مثلت مطارح مأرب علامة فارقة في تاريخ اليمن الحديث، فكانت حصن الجمهورية الحصين، وسدًا منيعًا تكسرت أمامه جحافل مليشيا الحوثي (الإمامية الجديدة)، حين أسقطت العاصمة صنعاء وسقطت الدولة واجتاحت العديد من المدن اليمنية، تجمع في تلك المطارح كل أبناء مأرب بكل فئاتهم ومكوناتهم، وتمكنت القبائل والقوى السياسية من تأسيس كيان واحد( المطارح)، تنضوي تحت رايته كل المكونات التي اختارت خيار مقاومة الحوثي، وأعلنوا توحدهم وموقفهم الوطني الرافض للانقلاب، وباتت مأرب والمطارح قبلة الأحرار من كل قبائل ومناطق اليمن، المناهضين لمليشيا الحوثي ومشروعها الكهنوتي، من أجل مواجهة المشروع الحوثي الذي كان يعبث في المناطق التي سيطر عليها، وتمكنت من هزيمتها على أسوار مأرب، كما كانت المطارح خطوة مفاجئة، وصدمة بالنسبة للمليشيات التي ظنت أنها التي لا تقهر ولا يستطيع أحد الوقوف في طريق تقدمها، أسقطت المطارح و مأرب عامة تلك الأسطورة التي نسجتها المليشيات، كما كانت مطارح مأرب امتدادًا للمواقف الثابتة لأبناء محافظة مأرب ووقوفها الدائم والمستمر في صف الوطن والدفاع عن نظامه الجمهوري ووحدته الوطنية وشرعيته السياسية، وقدمت مأرب فاتورة كبيرة في سبيل ذلك؛ قوافل من الشهداء والجرحى والمعاقين.
كما شكلت مأرب النموذج المقاوم، ولعبت دورًا محوريًا في حماية الدولة اليمنية من الانهيار، حيث كانت الحصن المنيع لحماية الدولة التي تصدت لمحاولات المليشيات الحوثية الإماميين الجدد للسيطرة على البلاد. بفضل شجاعة وصمود أبناء مأرب ومن معهم من أحرار اليمن، تمكنوا من الحفاظ على المحافظة واستقرارها وأمنها، مما ساهم في حماية الجمهورية اليمنية من التفكك.
كما أصبحت مأرب موطنًا لكل اليمنيين بمختلف مكوناتهم، ففيها يعيش أكثر من ٣ملايين مواطن من مختلف المناطق اليمنية دون تمييز، هذا التلاحم الاجتماعي يعكس روح الوحدة والتضامن بين أبناء اليمن، ويؤكد على أهمية مأرب كمركز للتعايش السلمي والتعاون.
كما أصبحت مأرب موطنًا لإعادة بناء المؤسسة العسكرية اليمنية، حيث تم تأسيس الجيش الوطني من نقطة الصفر، وتم تدريب وتجهيز القوات المسلحة لمواجهة التحديات الأمنية والعسكرية. هذا الدور الحيوي لمأرب ساهم في تعزيز قدرات الجيش اليمني الذي يعول عليه استعادة الدولة والجمهورية والعاصمة من سيطرة المليشيات الحوثية.
كما قدمت مأرب نموذجاً حيًا لحضور الدولة ومؤسساتها، حيث عملت السلطات المحلية على تعزيز الخدمات العامة والبنية التحتية، مما ساهم في تحسين حياة المواطنين. هذا النموذج الناجح يعكس قدرة الدولة على العمل بفعالية حتى في ظل الظروف الصعبة.
ختامًا
ستظل مأرب رمزًا للشموخ والصمود، ومثالًا حيًا على قدرة اليمنيين على التكاتف والتعاون في مواجهة التحديات، وما زال أولئك المناضلون الأبطال وتلك الدماء تقدم حتى اليوم في سبيل خلاص اليمن من ظلامية وحقد "الإماميين الجدد".
إن ذكرى مطارح مأرب تذكرنا بأن التعصب الحزبي أو المناطقي أو العرقي سببًا للفشل والضياع والانهيار أمام التحديات، ويجب على كل الأحزاب اليمنية والمكونات الاجتماعية في كل اليمن توحيد الجهود من أجل الوحدة الوطنية والعمل المشترك لتحرير اليمن من سيطرة الميليشا الحوثية الإمامية الجدد، ولتحقيق مستقبل أفضل لليمن.