تتعمد مؤسسات الشرعية الغياب في اكثر اللحظات التي يجب ان تكون فيها حاضرة وتتواصل مع الناس وتوضح لهم ما حصل وتشرح موقفها. تتركهم فريسة للتكهنات والدعاية المضادة ومروجي الهزيمة او الباحثين عنها وان قالوا انهم في صف الشرعية.
ان الشعب لن يتخلى عن شرعيته وعلى استعداد لمؤازرتها وصمته عن سوء الاحوال المعيشية وسوء الادارة والترهل المؤسسي هو جزء من الثمن الذي يدفعه عن وعي في هذه المعركة.
ادارة السياسات البنكية حق اصيل للحكومة وهو السبيل الاقل كلفة للحفاظ على مقدرات البلاد وصون حقوق المواطنين المالية. هذا الأمر يستحق ان تفاوض الحكومة من اجله وتصمد امام اي ضغوطات وتضع شروطا قابلة للتحقيق وتتمسك بها.
عوض عن أن تتكيء الحكومة على السعودية اتكأت السعودية على الحكومة لمداراة مزاج الحوثيين.
مع الوقت سيكون ثمن بقاء التحالف اكبر من غيابه. يخشى الفاعلون الإقليميون (بما فيهم ايران) استئناف الحرب اكثر مما يفعل الفاعلون المحليون. ولا سبيل لهم إلا التضحية بالطرف المحلي.
ستلاقي الحكومة الشرعية ضغوطا قاتلة من حلفائها اكثر مما قد تلاقيه في ما لو خاضت معركة مع الحوثيين. وعليها ان تزن الأمر.
يتعرض الشارع العام المناصر للشرعية لجرعات عنيفة من خيبة الامل معمولة بنقص معطيات وسوء وتواصل ودعاية مكثفة واستنفار لذوي الروح الانهزامية ممن يقفون في صف الشرعية لكنهم أقرب إلى الحوثي لإيمانهم بالقوة والقوى العارية فقط لا بالحق والتضحية اللازمة من اجله.
اثر هذه الصدمات خطير وقد يقود إلى انهيار مفاجيء وغير متوقع.
توالت الجرعات وخرج منها الشارع بروح معنوية عالية مردها ان الناس يومنون بمشروعهم ويعرفون خصمهم جيدا لذا ينبغي التعامل بإحساس عال مع هذا الأمر.
الشرعية وكل مكوناتها خصوصا الانتقالي والمقاومة الوطنية غير مرتبطة عضويا بالشارع ولم تاتي عبره.
هي تركيب طاريء تم بالتحايل على الوسايل الدستورية لضرورات مرحلية وبحكم الأمر الواقع.
انها خبزة الضرورة التي سيقبل بها الجائع. لكن قد يتأفف منها في لحظة ما. هذا البناء الفوقي يتوقع انه غير محاسب ويتغافل مكر الايام. وهو بهذا يراعي حسابات القوى الاقليمية والخارجية اكثر من القاعدة الجماهيرية التي انفصل عنها.
حتى وان تصاعدت اصوات معارضة باسم ذا او ذاك فهي اولا تخالف الية اتخاذ القرار وتتهرب من مواجهة مسؤوليتها ثانيا تستغفل جماهيرها قبل كل شيء.
بسبب حماس الناس لمواجهة الحوثي والخلاص من هذا الكابوس يتم تصوير اي معركة على انها معركة نهائية وان الأداة المستخدمة هي الأداة الأمضى والجانب المصرفي ليس إلا واحدة من الأدوات.
ما تزال الأداة الاقوى هي الجيش وقوى الامن والقوى المسلحة ويجب الحفاظ على هذه وصون معنوياتها وتجهيزها لمعركة مؤجلة بلا شك.
يظهر جليا ان اقل طرف يخشى مواجهة الحوثي عسكريا هي قوى الشرعية والحوثي يتعمد الضغط خارجيا ويستثمر مخاوف الخارج حتى لا يخوض معركة ومفتوحة مع القوى المناهضة له لم يعد الفوز عليها مضمونا.
تزعيم المعبقي حمل في طياته امرين: بحث الناس عن بطل فردي مخلّص وتطلع الناس لبطولة مع جهل وتجاهل متعمد لآليات ادارة المرحلة وانكار لتنوع القوى في اطار الشرعية. خطأ استراتيجي من طرف الحكومة والرئاسة في كشف رجالاتها وجعلهم عرضة لضغوط شعبية وخارجية مباشرة ومتعارضة.
واضح ان الشرعية لم تتمكن من اعادة ترسيخ تقاليد ادارة الدولة. ولم يتمكن اعضاء مجلس الرياسة من ترسيخ صورة موحدة لهم تتصدر المشهد بكفاءة.
*المقال نقلا عن صفحة الكاتب على منصة إكس