تغامر إسرائيل بمستقبل المنطقة كلهامن خلال عملياتها العدوانية العابرة للحدود وكذلك تفعل ايران الشيء نفسه منذو زمن بعيد حيث تغامر بمستقبل دول عدة كاليمن والعراق ولبنان وسوريا بعد أن أغرقتها في أتون صراعات وحروب طائفية وعبثت بماضيها وحاضرها وحضاراتها العريقة .
تفعل اسرائيل تلك المغامرات المتهورة وهي تسند ظهرها بشكل كبير على القوة الامريكية الغاشمة والمتغطرسة و قبل ذلك تستند على الضعف العربي المخزي والمثير للتعاطف والشفقة .
ستذهب اسرائيل الى اطراف الدنيا وستطال يدها المتمثلة في جهاز الموساد كل من يهدد مشروعها الصهيوني وكالعادة ستكون ايران هي المرشد والدليل لها في الطريق إلى تنفيذ تلك المهمة .
قبل أن يذهب نتنياهو إلى الكونجرس الامريكي أهدته المليشيات الحوثية الايرانية فرصة لترميم صورته المهشمة بفعل الهزائم التي منيت بها قواته في غزة والفشل الذريع له في تحقيق اي من اهداف الحرب المعلنة هناك .
وبعد أن وفرت له المليشيات الحوثية المبرر لقصف اليمن وانتهاك سيادتها منحته وقتاً طويلاً لالتقاط الصور وإيصال رسالته عبر أعمدة الدخان وألسنة اللهب المشتعلة في خزانات الوقود والتي استمرت أكثر من سبع ليال وثمانية أيام حسوما.
ولم يكن استمرار اشتعال النيران في حزانات الوقود كما ذهب البعض بسبب عجز الحوثيين وعدم قدرتهم على اخمادها واطفائها وإنما كان في اطار التخادم بين الأيادي المتطاولة والأذرع الايرانية القصيرة إلا العرب .
منتشياً ومزهواً بما حققه من ردع في الشرق الاوسط دخل نتنياهو قاعة الكونجرس الأمريكي وهو يتباهى باحراز انتصار معنوي لشركائه في الجريمة وذلك من خلال استهدافه لايران في اليمن بعشرات الغارات الجوية عبر اسراب من الطائرات التي لم تستهدف سوى المدنيين والعاملين في الميناء وبعضا من المؤسسات المدنية والخدمية ولم تستهدف اياً من قيادات او مقاتلي الحوثيين .
واحتفتاءً بتلك الضربة الاسرائيلية على ميناء الحديدة والتي سميت بعملية اليد الطولى بالاضافة الى جرائم الابادة الجماعية في غزة لم تتوقف الايادي المشرعة لتلك الجرائم في الكونجرس الامريكي للحظة واحدة عن التصفيق لمجرم الحرب نتنياهو .
و على وقع الاحتفاء المبالغ فيه والتصفيق الهستيري الذي حظي به خلال القاء خطابه الرابع في الكونجرس عاد نتنياهو من واشنطن بضوء اخضر لتنفيذ مرحلة جديدة من الجرائم الجريئة وفي مقدمتها تصفية القائد الكبير اسماعيل هنية و لم يكن من قبيل الصدفة أن تكون ايران هي المكان المناسب لتنفيذ العملية .
تساؤلات كثيرة يطرحها اغتيال القائد اسماعيل هنية في قلب ايران من ابرزها هل كان التحاق ايران واذرعها بعملية طوفان الاقصى بهدف اسناد المقاومة الفلسطينية ام لتخفيف الضغط على اسرائيل .
وللاجابة على سؤال كهذا نحتاج فعلا الى دراسة طبيعة وحقيقة الصراع القائم بين اسرائيكا وبين ايران واذرعها في المنطقة .
وهناك شواهد كثيرة تعزز الذهاب نحو قناعة تامة أن الصراع القائم والحرب المحتدمة بين الايادي المتطاولة والاذرع القصيرة هي مجرد حرب تهديدات كلامية في المقام الاول .
وحتى لا نبالغ كثيراً في الموقف من ايران واذرعها ودورهم في اسناد المقاومة الفلسطينية والذي وإن كان له تاثير محدود فإن يبقى في اطار المسموح به ولا يمكن لهم تجاوزه .
حتى اللحظة لم تستوعب اسرائيل صفعة طوفان الاقصى ولا تزال تحت تاثيراتها و قد بقيت لأيام عقب العملية تشعر بالعار والحرج والاهانة حتى تدخلت ايران واذرعها في المنطقة لانقاذها وتخفيف ما لحق بها من احراج واهانة.
وبعد قفز ايران واذرعها وتسلقهم فوق عملية الطوفان تنفست اسرائيل الصعداء وبدات تلتقط انفاسها وتحول هزيمتها وضعفها الى نقاط قوة وهي تدعي انها تواجه حرباً وجودية في سبع جبهات ذلك أنها ظلت لعقود تقدم نفسها وجيشها على انه الجيش الذي لا يقهر فكيف يمكن لها أن تتقبل هزيمة استراتيجية من قبل ثلة من المجاهدين المحاصرين في غزة .
وخلال الاشهر الماضية من حرب الابادة الجماعية في غزة كانت العمليات التي ينفذها الحوثيون وحزب الله والمقاومة الاسلامية في العراق مجرد عمليات الهاء للرأي العام واشغاله عما يجري من جرائم وفظائع بحق المدنيين في القطاع وبعضها كان للتغطية عن الخسائر التي يتكبدها العدو الصهيوني في آلياته وجنوده وسمعته .
تحتشد الولايات المتحدة بكامل قواتها الجوية والبرية والبحرية وترسل إلى المنطقة المدمرات والسفن وحاملات الطائرات كل ذلك بهدف اطالة أظافر ومخالب اسرائيل ولتضخيم أذرع ايران في المنطقة .
ولو ارادت استهداف ايران وقياداتها ووكلائها فانها لن تخطئهم أبداً ولن تحتاج الى كل هذا الاحتشاد والاستعراض للقوة في المنطقة وعملية اغتيال القائد اسماعيل هنية و فؤاد شكر دليل كاف على ذلك .
واذا صحت التسريبات بخصوص عرض ايران الاخير عن امكانية ايقاف ردها حول اغتيال القائد اسماعيل هنية على اراضيها مقابل ايقاف الحرب على غزة فإن هذا يؤكد أن عملية الاغتيال تمت بموافقة ايرانية وأن طهران غير بريئة من دم هنية فهي و إن لم تكن متواطئة فإنها شريكة في الجريمة .
وفي حال وافقت اسرائيل على العرض الايراني وقبلت هذه المقايضة فستكون هذه الصفقة بمثابة اعادة الاعتبار لايران المستباحة والمهانة والمخترقة على حساب دم الشهيد القائد اسماعيل هنية .
واهم من لا يزال يعتقد أن ايران ومليشياتها محور للمقاومة فهي تؤكد كل لحظة انها مجرد دولة وظيفية وانها رأس محور المقاولة لتدمير المنطقة العربية .