برّان برس - حوار خاص:
كشف وزير الصحة العامة والسكان اليمني، الدكتور قاسم بحيبح، في حوار فيديو مسجّل مع “بران برس”، عن مخاطر كبيرة تهدد القطاع الصحي في اليمن، مع تراجع التمويلات الدولية، وانحسار الموارد المالية للحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، جراء منع جماعة الحوثي لعمليات تصدير النفط عبر الموانئ اليمنية.
تأتي هذه التهديدات في ظل تراكمات تداعيات الحرب، وتأثيرات التغيرات المناخية التي تشهدها البلاد جراء الأمطار الغزيرة والفيضانات، ومع الجائحات الوبائية العالمية التي تضرب البلاد المثخنة بالحرب المستمرة للسنة العاشرة على التوالي.
في الحوار الذي أجراه “بران برس”، يتحدث وزير الصحة العامة والسكان، عن وضع القطاع الصحي في البلاد بعد 10 سنوات من الحرب المدمّرة، وعن تداعيات المنخفض الجوي الذي ضرب البلاد مؤخرًا.
وأوضح الوزير بحيبح، تداعيات تراجع تمويلات المنظمات الأممية والدولية على القطاع الصحي والخدمات الصحية في البلاد، والمجالات التي ستتأثر بهذا التراجع، وخيارات الحكومة لمواجهة هذه التأثيرات.
كما تحدث عن خطط الوزارة لإدارة التمويلات الدولية المتوفرة، وخططها وتوجهاتها لتطوير القطاع الصحي، وتعزيز استدامة الخدمات، وكذا مواجهة الأمراض والأوبئة الطارئة، وعودة الأمراض الغابرة جراء سلوكيات جماعة الحوثي المصنفة عالميًا بقوائم الإرهاب وتأثيرها على حياة اليمنيين وتنقلاتهم.
وتطرق وزير الصحة إلى دور الوزارة في تغطية الاحتياجات الصحية للنازحين، وعلاج جرحى القوات المسلحة، وعن دور التدخلات الأممية والإقليمية في دعم القطاع الصحي باليمن.
لاشك أن القطاع الصحي كان من أكثر القطاعات تأثرًا من الانقلاب الحوثي، وتدمير مؤسسات الدولة، فالمؤشرات الصحية من حيث عدد الوفيات للأطفال والأمهات، ومؤشرات الأداء الصحي كالتحصين والتغذية وغيرها في تراجع عما كانت عليه سابقًا؛ وهذا نتيجة لانخفاض دعم القطاع الصحي وتشغيله، ولعدم تشغيل المرافق الصحية بصورة كاملة حيث تبلغ حوالي ٥٠٪ فقط من المرافق تعمل وبدعم خارجي معظمه مع تراجع الدعم الحكومي لانخفاض الإيرادات وتوقف وضعف مرتبات القطاع الصحي بالإضافة للسلوكيات الحوثية كالتضييق على التحصين، وعدم تنفيذ الحملات الوطنية، وهذه الأسباب كلها تؤدي إلى نتائج سلبية للقطاع الصحي الذي أصبح معتمد على الدعم الخارجي ويتراجع مع تراجعه.
بالإضافة إلى الآثار المباشرة للأمطار والسيول بتخريب بعض المرافق الصحية ومنشآتها، تسبب هذه الأمطار والسيول بيئة مناسبة لانتشار الأمراض كالإسهالات، وحالات الكوليرا، وأيضًا الأمراض المنقولة بالبعوض كالملاريا والضنك وغيرها من الحميات.
نعم. هناك تراجع كبير وحاد للتمويلات الإنسانية بلغ أكثر من ٧٠% لبعض المشاريع الأساسية الداعمة للقطاع الصحي باليمن، وهو ما سيتسبب في إغلاق أكثر من ألف مرفق صحي، وللأسف هذا متوقع مع وجود أزمات إنسانية أخرى بالمنطقة والعالم وتسحب كثير من التمويلات واهتمام المانحين إليها ولا شك أنها ستؤثر بشكل سلبي وكبير على القطاع الصحي لغياب البدائل المحلية وستسبب مزيد من الإشكاليات بالقطاع الصحي باليمن.
وزارة الصحة نبهت بشكل مبكر لهذه المشكلة الخطيرة وطرحتها على الحكومة مع البدائل الممكنة من تحرك خارجي أكبر لوزارة التخطيط لجلب موارد خارجية، وطلب من المالية زيادة في الإنفاق الحكومي على القطاع الصحي.
