بران برس - وحدة الرصد:
تشهد منطقة البحر الأحمر، هدوءً لافتًا منذ الهجوم الذي شنّه الإحتلال الإسرائيلي على ميناء الحديدة (غربي اليمن)، بداية الأسبوع الماضي، فيما تواصل القوات الأمريكية غاراتها ضد مواقع وقدرات الجماعة العسكرية.
وطيلة الأسبوع الماضي، لم تسجّل أي عملية هجومية من قبل جماعة الحوثي المصنفة عالميًا بقوائم الإرهاب، وكان آخر هجوم تبنته الجماعة قبل يوم من الهجوم الإسرائيلي على الحديدة، وبالتحديد في 19 يوليو/تموز 2024، واستهدف سفينة (Lobivia) في خليج عدن.
وفي اليوم التالي، أفادت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية، بإصابة سفينة تجارية بأضرار طفيفة إثر تعرضها لهجومين قرب مدينة المخا الساحلية المطلة على باب المندب (جنوبي غرب اليمن).
وقالت الهيئة، في بيان عبر منصة “إكس”، اطلع عليه “بران برس” إن “ربان سفينة تجارية أبلغوا عن تعرضها لهجومين على بعد 64 ميلا بحريا شمال غرب مدينة المخا باليمن”. موضحة أن “الهجوم الأول وقع بواسطة نظام جوي غير مأهول (طائرة مسيرة) انفجر قرب السفينة، مما أدى إلى إحداث أضرار طفيفة فيها”. فيما وقع الهجوم الثاني بواسطة “زورق مسيّر (USV)، انفجر على مقربة من السفينة”.
ويأتي تراجع هجمات الحوثيين على السفن التجارية والأراضي المحتلة، رغم تهديدات زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي، بالرد على القصف الذي شنته قوات الإحتلال الإسرائيلي على منشآت مدنية في ميناء الحديدة، والاستمرار في مهاجمة السفن المبحرة تجاه إسرائيل.
وهوَّن زعيم الجماعة، من أهمية الضربة الإسرائيلية على ميناء الحديدة، وقال إن جماعته ستواصل عملياتها، وإن أي ضربات أخرى لن يكون لها أي تأثير على قدراتها العسكرية، مشدّداً على أن الجماعة لن “تتراجع عن موقفها”.
ورغم هذه التهديد، فإن الأسبوع الأخير الذي أعقب الهجوم الإسرائيلي لم تسجيل أي هجمات مؤثرة، سواء باتجاه إسرائيل، أو ضد السفن القادمة نحوها في البحر الأحمر أو خليج عدن أو غيرها من القطاعات البحرية.
ومع تراجع الهجمات الحوثية، تواصل القوات الأمريكية شن غارات جوية ضد مواقع قالت إنها تابعة للحوثيين، حيث تحدث إعلام الجماعة عن 13 غارة استهدفت مواقع في الحديدة خلال اليومين الماضيين.
وطبقًا لإعلام جماعة الحوثي، فقد استهدف الطيران الأمريكي البريطاني بـ13 غارة جوية مواقع للحوثيين في محيط مطار الحديدة وجزيرة “كمران” اليمنية على البحر الأحمر، والتي حولتها الجماعة إلى قاعدة لتنفيذ الهجمات على الملاحة الدولية في البحر الأحمر.
وفي التحديث اليومي، قالت القيادة المركزية الأمريكية في 24 يوليو/تموز، إنها دمّرت “صاروخين معدين للإطلاق تابعين للحوثيين”، فيما أعلنت في اليوم التالي “تدمير منصة إطلاق طائرات بدون طيار تابعة للحوثيين”.
وفي 26 يوليو/تموز، أعلنت قوات القيادة المركزية الأمريكية عن “تدمير ست طائرات بدون طيار تابعة للحوثيين في منطقة خاضعة لسيطرتهم في اليمن”. وبشكل منفصل، قالت “سنتكوم” إن قواتها تصدّت ودمرت ثلاث زوارق مسيّرة تابعة للحوثيين تعمل قبالة سواحل اليمن.
ما سر التوقف؟
وأثار توقف هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، منذ الهجمات الإسرائيلية على الحديدة، تساؤلات عدة وتحليلات من قبل ناشطين وصحفيين يمنيين، حيث قال الصحفي “أحمد الصباحي”، إن “الهدوء في البحر الأحمر يشي بأن الحوثي أكل الطعم بعد قصف الحديدة أو جاءته التوجيهات من إيران بالتزام قواعد الاشتباك كما يفعل حزب الله دون التورط في مواجهة مباشرة مع الكيان الصهيوني”.
