برّان برس - وحدة التقارير:
أثار إعلان شركة "ستارلينك" للإنترنت الفضائي، الأربعاء 18 سبتمبر/أيلول 2024م، على منصة "إكس"، بدء تقديمها خدمات الأنترنت عبر الأقمار الصناعية في اليمن، التساؤلات حول الخدمة وكيفية الحصول عليها وفوق ذلك مدى تأثيرها على اقتصاد جماعة الحوثي المصنفة دولياً في قوائم الإرهاب كون قطاع الاتصالات والأنترنت من أكبر الموارد التي تموّل أنشطة الجماعة.
وأعلنت إدارة شركة ستارلينك لخدمة الانترنت الفضائي، عن تدشين الخدمة رسمياً على الأراضي اليمنية، كأول دولة في الشرق الأوسط تتمتع بخدمة الوصول الكامل للإنترنت عبر الأقمار الصناعية.
ولاحقاً، رحبت الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً على لسان القائم بأعمال وزير الاتصالات "واعد باذيب"بتدشين خدمة الأنترنت الفضائي "ستارلينك" معتبراً الخدمة خطوة نوعية، ومتحدثا عن تحولات قادمة خلال العام الجاري 2024، وفق وكالة الأنباء اليمنية سبأ (رسمية).
وقال "باذيب" في بيان نشرته وزارة الاتصالات: "إن تدشين خدمة ستارلينك جاء في إطار جهود الوزارة لمواجهة التحديات الناجمة عن الصراع وتحسين خدمات الاتصالات في ظل الظروف الراهنة".
وتحدث وزير الاتصالات عن تحولات جديدة في المستقبل القريب في قطاع الاتصالات "سيتم الإعلان عنها تباعاً وفقاً لخطة الوزارة لما تبقى من عام 2024، مشيراً إلى إن هذه التحولات تهدف إلى تفعيل القطاع بشكل أكبر وإعادة دور مؤسسات الوزارة في تعزيز التنمية وزيادة الإيرادات، وستساهم في تحقيق استدامة خدماتها وتطويرها بما يلبي احتياجات المواطنين ويسهم في بناء مستقبل رقميّ حديث".
وزير الاتصالات اليمنية كذلك اعتبر تدشين خدمة الإنترنت الفضائي "ستارلينك" "انتصاراً كبيراً لوزارة الاتصالات وللحكومة الشرعية، وأنها تمثل أولى خطوات التغيير الملموس والجاد نحو التحول الرقمي”، وأنه يعكس التزام وزارته بتقديم حلول تقنية متقدمة تساهم في تحسين حياة المواطنين وتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في اليمن على الرغم من الظروف الصعبة التي تعيشها البلاد.
في المقابل، حذرت جماعة الحوثي المصنفة دولياً في قوائم الإرهاب، المواطنين في مناطق سيطرتها من التعامل مع شركة “ستارلينك” التي تقدم خدمات الإنترنت الفضائي.
تحذير الحوثيين جاء في بيان لوزارة الاتصالات في حكومتهم غير المعترف بها، اعتبر "تقديم خدمات الإنترنت من قبل شركة أجنبية في اليمن، يقوض القدرة على حماية خصوصية المواطنين وبياناتهم".
واتهم الحوثيون في البيان "الحكومة اليمنية بالاستهتار بسيادة واستقلال اليمن واستعدادهم للإضرار بأمن واستقرار الوطن لصالح قـوى خارجية".
عن دخول الخدمة اليمن، قال مستشار عام وزير الاتصالات بالحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، المهندس "رائد الثابتي"، "إن دخول خدمة "ستارلينك" اليمن، ستعمل على خفض عائدات جماعة الحوثي من شركة "يمن نت" التي تسيطر عليها، إلى ما نسبته 60% في المناطق الواقعة في نطاق السلطة الشرعية".
