برّان برس - وحدة التقارير:
انطلقت في العاصمة العمانية مسقط، الأحد 30 يونيو/حزيران 2024، جولة مفاوضات جديدة بين الأطراف اليمنية، بدعم من الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر، بشأن ملف المختطفين والأسرى.
ويأتي انعقاد هذه الجولة من المفاوضات وسط مخاوف من إمكانية فشلها، خاصة مع رفض جماعة الحوثي المصنفة عالميًا بقوائم الإرهاب تنفيذ التزاماتها في الاتفاقات السابقة بشأن المختطفين والأسرى وخصوصًا السماح بزيارة السياسي محمد قحطان، المخفي قسريًا في سجون الجماعة منذ 9 سنوات.
واتهم الوفد الحكومي، في تصريحات سابقة، جماعة الحوثي بتوظيف قضية السياسي محمد قحطان، المشمول بالقرار الأممي 2216، كورقة سياسية للضغط على الأمم المتحدة والمجتمع الدولي والحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، حيث ترفض حتى الكشف عن مصيره منذ اختطافها له في 4 أبريل 2015.
وفي كلمته في افتتاح جولة مفاوضات مسقط، اليوم، ربط رئيس الوفد الحكومي المفاوض "يحيى كزمان"، نجاح المشاورات بالكشف عن مصير السياسي محمد قحطان.
وبيّن “كزمان” أن من مساعي المشاركة "إطلاق سراح ومبادلة السياسي محمد قحطان" الذي قال إنه "يعتبر عائقاً أساسياً يجب حل موضوعه ومن ثم الانتقال إلى إجراء أشمل وإغلاق هذا الملف الإنساني بإخراج كافة المحتجزين والمختطفين لدى جميع الأطراف دون استثناء".
السياسي محمد المخلافي، وزير الشؤون القانونية السابق، قال إن “إطلاق الأسرى يمر بعملية طويلة ومماطلة منذ عام 2015، وحتى يومنا هذا. وتوصلت الجهود المبذولة من قبل السلطة الشرعية والوسطاء الدوليين إلى إطلاق الشخصية الوطنية محمود الصبيحي ورفاقه، واستثني من القائمة محمد قحطان الذي اعتقل من منزله ووضع في حالة اختفاء قسري منذ عام 2015”.
وأضاف في تصريح لـ“بران برس” أنه "في كل جولة مفاوضات لإطلاق المحتجزين أو المعتقلين، يتم الاتفاق على إطلاق سراح الجميع وفقًا لمبدأ الكل مقابل الكل، غير أنه في كل مرة يتم التنصل عن هذا المبدأ وإطالة معاناة المعتقلين وعوائلهم، سواء كانوا لدى المتمرد الحوثي أو لدى الشرعية”.
وهذا الأمر، وفق المخلافي، “يستوجب على السلطة الشرعية التمسك بالمبدأ المتفق عليه الكل مقابل الكل، وأن يشمل بالضرورة المعتقلين السياسيين وعلى رأسهم الأستاذ محمد قحطان”.
وبحسب المخلافي، غإن “قحطان يستحق من الدولة التي اعتقل بسبب دفاعه عنها، ومن المجتمع المدني، والأحزاب السياسية، ومنظمات غير حكومية جهدًا أكبر للكشف عن مصيره وإطلاق سراحه”، معتبرًا هذا الجهد “عرفانًا لما بذله من جهد من أجل إنهاء الصراع والخلاف بين القوى والأحزاب السياسية، وفي سبيل الانتقال إلى المجتمع المدني، ومن أجل بناء الدولة المدنية”.
وقال إن السياسي قحطان، “كان له، إلى جانب رفيقه جار الله عمر، الجهد الأكبر الذي نتج عنه مصالحة سياسية بين معظم الأحزاب اليمنية وإقامة 'اللقاء المشترك' الذي مثل تجربة فريدة في العالم العربي”.
