برّان برس - وحدة التقارير:
أصدر البنك المركزي في مدينة عدن المعلنة عاصمة مؤقتة للبلاد (جنوبي اليمن)، الأربعاء الماضي 26 يونيو/حزيران، قراراً بوقف العمل بشكل كلي ونهائي بشبكات الحوالات المالية المحلية المملوكة للبنوك والمصارف أو شركات ومنشآت الصرافة العاملة في الجمهورية.
وطبقًا لنص القرار الذي نشره الموقع الرسمي للبنك، واطلع عليه “برّان برس”، شدد على البنوك والمصارف وشركات الصرافة المعنية تصفية العمليات المعلقة في شبكات الحوالات التابعة لها خلال فترة خمسة عشر يوماً من التاريخ المحدد في المادة 2 من هذا القرار.
وحذر القرار في مادته الرابعة من إتخاذ البنك المركزي كافة الإجراءات القانونية اللازمة بما في ذلك سحب الترخيص ووقف النشاط وتطبيق الغرامات المالية المناسبة بحق البنوك والمصارف وشركات ومنشآت الصرافة ووكلاء الحوالات المخالفة لهذا القرار أو التعليمات المنفذة أو الصادرة بموجبه.
ويأتي القرار بعد سلسلة قرارات سابقة، في إطار جهود البنك للتعامل مع التحديات التي يواجهها النظام المالي اليمني والذي تأثر بانتهاكات جماعة الحوثي المصنفة دوليًا في قوائم الإرهاب، حيث أدى انقسام البنك المركزي إلى فرعين، أحدهما في صنعاء تحت سيطرة الحوثيين والآخر في عدن المعترف بها دوليا، إلى خلق انقساما اقتصاديًا أعاق استقرار الريال اليمني.
وتلقى قرارات البنك المركزي استحسانًا واسعًا من قبل المراقبين الاقتصاديين والخبراء، الذين اعتبروها خطوة ضرورية لكسر قبضة مليشيا الحوثي على القطاع المالي وتحقيق الاستقرار الاقتصادي في اليمن.
وعن أهداف وأهمية القرار الأخير بحظر الحوالات الداخلية، لفرض التعامل مع الشبكة الموحدة الخاصة بالتحويلات المالية، التي أسسها في فبراير/شباط الماضي؛ بهدف ضبط عمليات التحويل المالي، وإمكانية تطبيقه، وانعكاساته على الوضع المصرفي والإقتصادي، تحدث “برّان برس”، لعدد من المحللين والمختصين في الشأن الإقتصادي.
الخبير الاقتصادي، وحيد الفودعي، قال إن "إلزام البنوك والمصارف وشركات الصرافة، بإيقاف العمل بشبكات الحوالات المالية المحلية الخاصة بها والاعتماد على شبكة موحدة للتحويلات المالية (UNMONEY)، وتنظيم عمليات التحويلات المالية، يهدف إلى زيادة الشفافية والمراقبة على التحويلات المالية."
وأضاف “الفودعي” في حديث لـ“برّان برس”، أن القرار سيساهم في "مكافحة غسيل الأموال، وتسهيل الرقابة من قبل البنك المركزي وقد يساعد في تقليل الأنشطة المالية غير القانونية، وتحسين كفاءة النظام المالي، بإجبار المؤسسات على استخدام شبكة موحدة، والقضاء على عمليات المضاربة بالعملة التي تتم عبر الشبكات مما يساهم في استقرار سعر الصرف".
وحول تأثير القرار على تحويلات المواطنين سلباً أو إيجاباً، قال الفودعي، أنه “سيكون له تأثير إيجابي من حيث زيادة الشفافية والسرعة في التحويلات، وتحسين الثقة في النظام المالي، ومن الناحية التأثير السلبي المحتمل”، مشيرًا إلى أن المواطنين قد يواجهون تأخيرًا أو صعوبة في التكيف مع النظام الجديد في البداية”.
وعن إمكانية تطبيق القرار على أرض الواقع، قال “الفودعي”، في حديثه لـ"بران برس"، أنه يعتمد على عدة عوامل تشمل "البنية التحتية التقنية، وهي توافر وتطوير التكنولوجيا اللازمة لتشغيل الشبكة الموحدة بكفاءة، التعاون والامتثال ومدى استعداد البنوك وشركات الصرافة للتعاون مع البنك المركزي والامتثال للقرار، توفير التدريب والدعم الفني للموظفين والعملاء لضمان سهولة الانتقال للنظام الجديد”.
وعن آلية عمل الشبكة الموحدة (UNMONEY)، بين “الفودعي”، أن الشبكة "منصة مركزية يتم إدارتها ومراقبتها من قبل البنك المركزي، وتوحيد جميع عمليات التحويل المالي المحلية عبر منصة واحدة، ومراقبة مستمرة من البنك المركزي على العمليات لضمان الامتثال وتقليل الأنشطة غير القانونية، وتقديم تقارير دورية للبنك المركزي حول التحويلات المالية”.
وأشار إلى أن "القرار يحمل إمكانيات كبيرة لتحسين النظام المالي والاقتصادي في اليمن، ولكنه يتطلب تعاونًا وتنسيقًا مكثفًا لضمان نجاح التطبيق وتحقيق الأهداف المرجوة، كما يهدف إلى تعزيز الشفافية ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وخفض تكاليف التحويلات المالية، وتحسين كفاءة القطاع المالي بشكل عام".