وأضاف "الثابتي" في حديث خاص لـ"برّان برس": "إن تردي خدمات يمن نت والقيود التي تفرضها جماعة الحوثي على المستخدمين، ستسهمان في نجاح خدمة ستارلينك من خلال الإقبال الكبير المتوقع من قبل المستخدمين للحصول على الخدمة، مشيراً إلى أن ذلك قد يسهم في خفض عائدات يمن نت بشكل كلي بنسبة 100% أو 80%.
وذكر، "أن دخول ستارلينك رسمياً في اليمن سيؤثر بشكل كبير على شركات خدمات الانترنت وخصوصاً يمن نت كونها تعتمد بشكل أساسي على خدمات الانترنت وهي المزود الحصري والوحيد لخدمات الانترنت في اليمن سواء عن طريق الهواتف الأرضية خدمات ADSL و VDSL أو شبكات الاتصالات عن طريق الكابلات الضوئية".
ويتوقع الثابتي أن خدمات ستارلينك ستضرب بشكل رئيسي وشبه كلي على خدمة "الفور جي" التي أطلقتها جماعة الحوثي وستحد من مبيعات أجهزتها التي شهدت إقبالاً كبيراً خلال الأشهر الماضية.
وعن إقبال اليمنيين على الخدمة، أشار مستشار عام وزير الاتصالات إلى إن هناك إقبالاً متزايداً على خدمات الانترنت الفضائي في اليمن في مناطق سيطرة الحكومة وأيضاً مناطق سيطرة جماعة الحوثي، بسبب تردي خدمات يمن نت والقيود التي تفرضها الجماعة على الاتصالات، على الغم من منعها دخول أجهزة ستارلينك إلى مناطق سيطرتها.
الثابتي أكد وجود الكثير من المستخدمين للأنترنت الفضائي في مناطق سيطرة الحوثيين، خصوصاً في الأرياف والمناطق النائية والجبلية الوعرة.
ويرى أن الإقبال المتزايد على خدمات الأنترنت الفضائي في مناطق الحكومة الشرعية ومناطق سيطرة الحوثيين، سيسهم في انخفاض عائدات يمن نت خصوصاً في ظل تردي الخدمة والقيود التي تفرضها جماعة الحوثي والتقدم المستمر الذي تحققه شركات الانترنت الفضائي.
وعن مميزات الخدمة ذكر "الثابتي" لـ "برّان برس" بأن هناك 3 خدمات متنوعة ستقدمها ستارلينك في اليمن، وهي خدمة: Roaming وستكون خدمة لللمساكن والنقاط وسرعتها تبدأ من 50 ميجابايت في الثانية إلى 200 ميجابايت، والثانية خدمة: Mobilty وهي خدمة متحركة للمركبات وسرعتها تتراوح بين 50 – 200 ميجابايت في الثانية، وخدمة: Business الخاصة بالشركات والمؤسسة الحكومية وسرعتها تبدأ من 450 – 650 ميجابايت في الثانية.
وأشار إلى إن "الوكيل الوحيد والحصري للخدمة هي وزارة الاتصالات اليمنية ممثلة بالمؤسسة العامة للاتصالات في عدن، وهي حالياً بصدد فتح فروع في المحافظات ستقدم من خلالها الخدمة سواء الأجهزة أو الدعم الفني أو تسديد الرسوم وستحصل الحكومة على نسبة من بيع الأجهزة ورسوم الخدمة".
وقال: "إن الخدمة لم تكلف الحكومة اليمنية الكثير من الأموال سواء في تمديدات أو غيرها، كونها خدمة فضائية، مؤكداً أن الحكومة ستقوم بالإشراف على الخدمة وتنظيمها والرقابة عليها، ولديها كونترول تحكم للإشراف على الخدمة وتطويرها في الفترة القادمة".
وأشار الثابتي إلى أنه سيتم إلزام مالكي الأجهزة التابعة لشركة ستارلينك والتي تعمل بطريقة غير رسمية في اليمن، بتسجيلها عن طريق نقاط تقديم الخدمات في المحافظات".