وأضاف “الصباحي”، في تدوينة على منصة “إكس”، رصدها “برّان برس”: “شخصياً أميل إلى أن حماقات الحوثي ستدفنه في أعمق قاع”.
من جانبه، تحدث الكاتب والصحافي اليمني، صالح البيضاني، عن “رسالة من طرف ثالث وصلت إلى الحوثيين تفيد بأن الضربات الإسرائيلية القادمة ستستهدف قيادات في الجماعة، وهو ما دفعها لإيقاف هجماتها”.
وقال “البيضاني”، في تدوينة بحسابه على منصة “إكس”، رصدها بران برس”، إنه “بعد الهجوم الغاشم على ميناء الحديدة الذي أوجع اليمنيين على اختلاف توجهاتهم، وسقط نتيجته عدد من المواطنين الأبرياء، لم يخفِ الحوثيون سعادتهم وظلوا يرددون عبارات مفادها أنه إذا كان ثمن هجماتهم المزعومة على الكيان تدمير ما تبقى من مقدرات الشعب اليمني فلا ضير في ذلك”.
وأضاف: “ولكن عندما وصلتهم رسالة من طرف ثالث بأن الضربات القادمة ستستهدف رؤوس قياداتهم، توقفوا عن إطلاق التهديدات فيما لا يزال البعض ينتظر ردهم الذي لن يأتي على تدمير ميناء الحديدة!”.
ومساء السبت 20 يوليو/ تموز، كانت طائرات الاحتلال الإسرائيلي، قد شنّت غارات على ميناء الحديدة (غربي اليمن)، مستهدفة خزانات للوقود ومحطة للكهرباء ومنشآت أخرى، ما أدى إلى احتراقها واشتعال النيران فيها لأيام.
وبحسب إحصائية حوثية، بلغت الخسائر جراء القصف الإسرائيلي 9 قتلى وإصابة 80 آخرين من المدنيين، في هجوم عدّه الكثيرون الأول من نوعه منذ انخراط الحوثيين في عمليات ضد السفن التجارية في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي.
وفي وقت لاحق، تبنى الاحتلال الإسرائيلي هذه الغارات. وقال متحدث الجيش الإسرائيلي: “طائراتنا الحربية شنت غارات على أهداف لنظام الحوثي بمنطقة ميناء الحديدة في اليمن”، مشيرًا إلى أن الغارات هي “رد على الهجمات الحوثية طيلة الأشهر الماضية”.
وفجر الجمعة الماضية، أعلنت هيئة البث العبرية، مقتل إسرائيلي وإصابة 10 آخرين إثر سقوط طائرة بدون طيار وسط تل أبيب، فيما أعلنت جماعة الحوثي مسؤوليتها عن هذا الهجوم الذي وصفته بأنه "الأول من نوعه".
ومنذ نوفمبر/ تشرين الأول الماضي، بدأت جماعة الحوثي المصنفة عالميًا بقوائم الإرهاب، هجمات بالصواريخ والطائرات المسيّرة ضد سفن الشحن التجارية في البحرين الأحمر والعربي وخليج عدن.
وأدت هجمات الجماعة إلى زيادة تكاليف التأمين البحري، ودفعت العديد من شركات الشحن الدولية إلى تفضيل الممر الأطول بكثير حول الطرف الجنوبي للقارة الأفريقية.
ولردع الحوثيين، وحماية حركة الملاحة البحرية، شكلت الولايات المتحدة الأمريكية، في ديسمبر/كانون الأول 2023، تحالفًا متعدد الجنسيات، في حين تنفذ القوات الأمريكية، بين الحين والأخر ضربات ضد أهداف عسكرية تابعة للحوثيين.
وبلغ عدد الغارات الأميركية والبريطانية ضدّ الحوثيين على الأرض، منذ 12 يناير الماضي، نحو 560 غارة، أدَّت في مجملها، حتى الآن، إلى مقتل 58 عنصراً، وجرح 86 آخرين، وفق ما اعترفت به الجماعة.
وتقول الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، إن الضربات الغربية ليست ذات جدوى لتحييد الخطر الحوثي على الملاحة، وأن الحل الأنجع هو دعم قواتها المسلحة لاستعادة الحديدة وموانئها وبقية المناطق الخاضعة للجماعة.
وعلى الرغم من استمرار الجماعة في تبني المزيد من الهجمات البحرية، لم تسجل أي حوادث خطرة أو إصابات في السفن سوى 3 سفن من نح 170 سفينة قالت إنها استهدفتها منذ نوفمبر الماضي.