الصحفي الاقتصادي، وفيق صالح قال إن "هذه الخطوة تأتي في إطار تعزيز سيطرة البنك المركزي على حركة التحويلات المالية الداخلية وتعزيز الرقابة على النشاط المالي والمصرفي في عموم البلاد”.
وذكر “وفيق”، في حديث لـ“برّان برس”، أن "هناك الآلاف من شبكات التحويلات المالية معظمها كانت تعمل خارج رقابة البنك المركزي، وهذه الشبكات تستحوذ على النسبة الأكبر من حركة التحويلات المالية،غ ويجري استخدامها من قبل المضاربين في المضاربة بالعملة والتأثير على قيمة الريال اليمني”.
ولفت إلى أن "البنك المركزي “أطلق قبل فترة قصيرة شبكة التحويلات المالية الموحدة، لتكون بديلة عن هذه الشبكات، وأشرك الكثير من البنوك ومنشآت الصرافة فيها، بحيث تكون مجمل الحركة المالية تحت رقابة وإدارة البنك المركزي، وهذا يفوت أي فرصة على المضاربين للتلاعب بأسعار الصرف”.
"وستكون هذه خطوة متقدمة في إطار تنظيم حركة التدفقات المالية بين المحافظات، وستعمل على سحب كتلة كبيرة من السيولة إلى القطاع البنكي، بدلاً عن السوق السوداء التي تعمل خارج تعليمات البنك المركزي"، بحسب وفيق.
بدوره، يقول الصحفي المختص في الشأن الإقتصادي، نجيب العدوفي، إن القرار “يأتي في إطار مهام ومسؤوليات البنك المركزي التي تخلى عنها خلال سنوات الحرب، وهذا يعني أن البنك المركزي بعدن سيتمكن من السيطرة على القطاع المصرفي وسيتمكن أيضا من الرقابة في ظل اشرافه على شبكة التحويلات الموحدة."
وأضاف “العدوفي” في حديث لـ“برّان برس”، أن هذا القرار "سيمنح البنك المركزي معرفة المعروض النقدي بالعملات الأجنبية والمحلية، ومعرفة الطلب في السوق على العملات الصعبة وحجم التحويلات المالية، إلى جانب أن ذلك سيسهم في تقليص أعداد شركات ومحلات الصرافة التي ولدت في ظل الحرب، وأغلبها غير قانونية”.
وسيحد القرار، وفق العدوفي، من “شبكات التحويلات الوهمية والتي تمارس تحويلات مالية تفوق رأس مالها وليس لديها مبالغ نقدية وتبقي على التحويلات معلقة”، لافتًا إلى أن القرار وفق المهلة المحددة “سيجبر تلك الشبكات الوهمية على التوقف وسيحد من المضاربة في سوق الصرف."
وفيما يتعلق بالتحويلات المالية، قال العدوفي، إن "جماعة الحوثي منعت التعامل مع الشبكة الموحدة المعلن عنها من قبل مركزي عدن، وهي تسعى إلى تعقيد العملية وكما أسهمت في فرض التعامل بعملتين مختلفة في الحجم والقيمة وتسبب ذلك في مضاعفة رسوم التحويلات الداخلية”.
واستدرك: “لكن في حال واصل مركزي عدن المضي في قراره فإن الحوثيين سيتراجعون عن منع التعامل مع الشبكة الموحدة من أجل استمرار تدفق الأموال إلى مناطق سيطرتهم خاصة في ظل أزمة السيولة من النقد المحلي والأجنبي”.
وأشار في حديثه لـ"بران برس"، أن مركزي عدن “يمتلك الصفة القانونية وما عداه لا يمكنه أن ينازعه دوره ومسؤولياته، ويتطلب ذلك وقوف الحكومة إلى جانبه وأن يحضر القرار السياسي وأن تتوقف التدخلات الخارجية”.
وأردف: "ذلك سيسهم في حماية القطاع المصرفي وانهاء الاختلالات والحد من المضاربة بالعملات وسيمكن البنك من معرفة حجم المعروض النقدي المحلي والأجنبي وسيكون هناك آثار ايجابية على الاقتصاد وقيمة العملة وتوحيد السياسة النقدية، لكن تلك النتائج لا يمكن أن تظهر في ليلة وضحاها وإنما تحتاج إلى وقت خاصة في ظل الحرب المستعرة ضد هذه الإصلاحات".
وكان البنك المركزي بعدن قد وجه كل البنوك التجارية وشركات الصرافة بضرورة التعامل مع الشبكة الموحدة الخاصة بالتحويلات المالية، التي أسسها في فبراير/شباط الماضي؛ بهدف ضبط عمليات التحويل المالي.
ويواجه اليمن أزمة نقدية خانقة مع تفاقم اضطراب العملة المحلية حيث سجل سعر صرف الريال أدنى مستوى له أمام العملات الأجنبية في عدن ومناطق الحكومة اليمنية، حيث تجاوز سعر الدولار الواحد 1800 ريال، بعد أن كان في أواخر أبريل المنصرم بـ 1676 ريالا، في حين سجل الريال السعودي 477 ريالا للبيع أيضًا بعد أن كان بـ441 ريالا.
كما يواجه الاقتصاد اليمني تحديات قاسية، جراء الانقسام النقدي الذي فرضته جماعة الحوثي المصنفة عالمياً في قوائم الإرهاب، وزادت حدة التحديات عقب قصف الجماعة لموانئ تصدير النفط في أكتوبر/ تشرين الأول، العام الماضي، ومنع الحكومة ال معترف بها دوليًا، من تصديره.