تزامنًا مع حلول الذكرى العاشرة لمطارح مأرب، تبرز هذه اللحظة كواحدة من أبرز المحطات في تاريخ المقاومة اليمنية، حيث شكّلت مطارح مأرب نواة المقاومة الشعبية ضد انقلاب مليشيا الحوثي. فقد وقفت هذه المطارح كجدار صلب أمام الهجوم الحوثي على محافظة مأرب، وتمكنت من كسر التمدد العسكري للمليشيا المدعومة إيرانيًا، والتي كانت تهدف إلى السيطرة على اليمن وإخضاعه لمشروعها الطائفي.
تأسست مطارح مأرب في خضم الفوضى التي نجمت عن انقلاب مليشيا الحوثي على الدولة اليمنية في عام 2014. في تلك الفترة، حاول الحوثيون فرض سيطرتهم على جميع المناطق اليمنية، بما في ذلك محافظة مأرب، التي كانت تمثل أحد المعاقل الهامة على مستوى الجغرافيا اليمنية، نظرًا لموقعها الاستراتيجي وثرواتها النفطية.
ورغم التحديات الكبيرة، جمعت مطارح مأرب رجال القبائل والمقاومين من مختلف المناطق اليمنية، وتوحدوا تحت راية المقاومة الجمهورية. شكل هذا التجمع أساسًا صلبًا للحيلولة دون سقوط المحافظة في يد المليشيا الحوثية، وساهم في صدّ زحفهم ومنعهم من تحقيق أهدافهم. لطالما كانت مأرب بموقعها الاستراتيجي عصبًا رئيسيًا للدولة اليمنية. تعد المحافظة غنية بالثروات الطبيعية، وخاصة النفط والغاز، ما جعلها هدفًا رئيسيًا لمليشيا الحوثي.
إذا سقطت مأرب في يد الحوثيين، فإن ذلك كان سيعزز نفوذهم الاقتصادي والسياسي، مما يمكّنهم من تمويل عملياتهم العسكرية وتوسيع نطاق سيطرتهم على البلاد. ورغم الحصار العسكري والهجمات المتكررة التي شنتها المليشيا، تمكنت مطارح مأرب من الصمود بفضل تلاحم القبائل والمجتمع المحلي، الذين أدركوا خطورة المشروع الحوثي على مستقبل اليمن ككل. كان التنسيق بين مختلف القوى المحلية دورًا محوريًا في صد الهجمات العسكرية وتحصين المحافظة من الداخل. لا يمكن الحديث عن مطارح مأرب دون الإشارة إلى دورها الحاسم في كسر الهجوم الحوثي وإجهاض المشروع الإيراني في اليمن.
إذ عملت طهران على دعم الحوثيين سياسيًا وعسكريًا بهدف تحويل اليمن إلى منصة لخدمة مصالحها في المنطقة، عبر تأسيس كيان طائفي موالٍ لها في الجزيرة العربية. ومع ذلك، فإن المقاومة الشرسة التي قادتها مطارح مأرب كانت بمثابة ضربة قوية لهذا المشروع. فالانتصارات المتتالية التي حققتها المقاومة على الأرض لم تقتصر فقط على حماية مأرب، بل أرسلت رسالة واضحة بأن اليمنيين لن يقبلوا بسيطرة الحوثيين ولن يسمحوا بتحويل بلادهم إلى ساحة نفوذ إيراني. إلى جانب دورها العسكري في التصدي للحوثيين، كانت مطارح مأرب رمزًا للوحدة الوطنية.
فقد جمعت تحت مظلتها مختلف الفصائل والمكونات اليمنية، بغض النظر عن خلفياتهم السياسية أو القبلية، في مواجهة عدو مشترك. هذا التلاحم أسس لقاعدة صلبة من التعاون بين مختلف القوى الجمهورية، وساهم في تعزيز الهوية الوطنية اليمنية في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية. في الذكرى العاشرة لمطارح مأرب، لا يمكن إلا أن نستذكر بفخر وإعجاب تلك اللحظة الفارقة في تاريخ اليمن الحديث. فقد مثلت مطارح مأرب حجر الأساس في التصدي للانقلاب الحوثي، وأثبتت أن اليمنيين قادرون على الدفاع عن دولتهم وكرامتهم في وجه أي تهديد. تظل مطارح مأرب رمزًا للتلاحم الجمهوري والمقاومة الشعبية، التي أجبرت الحوثيين على التراجع ووقفت في وجه المشروع الإيراني في اليمن، لتحافظ على استقرار البلاد ومستقبلها.