تقرير خاص أعده لـ“بران برس” - إسحاق الحميري:
كثفت جماعة الحوثي المصنفة دوليًا في قوائم الإرهاب، الأسبوع الفائت هجماتها بالصواريخ والطائرات المسيّرة تجاه سفن الشحن التجارية في البحرين الأحمر والعربي وخليج عدن، بطريقة غير مسبوقة منذ بدء هجماتها البحرية في نوفمبر/تشرين الثاني الفائت.
ويأتي هذا التصعيد، الذي طال أيضا عدد من المدمرات الأمريكية، على وقع قرارات غير مسبوقة اتخذها البنك المركزي اليمني في 30 مايو/ أيار المنصرم، قضت بإيقاف التعامل مع 6 من بنوك ومصارف يمنية لعدم نقل مراكزها الرئيسية من صنعاء إلى عدن، وهو ما اعتبر ضربة كبرى تهدد جماعة الحوثي التي تسيطر على قرارات هذه البنوك في صنعاء.
ومع توسّع الهجمات البحرية، وتأثير تداعياته على تكاليف التأمين البحري، وتفاقم الأزمة الداخلية في اليمن، تزايدت الأسئلة حول دوافع وأسباب استمرار الجماعة في هذا التصعيد وما إذا كان له علاقة بالقرارات الأخيرة.
ويرى “إبراهيم جلال”، وهو باحث غير مقيم بمركز كارنيغي للشرق الأوسط للدراسات الأمريكي، أن تصعيد الحوثيين في البحر الأحمر “مرتبط بأهدافهم المرحلية مع محور إيران، فضلاً عن وصول معدات عسكرية ولوجستية خلال الأسابيع الماضية".
وعن علاقة التصعيد بقرارات البنك المركي، يقول “جلال” في حديث خاص لـ“بران برس” إنه “لا توجد بالضرورة علاقة مباشرة بين هذا التصعيد وقرارات البنك”.
ووفق “جلال” فإنه “يمكن أن ينظر له من جهة كوسيلة حوثية للتعبير عن الامتعاض من الموقف الأمريكي الداعم للحكومة اليمنية في الوقت الراهن بالنظر لاستهداف المدمرة ايزينهاور”.
من جانبه، يقول رئيس مركز أبعاد للدراسات عبدالسلام محمد، لـ“برّان برس” إن التصعيد الحوثي في البحر الأحمر له “هدف يتعلق بالحركة الحوثية في الداخل وفي الخارج".
ويتمثل الهدف الداخلي، وفق ”عبدالسلام”، بدرجة رئيسية، في “حالة التشظي التي تعاني منها الحركة الحوثية وارتفاع صوت معارضيها، وأيضًا كما هربت في بداية الحرب استغلت القضية الفلسطينية للهروب من موضوع المرتبات، وهي الآن تريد أن تستمر هذه الحالة من أجل الحفاظ على معنويات مقاتليها واتباعها".
ووفق “عبدالسلام” فإن الجماعة “تحاول إظهار انشغالها بقضايا إقليمية ودولية كبيرة أكثر من القضايا المحلية هروبًا من القضية الاقتصادية بدرجة رئيسية”.
ويتمثل الهدف الثاني، وفق الباحث عبدالسلام، في محاولة الحوثيين “إظهار قدرتهم على مواجهة القوات الأمريكية والبريطانية في البحر الأحمر، وإرسال رسالة لحلفائه الإيرانيين أنه لا زال قوي ومتمكن”.
ويرى أن توقف الحرب في غزة “كارثة كبيرة بالنسبة للحوثيين لأنهم لا يستطيعون تغطية الفراغ الداخلي، الذي يغطونه حاليًا بالقضية الفلسطينية".
واستبعد “عبدالسلام” علاقة هذا التصعيد بقرارات البنك المركزي، فباعتقاده أن “الحوثي يريد الرد على هذه الإجراءات برد عسكري أكثر من كونه اقتصادي؛ لأن الحوثي يستعد أصلًا للحصول على أوراق اقتصادية جديدة خاصة ما يتعلق بالنفط في مأرب وبالغاز في شبوة.
وأضاف أنه “قبل قرارات البنك المركزي كانت أغلب قواته تستعد للهجوم على صافر ومناطق بيحان شبوة” مضيفًا أن الحوثي حاليًا “يستجمع كثير من قواته على الحدود السعودية للقيام ببعض الفوضى والعمليات لدفع السعودية للضغط على مجلس القيادة للتراجع عن الإجراءات البنكية.
وفيما يتعلق بقرار الحرب، يقول “عبدالسلام” إن الحوثي يحاول السيطرة على مناطق النفط والغاز إلا أنه لا يزال يخاف ”ردة فعل السعودية”، ويحاول من خلال مفاوضاته معها (السعودية) للضغط على الحكومة اليمنية للتراجع عن هذه القرارات.
ومنذ نوفمبر/تشرين الأول الماضي، تشن جماعة الحوثي هجمات بالصواريخ والطائرات المسيّرة تجاه سفن الشحن التجارية في البحر الأحمر، أدت إلى زيادة تكاليف التأمين البحري، ودفعت العديد من شركات الشحن إلى تفضيل الممر الأطول بكثير حول الطرف الجنوبي للقارة الأفريقية.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2023، شكلت الولايات المتحدة الأمريكية، الحليف الرئيس لإسرائيل، تحالفًا متعدد الجنسيات، لحماية حركة الملاحة البحرية من هجمات الجماعة المصنفة في قوائم الإرهاب، في حين تنفذ القوات الأمريكية، بين الحين والأخر ضربات ضد أهداف عسكرية تابعة للحوثيين.