شهد اليمن في الآونة الأخيرة تصعيدًا خطيرًا من قبل مليشيا الحوثي، حيث استهدفوا منشأة صافر النفطية في محافظة مأرب. يُعتبر هذا الهجوم تصعيدًا جديدًا في الحرب المستمرة في اليمن منذ سنوات، وتحديدًا في ظل الهدنة التي كانت قد أُعلنت بين الأطراف المتصارعة.
منشأة صافر، الواقعة في قلب محافظة مأرب، تُعد واحدة من أهم المنشآت النفطية في اليمن، حيث يتم فيها إنتاج وتكرير النفط وتصديره. تُعتبر هذه المنشأة شريانًا اقتصاديًا حيويًا لليمن، إذ تعتمد عليها البلاد بشكل كبير في توفير الوقود وتوليد الإيرادات.
الهجوم الحوثي على هذه المنشأة يُعد استهدافًا مباشرًا لمصالح الشعب اليمني، حيث يفاقم الأزمة الاقتصادية ويزيد من معاناة اليمنيين الذين يرزحون تحت وطأة الحرب والأزمة الإنسانية.
الهجوم على صافر ليس مجرد حادثة منفردة، بل يأتي في سياق سلسلة من الهجمات التي تستهدف البنية التحتية الحيوية في اليمن، بما في ذلك المنشآت النفطية والموانئ.
هذه الهجمات تؤكد أن الحوثيين يتبنون سياسة تهدف إلى تدمير ما تبقى من موارد البلاد، مما يعزز من حالة الفقر والبطالة ويدفع بمزيد من اليمنيين إلى براثن الجوع والحرمان.
رغم الهدنة التي كانت قد دخلت حيز التنفيذ بوساطة دولية، فإن الهجوم على صافر يُظهر تنصل الحوثيين من الالتزام بتلك الهدنة.
هذا التصعيد يُعقد الجهود الرامية إلى إحلال السلام في اليمن ويضعف الثقة في إمكانية الوصول إلى حل سياسي يُنهي الحرب ويُعيد الاستقرار إلى البلاد.
الهجمات الحوثية الأخيرة على صافر تأتي في وقت حساس حيث كان هناك حديث عن إمكانية تمديد الهدنة المعلنة بين الأطراف المتحاربة.
ورغم أن الهدنة قدمت بعض التخفيف من حدة القتال، فإن الهجوم على المنشآت النفطية يشير إلى رغبة الحوثيين في استخدام هذه الأصول كأداة ضغط سياسي واقتصادي.
التحركات الحوثية تعكس، إلى حد كبير، تنصلهم من التزاماتهم تجاه الهدنة ومحاولة إعادة إشعال النزاع لتحقيق مكاسب ميدانية وسياسية.
يبدو أن الحوثيين يسعون إلى فرض شروطهم من خلال تصعيد التوترات واستهداف البنى التحتية الحيوية.
هذه الاستراتيجية قد تكون مدفوعة بإدراكهم أن الهدنة الطويلة الأمد قد تُضعف من موقفهم التفاوضي، خاصة في ظل الضغوط الدولية المتزايدة لإنهاء الصراع.
ومن الجدير بالذكر أن المجتمع الدولي قد أدان هذه الهجمات ودعا الحوثيين إلى احترام الهدنة والامتناع عن استهداف المنشآت المدنية والبنية التحتية الحيوية. إلا أن استمرار هذه الهجمات يثير تساؤلات حول مدى جدية الحوثيين في الانخراط في عملية السلام، وحول مستقبل اليمن الذي بات رهينًا لتصعيدات عسكرية قد تُغرق البلاد في دوامة من العنف والفوضى.
في النهاية، يُعتبر استهداف منشأة صافر من قبل الحوثيين خطوة خطيرة تهدد الاستقرار الهش في اليمن، وتكشف عن نواياهم في استمرار النزاع وتجاهلهم للجهود الدولية والإقليمية لتحقيق السلام.
هذا التصعيد لا يخدم سوى تعميق الأزمة اليمنية ويضع البلاد على حافة كارثة بيئية واقتصادية قد يكون من الصعب تداركها في المستقبل القريب.
يُعتبر الهجوم على منشأة صافر جزءًا من استراتيجية أكبر تهدف إلى تدمير المصالح الحيوية لليمنيين، وهو ما يتطلب موقفًا حازمًا من المجتمع الدولي للضغط على الأطراف المتصارعة، وبالأخص الحوثيين، للالتزام بالهدنة والعمل بجدية نحو إحلال السلام وإنهاء معاناة الشعب اليمني.