن كانوا سبباً في كره الناس للوحدة لتذكيرنا بمحاسنها ما يجعلنا نعود لنكفر بها، مضيفاً "اذهبوا أ نتم ووحدتكم ودعونا فلم تعد تعنينا".
ويحتفي اليمنيون، غدا الأربعاء 22 مايو/أيار 2024، بالعيد الـ 34 لإعادة تحقيق الوحدة اليمنية عام 1990 وسط استعدادات شعبية لإحيائها في عدد من المحافظات اليمنية، وحراك دولي لإنهاء الحرب وإحلال السلام.
وفي الـ22 من مايو 1990، توحّد شطرا اليمن، بعد نجاح “ثورة 26 سبتمبر 1962” ضد نظام الإمامة شمال البلاد، وثورة “14 أكتوبر 1963” ضد الاستعمار البريطاني جنوبًا. واعتبرت الوحدة اليمنية تتويجاً لنضالات الشعب اليمني ضد الاستبداد والاستعمار، وتحقيقًا لتطلعاته في الحياة والاستقرار بعد سنوات من الانقسام.
ويأتي احتفال الشعب اليمني بالذكرى الـ34 للعيد الوطني للجمهورية اليمنية (22 مايو 1990)، في ظل أزمة إنسانية هي الأسوأ في العالم، وفق وصف الأمم المتحدة، مع استمرار الحرب للسنة العاشرة على التوالي، وظهور دعوات للارتداد عن الوحدة الوطنية.
كما تأتي على وقع تحركات إقليمية ودولية وأممية حثيثة لدفع الأطراف اليمنية لتوقيع اتفاق لإنهاء الحرب، والتمهيد لسلام دائم وشامل في البلاد.