الوزارة تحاول بشكل كبير لإيجاد الحلول والبدائل الممكنة، وطرحت على الحكومة بدائل في التمويلات الصحية للقطاع الصحي والاتجاه أكثر نحو الحلول الدائمة.
الوزارة لديها رؤية وخطط للتطوير من حيث تطوير الإدارات الصحية، والتوسع في التمويلات الصحية، وتحديث نماذج الرعاية الصحية، والتركيز على الرعاية الوقائية والأولية والمجتمعية، وتشجيع المشاركة المجتمعية بشكل أكبر.
لكن للأسف غياب التمويلات جعلنا نؤجل كثير من هذه الخطط ونركز أكثر على كيفية ديمومة الخدمات الأساسية واستمرارها أكثر من تطويرها.
بلا شك لها تأثير سلبي ومؤثر فقد كان عام ۲۰۲۲ بمثابة تعافي جيد لمالية الدولة، وانعكس على تحسن نسبي للقطاع الصحي، وبدأنا وضع عدد من المشاريع لتعافي القطاع الصحي، وتم استئناف مشاريع موقفه منذ سنوات كتأهيل مستشفى الضالع المركزي، ومستشفى سقطرى، لكن وقف تصدير النفط وانحسار الموارد أثّر بشكل سلبي وكبير، وأصبح استمرار المرتبات والموازنات التشغيلية الحتمية هو الشاغل الرئيسي.
أولًا/ خدمات الرعاية الصحية الأولية كالتحصين والتغذية وصحة الأم والطفل، وبرامج الترصد الوبائي ومكافحة الأمراض كالملاريا والسل والإيدز والضنك تعتبر عمود القطاع الصحي وكلها برامج حيوية وتعتمد بشكل كامل على التمويلات الدولية وانحسارها سيسبب كوارث صحية خطيرة بانتشار الأمراض القابلة للتمنيع وزيادة وفيات المجموعات الأكثر ضعفًا بالمجتمعات، والحكومة حاليًا لا تستطيع تغطية هذه الفجوات التمويلية.
ثانيًا/ خدمات الرعاية الصحية الثانوية بالمستشفيات والمراكز التخصصية تستفيد من الدعم الدولي بتوفير الوقود والتجهيزات والتدريب والتأهيل
مخيمات النازحين من المجتمعات الأكثر هشاشة وتعرضًا للمضاعفات لسوء الحالة الصحية والتغذوية، والوزارة تعمل على توجيه التدخلات الصحية لهذه المخيمات، وأيضًا التدخلات من مكاتب الصحة بالمحافظات بإعطائهم أولوية في توفير الخدمات الصحية، لكن الزيادة الكبيرة، وخصوصًا في بعض المحافظات مثل مأرب تجعل الاحتياجات أكبر بكثير من حجم التدخلات وتحتاج لتدخلات أكثر.
لاشك أن تعز تعتبر من المحافظة الأكبر سكانًا والأكثر تعرضًا للحصار وضغط الخدمات سواء سكانية أو معيشية أو خدماتية وتحتاج الدعم من كل الجهات. ونحن في وزارة الصحة تعطيها الأولوية في ما هو متوفر في الوزارة ورغم الحصار إلا أن مؤشرات المحافظة من أفضل المؤشرات وجزء كبير من هذا النجاح يعود لأبنائها وكفاحهم وقدرتهم العالية على تحدي كل الظروف الصعبة والعمل خلالها على سبيل المثال أفضل مركز قلب وزراعة كلى أنشئ مؤخرًا في تعز وحقق أفضل الأرقام وطنيًا رغم ما تعيشه المحافظة من حرب وحصار.
اليمن حققت سابقًا أرقام عالية في مستوى التغطية باللقاحات وأعلنت في ۲۰۰۹ خالية من شلل الأطفال لكن للأسف بسبب سياسة مليشيا الحوثي وعرقلتها للحملات المنزلية للقاحات عادت هذه الأمراض ومنها شلل الأطفال، وأصبحت اليمن من المناطق القليلة التي ما زالت تسجل فيها حالات شلل الأطفال في مناطق سيطرة الحوثي، بينما في مناطق الشرعية ولقيامنا بعدد من الحملات الاحترازية لم تسجل حالة شلل أطفال لدينا منذ عامين لكن يظل الخطر قائم.
بسبب استمرار تسجيل حالات شلل الأطفال في مناطق سيطرة الحوثي أعلنت الأردن مؤخرًا اشتراط التلقيح للأطفال القادمين من اليمن وهو إجراء احترازي لديهم.
