قرأت بيانًا غريبًا لـ"جماعة نداء السلام" أدانوا فيه القصف الإسرائيلي الأخير على الحديدة، وهذا جيد، لكن دون توجيه أي نقد للجماعة الدينية السلالية التي زجت بالبلاد والعباد في أتون كل صراع من كل نوع، وانقلبت على الدولة في اليمن لصالح فرض أيديولوجية "ولاية الفقيه" النازية الشيعية، الغريبة كل الغرابة عن الشعب اليمني.
ركز البيان فقط على إدانة القصف الإسرائيلي دون الإشارة إلى مسؤولية الخوثيين في تفاقم الوضع، كأنهم ليسوا أساس المشكلة في اليمن. البيان لم يتضمن ولو كلمة واحدة أو حتى إشارة طفيفة إلى مسؤوليتهم في إغراق البلد بالعنف والانقسامات. وبالعكس من ذلك، اُمتدح ما سُمّي بـ"الجهد العسكري"، وهو هنا الجهد العسكري التابع لـ"أنصار الشيطان".
علامَ يُمتدح "مشروع الإمامة السلالي" يا جماعة نداء السلام؟ على تدميرهم البلد وإدخالها في مزيد دوامات العنف والصراع؟
ولم تكن "نداء السلام" وحدها، بل ومعها سياسيون بارزون أيضًا!
من المؤسف جدًا أن نجد أساتذة ومثقفين في هذه المنظمة وغيرها يتبنون مثل هذه المواقف. وهؤلاء أدباء وسياسيون ومثقفون من العيار الثقيل شمالًا. لكن من الواضح أنهم توقفوا وأدمنوا حقبة الستينيات، وبنوا كل شيء على هذا الوعي الماضوي بمجريات الأحداث وكأننا إبان حركات التحرر، منتصف القرن العشرين.
في الغرب والشرق، سنجد في كل دولة نخبًا مثقفة تنتقد وتدين بشدة أي هجوم تتعرض له بلدانها، لكنها ستحمل السلطات المسؤولية عما حدث، فما بالكم بجماعة اختطفت إرادة الشعب وقررت الحرب باسم اليمنيين من معركة إلى أخرى؟
كتابة مثل هذه البيانات تستند إلى أفكار عصبوية ترفض انتقاد الداخل، تحت ذريعة الوقت غير المناسب، لكن السبب الجوهري أنها مقموعة من الداخل من داخلها هي، فيما يشبه حالة الاستلاب.
المربِّي الحازم يمكن أن يتخلى عن ابنه العاق للشرطة حفاظًا على المصلحة العامة، فكيف يمكن لهؤلاء المثقفين والأدباء أن يتواطؤوا ويتجاهلوا هذه الحقائق؟
اليمنيون ليسوا طرفًا في أي حرب، بل يتفاجؤون بمستجداتها مثلهم مثل شعوب العالم، ثم تأتي بعض نخبهم المثقفة لتضللهم أكثر، بإمالة الوعي نحو نصف الحقيقة.
ولصالح من؟
لصالح الإمامة؟ كيف لهذا أن يُستاغ؟
"من أهم شروط بقاء السلطة في يد جماعة صغيرة خلق حالة حرب دائمة"، كما يقول جورج أورويل في روايته الشهيرة 1984، وهذا ما نراه يتحقق على الأرض، حيث تسعى جماعة الإمامة الجديدة إلى المزيد من إشعال الحروب للبقاء في السلطة، مهما كانت الكلفة البشرية والمادية. هذه الحالة المستمرة من العنف لن تخدم سوى المشروع الإمامي السلالي الظلامي على حساب مستقبل وطن بأكمله، وهؤلاء النخب يتواطؤون.
يجب على كل اليمنيين أن يتوحدوا خلف استعادة الدولة من أيدي هذه السلالة، وعدم التواطؤ معها في معاركها العبثية التي تفجرها هنا وهناك، لا لشيء إلا لكي تكسب التأييد الشعبي وتحرف الأنظار عن الهدف الجوهري والمقدس: استعادة الدولة.
وجريمة شنعاء أن يتواطأ المثقفون والأدباء والكتّاب، بأي شكل من الأشكال، يا جماعة نداء السلام ويا غيرهم.