وأضاف “المخلافي”، أن “إطلاق سراح المعتقلين، سواء كانوا سياسيين أو عسكريين، واحدًا من إجراءات بناء الثقة التي يجب أن تشمل تحقيق هذا الإجراء كحزمة واحدة دونما تجزئة، إلى جانب تنفيذ الاتفاقات السابقة، وفي المقدمة اتفاق ستوكهولم بكل جوانبه”.
وأضاف أن “الاتفاق على المبادئ التي ستحتكم إليها الفترة الانتقالية ودولة المستقبل، وفي مقدمتها مبدأ المواطنة والمساواة وعدم التمييز لأي سبب من الأسباب، واحترام التعددية السياسية والحزبية، والتداول السلمي للسلطة، وعودة المشردين إلى منازلهم واستعادة ممتلكاتهم، وغيرها من عوامل الثقة التي يجب أن تسبق الإقدام على التسوية الشاملة”.
من جانبه، يرى الباحث السياسي حسين الصوفي، أن “ملف التبادل يعتبر من الملفات التي تم إنجازها في 2018”.
وأضاف الصوفي، في تصريح لـ“بران برس”، أنه “كان يُفترض بالحكومة أن تعيد النظر في آلية التفاوض بشكل عام وتضع استراتيجية وطنية لهذا المسار، حتى لا تسمح للمليشيا بتوظيف ملف المختطفين واتخاذه ورقة للضغط من أجل تحقيق مكاسب سياسية”.
ولهذا، يقول الصوفي، إن “التوقعات منخفضة بالنظر إلى المعطيات المحلية والإقليمية والدولية”.
وبشأن قضية قحطان، يقول “الصوفي” إنها “قضية وطنية بامتياز، وذات طابع إنساني”. وفوق هذا يقول إنها “تستند إلى نص لقرار مجلس الأمن 2216 بسرعة الإفراج عنه دون قيد أو شرط”.
ووفق “الصوفي”، فإن “ما تمارسه مليشيا الحوثي بحق قحطان جريمة ضد الإنسانية، وجريمة مركبة، أولًا بارتكاب جريمة الاختطاف والإخفاء، وثانيًا بقطع التواصل مع أسرته وتغييب أي معلومات عنه طوال تسع سنوات، وثالثًا بتوظيف هذه الجريمة سياسيًا وعلى طاولة الأمم المتحدة”.
وانتقد “الصوفي” ما أسماه “جريمة أن يتم السماح للمليشيا بمجرد النقاش والابتزاز في هكذا جرائم تعتبر أهم أولويات الأمم المتحدة التي أُنشئت من أجل منع هكذا جرائم بشعة تمس الإنسانية جمعاء”.
واعتبر “الصوفي”، في حديث لـ“برّان برس” أن قضية قحطان “ملف رابح للحكومة”. مشدداً على ضرورة أن “تتمسك به بشكل قاطع، ولديها خيارات فعّالة تستطيع إنجاز تقدم لو توفرت الإرادة والحنكة في الأداء”.
وعن توقعاته، قال إن “الملف اليمني متداخل ومعقد، محليًا وإقليميًا ودوليًا، وهو ما يجعل كل الخيارات مفتوحة والتوقعات أيضًا”.
الباحث “الصوفي”، حذّر الأمم المتحدة من “التورط في شرعنة جريمة اختطاف وإخفاء الأشخاص، والقبول باتخاذهم رهائن لتحقيق مكاسب سياسية”.
وقال إن “مسؤوليتها (الأمم المتحدة) الضغط من أجل تنفيذ قوانين الحرب والقوانين الإنسانية واتفاقيات حماية حقوق الإنسان وحرياته”.
من جانبه، قال الباحث والدبلوماسي السابق مصطفى ناجي، إن جولة المفاوضات في مسقط “سوف تنعقد بضغط خارجي دون توفر شروط نجاح”.
وعن قضية قحطان، أوضح “ناجي”، في تصريح مقتضب لـ“بران برس” أنه ما يزال “الحلقة المفصلية، ولن يقدم الحوثيون تنازلًا مباشرًا بشأنه”.