هذا مشروع قديم لوزارة الصحة في بداية الألفية تم عمله كان باسم صندوق الدواء، وهو تجربة تمويل وإدارة ذاتية للموارد المالية لها سلبياتها وإيجابياتها، وأوقفت سابقًا، وربما هم الآن عملوا على تفعيلها بمسمى جديد لمشروع قديم.
لديهم نهج واضح لمصادرة رأس المال الوطني، ومنها الصناعة الدوائية لصالح قطاع ورأس مال طائفي خاص بالجماعة الحوثية.
لدينا عدد من المصانع التي تم إنشائها في مختلف مناطق اليمن، ونهج الوزارة دعمها والتسهيل لها.
نعم سجلت باليمن خلال العام الحالي ارتفاع الحالات الإصابة بالكوليرا والوزارة تعمل جاهدة على مواجهتها وللأسف السيول تزيد الوضع سواءً لكننا تعمل بشكل وثيق وكبير مع الشركاء لمواجهته ولدينا في أكتوبر القادم حملة تحصين ضد الكوليرا في المناطق الأعلى إصابة.
نعم لانتشار حالات جدري القردة خارج أفريقيا أعلنت حالة طوارئ صحية ذات اهتمام دولي، وهناك عمل كبير في هذا الجانب، واليمن كعضو بالمجلس التنفيذي لمنظمة الصحة العالمية، ولجنة الطوارئ تتابع بشكل وثيق هذه الطوارئ.
والوضع لحد الآن يحتاج المتابعة والمراقبة وتعزيز القدرات الوطنية في الترصد والمراقبة والتشخيص.
الوزارة من خلال مكاتب الصحة والمنشآت الخاصة فيها تعمل على فاعلية الرقابة والمتابعة. كما أنه مؤخرًا فعلنا المجلس الطبي في العاصمة الموقتة عدن، وهو يتولى التنظيم والرقابة على جودة العاملين الصحيين بالقطاع الصحي ومعالجة أي مخالفات أو تقصير منهم بما يحفظ حقوق المرضى وسلامتهم.
مارب محافظة تحمل القطاع الصحي فيها عبء كبير من العدوان الحوثي المستمر عليها، وحركة نزوح بالملايين إليها مما أثقل القطاع الصحي بالمحافظة بحجم الخدمات العالي عليها مع قلة بالإمكانيات؛ لكن بفضل الجهود الكبيرة سواء من السلطة المحلية والمركزية والتدخلات الإنسانية تحقق توسع في الخدمات الصحية وتحسن فيها، وإن لم يكن حسب المأمول نتيجة للأسباب أعلاه.
لكن نرى أنها في تحسن مستمر وإلي الأفضل إن شاء الله.
وزارة الصحة تلعب دورًا رديفًا للخدمات الطبية العسكرية المسؤولة عن علاج جرحى القوات المسلحة، وتقدم مستشفيات وزارة الصحة خدماتها للجيش والأمن وكل المواطنين سواسية.
في ظل ضعف الدعم الحكومي لعب الدعم الأممي والإنساني دور كبير في تلبية الاحتياجات الضرورية وخصوصًا مع توفر التمويلات كافية لها لكنه في ظل تراجع مستمر.
لاشك أن المملكة العربية السعودية هي الداعم الأول لليمن عمومًا، والقطاع الصحي خصوصًا سواء عبر مركز الملك سلمان للأعمال الإغاثية والإنسانية وتدخلاته العاجلة والمستمرّة في مختلف القطاعات ومن ضمنها قطاع الصحة بما يفوق ۸۰۰ مليون دولار منذ ۲۰۱٤ حتي اليوم، والبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن الذي يساهم بقوه في دعم القطاع الصحي، وقام ببناء وتأهيل عدد من المستشفيات الكبرى كالمستشفى السعودي بحجة، ومستشفى السلام بصعدة، ومستشفى الأمير محمد بن سلمان بعدن، وحاليًا في طور التجهيزات مدينة الملك سلمان الطبية بالغيضة، بالإضافة للمستشفى الجامعي ومستشفى السرطان بالمكلا حضرموت، والمستشفى الجامعي وكليات الطب في تعز، وغيرها الكثير من المشاريع الصحية السابقة والحالية والمستقبلية.
شكرًا لكم على حسن الاستضافة والاهتمام بالقطاع الصحي وهمومه.