تأسس المجلس الانتقالي الجنوبي بعد استيلاء الحوثيين على العاصمة صنعاء في 2014، مما دفع الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى الانتقال إلى عدن، التي أصبحت العاصمة المؤقتة لليمنيين. بدأ المجلس بتجميع قوى سياسية وعسكرية من جنوب اليمن بهدف إقامة دولة مستقلة في الجنوب، مستندًا إلى مطالب الحراك الجنوبي الذي نشأ في 2007. يعتبر المجلس الانتقالي الجنوبي أحد الأطراف الرئيسية في الصراع المستمر، وقد تم إنشاؤه في مايو 2017 بدعم من الإمارات العربية المتحدة. منذ نشأته، كان هناك جدل كبير حول دوره وأهدافه، بالإضافة إلى اتهامات بالفساد واستغلال القضية الجنوبية لتحقيق مصالح شخصية. يشكل المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن أحد أبرز الفاعلين السياسيين في البلاد، وهو يسعى لتحقيق طموحات جنوبية قديمة تتعلق باستقلال الجنوب اليمني. لقد استخدم المجلس الانتقالي القضية الجنوبية بمهارة لتعزيز نفوذه السياسي والعسكري على الساحة اليمنية. حيث يعتمد المجلس الانتقالي بشكل كبير على الشعور التاريخي والهوية الجنوبية لتحقيق دعم شعبي واسع. حيث يعزز ذكريات فترة ما قبل الوحدة اليمنية في عام 1990، عندما كان الجنوب اليمني دولة مستقلة. كما استخدم المجلس الانتقالي شعارات ونداءات قوية تهدف إلى تعبئة السكان في الجنوب ضد الحكومة اليمنية المركزية، مصورًا إياها كقوة احتلال. وهذا أسهم في جذب عدد كبير من المواطنين لدعم أهدافه السياسية. كما أقام المجلس الانتقالي قوة عسكرية كبيرة من المقاتلين الجنوبيين، مما منحه نفوذاً على الأرض. هذه القوة لم تكن فقط لمواجهة الحوثيين، بل أيضاً لتأكيد سيطرته في الجنوب والاستعداد لأي مواجهة مع القوات الحكومية. بالإضافة إلى عمل المجلس الانتقالي على إقامة تحالفات مع قوى إقليمية، أبرزها الإمارات العربية المتحدة، التي قدمت دعماً مالياً وعسكرياً كبيراً. هذه التحالفات ساعدت في تعزيز موقف المجلس الانتقالي على الصعيدين المحلي والدولي. أيضاً دخل المجلس الانتقالي في مفاوضات سياسية مع الحكومة اليمنية وأطراف أخرى في النزاع، مستفيداً من قوته على الأرض للدفع بمطالبه. كما حاول استخدام الضغوط الدولية لتحقيق بعض من أهدافه السياسية. وأيضًا سيطر المجلس الانتقالي على بعض المناطق الجنوبية وأدارها بفعالية، محاولاً إنشاء هياكل حكومية بديلة تعزز من قضيته وتظهر قدرته على الحكم الذاتي. وأيضاً استخدم المجلس الانتقالي وسائل الإعلام التقليدية والاجتماعية لنشر رؤيته وأهدافه، ولتعزيز شعور الهوية الجنوبية بين السكان، وهذا كان جزءًا من استراتيجيته لكسب الدعم المحلي والدولي. هناك العديد من الاتهامات التي وجهت للمجلس الانتقالي الجنوبي بشأن الفساد. تتضمن هذه الاتهامات، استغلال الموارد العامة حيث يُتهم المجلس باستغلال الموارد العامة، بما في ذلك المساعدات الدولية والموارد النفطية، لتحقيق مكاسب شخصية وتعزيز نفوذ أعضائه. وأيضًا غياب الشفافية حيث يفتقر المجلس إلى الشفافية في كيفية إدارة الأموال والمساعدات، مما يثير شكوكًا حول مصير هذه الموارد.
كما يُتهم بعض أعضاء المجلس بوجود علاقات مشبوهة مع أطراف خارجية، وخاصة الإمارات العربية المتحدة، مما يؤثر على قرارات المجلس وسياساته لصالح أجندات خارجية. وأيضاً واجه المجلس الانتقالي انتقادات واسعة بسبب استخدامه للقضية الجنوبية بشكل قد يكون انتهازيًا، حيث يتهمه البعض بإذكاء الانقسامات الداخلية لمصالح سياسية آنية. كما يواجه تحديات كبيرة تتعلق بإدارة المناطق التي يسيطر عليها، بما في ذلك توفير الخدمات الأساسية والحفاظ على الأمن. القضية الجنوبية تعتبر مطلبًا شعبياً للكثير من اليمنيين الجنوبيين الذين يسعون إلى إقامة دولة مستقلة أو الحصول على حكم ذاتي.
لكن المجلس الانتقالي، استغل هذه القضية لتحقيق أهداف سياسية ضيقة ولتعزيز نفوذه على حساب مصلحة الجنوبيين ومنها، تعزيز النفوذ الشخصي حيث استخدم المجلس القضية الجنوبية كوسيلة لتعزيز نفوذ قياداته وجذب الدعم الشعبي، دون تقديم حلول واقعية ومستدامة للمشاكل التي يواجهها الجنوب. بالإضافة الى الإقصاء والتهميش بدلاً من توحيد الصفوف الجنوبية، أدى المجلس إلى مزيد من التفرقة من خلال إقصاء وتهميش الأصوات المعارضة لسياساته.
أيضاً التفاوض مع الحكومة اليمنية والتحالف العربي حيث يواجه المجلس تحديات في تحقيق أهدافه الاستقلالية بسبب ضرورة التفاوض مع الحكومة اليمنية والتحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات، مما يضعه في موقف تفاوضي صعب وقد يؤدي إلى تنازلات تتعارض مع مصالح الجنوب.
لقد استغل المجلس الانتقالي الجنوبي القضية الجنوبية بمهارة لتعزيز نفوذه السياسي والعسكري. مع هذا يظل المجلس الانتقالي الجنوبي لاعبًا رئيسيًا في الساحة اليمنية، لكن نجاحه يعتمد على قدرته على معالجة الاتهامات بالفساد واستغلال القضية الجنوبية، بالإضافة إلى تبني سياسات شفافة وشاملة تهدف إلى تحقيق مصلحة الجنوب بأكمله. ومع ذلك، يبقى نجاح المجلس الانتقالي النهائي مرهوناً بقدرته على تحقيق تطلعات الجنوبيين بشكل مستدام ومتوازن، دون التسبب في مزيد من الانقسام والصراع في اليمن.