بعد ثورة التكنلوجيا التي ولدت من رحمها مواقع التواصل الاجتماعي ومن قبلها الفضائيات والصحف .. وحيث ان مسقط راس تلك الثورة العملاقه كان ولحكمة يعلمها القدر في غرب الكوكب لا في شرقه والذي اصبح "صانع الثقافات ومصدرها"، او هذا ما يصوره اعلامنا العربي..
وعليه فلقد انتهج الاعلام العربي نهج المتتلمذ الذي اتقن كل صفات التلمذة.. ما عدا التخرج والاعتماد على نفسه في صنع الحدث واتباع سياسته ورؤيته الخاصة. ولعل من الأسباب كذلك هو تبعية الحكام العرب العمياء لقادات الغرب وفلسفتهم في التعامل مع مجمل القضايا المعاصره..
والذين اثروا بدورهم على الاعلام الهش والمقلد أصلا لإعلام الغرب. وهكذا تطورت التبعية حتى صار اعلامنا العربي لا يرى الا بعدسة الغرب ولا يصنع الحدث الا على سياستها، ينحاز بانحيازها وينجرف مع مياهها..
ولعل المراقب للكثير من التغطيات للقنوات العربيه ومواقعها تجاه كثير من القضايا والتي كانت من قبل ثوابت مواضيعها الوطنيه،، واصبحت في عشية وضحاها مواضيع الماضي بل صارت الدعوات قويه على نفس تلك الوسائل للتجرد منها ومواكبة الحال!!!)). تحول يفقد المصداقيه ويسيء للمهنيه.
ويضع الكثير من القضايا موضع الشك عن ماهية حقيقتها واحتمالية زيفها.
وكسلطة رابعه فقد اصبح الاعلام سلاح بيد الدول تطبق عليه سياستها التابعه أصلا لبروتوكولات غربيه، كما اسلفنا القول. ولعل ما شغل الراي العام منذ فتره، كيف انقسمت القنوات العربيه ومواقعها وكل اجندتها الى فريقين كل فريق يشيطن الاخر. وانقسم على ذلك العامه الى معسكرين لسياسات لا يعرفون لها بُعد ولا يدركون لها كنه. الا ان الحاكم س او القناه التابعه للدوله س قد وقفت موقف الضد تجاه دولة ما..
وبعد تقارب طفيف لوجهات النظر وسياسات تلك الدول، انقلبت معها تلك القنوات 180 درجه، الامر الذي افقد الكثير من القنوات بالفعل مصداقيتها ومهنيتها.. بين كل فئات المجتمع.
فالازدواجيه في الاعلام ليس لها الا تفسير واحد ( انعدام المهنيه).
فقد يكون التمسك براي ومنهجيه واحده وان كانت منحازه انقى من التخبط في براثن الاجندات والتبعيه. وقد لا تخلوا وسيلة اعلام من الانحياز لطرف معين او سياسة تراعيها تلك الوسيله. الا ان الانجرار الإعلامي الاعمى لتطبيع مفاهيم واجندات تتبع انظمه او سياسات تتبع بدورها موجهات لا تمت لا للقوميه العربيه ولا دينها ولا هويتها في شيء، وصمة عار في تاريخ تلك الوسائل.
قد يقول القارئ العادي ان هناك قسوه في انتقاد أداء اعلامنا العربي، الا ان المراقب يعرف المفارقه الكبيره التي صنعها الاعلام لبعض المفاهيم. مستغلا في ذلك كون المجتمع العربي متلقي اكثر منه منتقد او يعزوا الأمور منطقها ويبحث عن الحقيقه.. ما سهل عليها مهمة العماله بإظهار انصاف الحقائق وتلفيق انصافها الأخرى وما يناسب أهدافها.. او صنع احداث ليست موجوده ، الا في مسودات مطابخهم الخاصه.
وللقارىء ان يلاحظ المفارقه بين حرية الاتجاه لدى الاعلام الغربي.
والاتجاه الاجباري الذي يتبعه الاعلام العربي.. فالحاكم العربي معبود وكلامه مقدس واوامره لا تقبل الرد او المناقشه.. فالشك فيه كفر،، والتافف منه جريمة . والحكومات على فسادها وفشلها ينقلها الاعلام على انها صانعة المعجزات ومحققة الامال والطموحات.. ولايجوز باي حال من الأحوال او تحت أي ظرف من الظروف التقليل من إنجازاتها او تفانيها في أداء "واجباتها". بينما كل حكومات الدول المتقدمه تخضع لكل الرقابات..
وليس حتى رؤساء تلك الدول في معزل من الرقابه والمحاسبه. كذلك نرى في دول متقدمه كيف تستقي الصحافه مجمل معلوماتها من مصادرها المستقله ومن أجهزة الدوله المختلفه التي أصبحت حتى في متناول الجميع.
كل هذه الخدمات الجباره تنظر اليها تلك الدول من واجباتها تجاه المواطنين وليس منة او صدقه عليهم.. لكي ترسخ مبدا الشفافيه ..المبدا الذي ليس في قواميس الحكومات العربيه لا شكلا ولا مضمونا. لان مسؤولوينا للأسف يتعاملون مع مناصب الدوله كـاملاك خاصه يحاولون من ورائها التربح والاثراء حتى التعيينات في اطارهم ليست الا عبر المحسوبيات والوجاهات، وكأن منصب الدوله خلق له لا شريك له فيه.
وقدم نفسه للمواطن بانه هو الوطن والدين والهويه.. ولأن لا نجاح ولا انجاز ولا خدمات ولا ولا ولا.. فقد اتخذوا وسائل الاعلام العربية ابواق تسبح بحمدهم ليل نهار.. بإنجازات وهميه في كلمات منمقه وشعارات زائفه لا يرى ولا يلمس المواطن منها شي..
ورغم ذلك فان المواطن مجبر على الثناء والتمجيد وتصديق الوهم والا فان خانات العملاء والمخربين لا تمتلئ.
وهذه هي وسائل الاعلام التي شبت وشابت عليها الشعوب العربيه..
لقد وقفت كبرى وسائل الاعلام الامريكية في وجه رئيس كبرى دول العالم ووصل الامر حتى اتهمته بالهستيريا والفشل وعدم الاتزان وغير ذلك، فقابل الحجه بالحجه والتقارير بالتصاريح،، في صورة ادهشت العالم عن مدى سلطة وحصانة الاعلام ونفوذه ومكانته.. لم يقفل قناه ولم يقتل ولم يسجن معارض ورغم ذلك فقد صنف من أسوأ رؤساء الولايات المتحده.
كل هذا واكثر .. ولا يستطيع الاعلام العربي في اقتفاءه الأثر بالإثر لتلك القنوات الا تقليد البرامج الهابطه وسياسة تمييع الثوابت وجرف الهويه.. علاوة على ذلك تفرد اعلامنا العربي بالازدواجية والتبعية التي تعتبر آفة الاعلام الحر والمستقل ودلالة فقدان المهنية.