نظام الأقاليم في اليمن هو جزء من مشروع الدولة الاتحادية الذي اقترحه مؤتمر الحوار الوطني في عام 2014، بهدف تقسيم اليمن إلى ستة أقاليم ضمن إطار دولة اتحادية. ومع ذلك، لم ينجح هذا النظام لعدة أسباب متشابكة ومتداخلة ومنها :
1. التحديات السياسية والأمنية:
فاليمن شهد تاريخاً طويلاً من الصراعات الداخلية والانقسامات القبلية والإقليمية مما جعل من الصعب تطبيق نظام إتحادي يعتمد على توزيع السلطة. وأيضاً عانت اليمن من انقسامات داخلية كبيرة بين الشمال والجنوب، وبين المناطق القبلية والمناطق الحضرية. هذه الانقسامات جعلت من الصعب الاتفاق على كيفية تقسيم البلاد إلى أقاليم بطريقة عادلة ومقبولة من الجميع. وهذا وبالإضافة إلى وجود معارضة سياسية قوية من بعض الأطراف السياسية والقوى القبلية للنظام الاتحادي، حيث رأى البعض أن هذا النظام يمكن أن يضعف نفوذهم. وبعد فترة قصيرة من اقتراح نظام الأقاليم، اندلعت حرب أهلية بين الحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا والحوثيين. هذه الحرب أدت إلى انقسام البلاد وتعميق الصراع السياسي، مما جعل تنفيذ النظام الإقليمي مستحيلًا في ظل هذه الظروف الراهنة.
2. التحديات الاقتصادية:
أن اليمن يعتبر من أفقر الدول في المنطقة، والتي تعاني من معدلات بطالة عالية وتدني مستوى التنمية البشرية. وأيضاً العديد من الأقاليم تعاني من نقص كبير في البنية التحتية الأساسية، مما يجعل من الصعب تطبيق نظام اتحادي فعال. وبالإضافة إلى أن هناك مخاوف من أن تقسيم البلاد إلى أقاليم سيؤدي إلى عدم توازن في توزيع الثروات، حيث قد تكون بعض الأقاليم أكثر ثراءً بالموارد الطبيعية مثل النفط والغاز، مما قد يخلق المزيد من التوترات بين الأقاليم المختلفة. حيث أن هناك مخاوف من عدم التكافؤ في توزيع الموارد، لأن نظام الأقاليم قد يؤدي إلى تركز الثروة والموارد في مناطق معينة على حساب مناطق أخرى، مما يزيد من التفاوت الاقتصادي والاجتماعي. كل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة تجعل من الصعب إنشاء أقاليم قوية قادرة على الحكم الذاتي والتنمية.
3. التحديات الاجتماعية والثقافية:
اليمن بلد يتميز بتنوع ثقافي ولغوي كبير، ومع وجود تقاليد قبلية قوية، فإن إقامة نظام إقليمي قد يؤدي إلى تعزيز الهويات الفرعية على حساب الهوية الوطنية. بالإضافة إلى ان ضعف النظام التعليمي والبنية التحتية في العديد من مناطق اليمن يجعل من الصعب تطوير قدرات الحكم الذاتي في الأقاليم المقترحة.
4. التحديات القانونية والإدارية:
تعاني اليمن من التعقيدات البيروقراطية، فأن وجود جهاز إداري مركزي ضخم ومعقد، يعوق عملية التحول إلى نظام اتحادي. وإن تنفيذ نظام الأقاليم يتطلب وجود بنية تشريعية وإدارية قوية تدعم هذا التحول. في ظل غياب استقرار سياسي وتشريعي، يصبح من الصعب تطبيق هذا النظام بشكل فعال. والتحدي الأكبر الذي يعوق من تقدم ونهضة وإستقرار الدول هو الفساد، حيث تعاني اليمن من انتشار الفساد في المؤسسات الحكومية وأغلب مفاصل الدولة والذي يشكل عقبة رئيسية أمام تحقيق أي نظام حكم جديد، بما في ذلك نظام الأقاليم.
يمكن القول إن عدم نجاح نظام الأقاليم في اليمن يعود إلى تداخل العديد من العوامل السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، الأمنية والقانونية. جميع هذه العوامل مجتمعة أسهمت في فشل نظام الأقاليم في اليمن، مما أدى إلى استمرار الأزمات والصراعات في البلاد. بينما كانت الفكرة تهدف إلى تعزيز الاستقرار والتنمية، إلا أن الظروف المعقدة في اليمن حالت دون تحقيق هذا الهدف. وأن تواجد الجماعات المسلحة والمليشيات المتعددة في مختلف مناطق اليمن ساهم في تعقيد الوضع الأمني، وجعل من الصعب تطبيق نظام اتحادي مستقر. وأيضاً تدخل القوى الإقليمية والدولية في الشؤون اليمنية ساهم في زعزعة الاستقرار وزيادة التوترات بين الأقاليم المختلفة. ومن أجل النظر في إمكانية تطبيق نظام الأقاليم في المستقبل، يتطلب الأمر معالجة القضايا الأساسية مثل
البحث وتعيين الكوادر الإدارية المؤهلة والقادرة على إدارة شؤون الأقاليم بفعالية، دون النظر عن الخلفية الاجتماعية والسياسية، تحقيق السلام، تعزيز البنية التحتية، القضاء على الفساد، بناء نظام تعليمي وصحي وتطوير اقتصاد قوي وشامل. وأخيراً إن التحدي والتهديد الأكبر للشرعية اليمنية هي محاربة المليشيات الحوثية المسلحة واستعاده الدولة والسيطرة على كامل الاراضي اليمنية، وذلك لأن الحوثيين هم من ضمن الفئات المقاومة للتغيير وللنظام الجديد وذلك بسبب مخاوفهم من فقدانهم للنفوذ والامتيازات التقليدية.