وعن إمكانية تقديم خدمة الانترنت الفضائي عبر شركات الاتصالات قال المهندس رائد الثابتي إنه بإمكان شركات الاتصالات الـ GSM سواء الجيل الثالث والرابع، التنسيق مع المؤسسة العامة للاتصالات للاستفادة من ستارلينك في تحسين خدمة الانترنت لديها وتقديمها لمشتركيها من خلال نطاق عريض أكبر.
خطوة مهمة للحكومة
من جانبه قال الصحفي الاقتصادي "محمد الجماعي" في حديث لـ "برّان برس"، إن خدمة ستارلينك خطوة مهمة وكان سيكون لها أثر أكبر على جماعة الحوثي لو كانت سبقت قرارات البنك المركزي والمعركة الاقتصادية حامية الوطيس التي خاضها البنك الأشهر الماضية.
وأوضح الجماعي أن ريع هذا المشروع سيذهب للحكومة الشرعية صافياً بأرباحه بضرائبه بجماركه وستصبح الحكومة تتحكم في المعلومات وانسيابية البيانات وستكون بعيدة عن تجسس الحوثي.
وأشار الصحفي الجماعي إلى أن جماعة الحوثي تتحكم في 4 شركات اتصالات في اليمن تضم نحو 20 مليون مشترك واستحوذت على جميع عائداتها، وتعتمد مالياً على قطاع الاتصالات، مؤكداً أن أي معركة اقتصادية تستهدف ذلك الرافد المالي الأكبر لجماعة الحوثي سيكون لها أثر إيجابي لصالح الحكومة الشرعية في عدن.
في السياق هناك من يرى بأن الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً والتي تتخذ من عدن عاصمة مؤقتة للبلاد، لجأت إلى الاعتماد رسمياً على الانترنت الفضائي لتقديم خدمة الانترنت في مناطق سيطرتها، بعد فشلها في أغسطس/آب 2019م، في نقل البوابة اليمنية للأنترنت من صنعاء الواقعة تحت سيطرة جماعة الحوثي، بسبب نظام التحكم المركزي للاتصالات اليمنية والذي يقع في مقرها الرئيسي في صنعاء، وجاء أيضاً بعد فشل شركة اتصالات "عدن نت" التي دشنها الرئيس السابق عبدربه منصور هادي في يونيو/حزيران 2018م.
ويعد قطاع الاتصالات في اليمن أكبر رافد اقتصادي لجماعة الحوثي المصنفة دولياً على قوائم الإرهاب، والذي باتت تسيطر عليه منذ سيطرتها على مؤسسات الدولة بقوة السلاح في سبتمبر/أيلول 2014م.
وكشفت وثائق رسمية صادرة عن وزارة الاتصالات في صنعاء، أن إيرادات شركة "يمن موبايل" للاتصالات خلال العام 2023م، بلغت (146,435,305,66) ريال، أي (146 مليار و435 مليون و305 آلاف و664 ريال يمني) بسعر 540 ريال يمني للدولار الواحد.
وفي إحصائيات سابقة أوردها رئيس قسم العلوم المالية والمصرفية بجامعة حضرموت، الدكتور محمد الكسادي، بينت أن الإيرادات المالية لقطاع الاتصالات في عام 2021م، وصلت إلى (190 مليار ريال) بسعر 530 ريال للدولار الواحد، في حين بلغت الإيرادات خلال عام 2022م (220 مليار ريال يمني)، بزيادة 30 مليار ريال عن العام السابق، وهو ما يؤكد أن عائدات قطاع الاتصالات في نمو مستمر نتيجة زيادة أعداد المستخدمين واستمرار جماعة الحوثي في رفع أسعار الخدمة بطرق وأساليب متعددة.
ووفق تقرير صادر عن فريق الخبراء الدوليين التابع الأمم المتحدة، فإن جماعة الحوثي تجني "ملياري دولار" سنوياً، من قطاع الاتصالات في اليمن، ويكشف هذا الرقم أن الأرقام السابقة المعلنة أقل بكثير من الرقم الحقيقي للعائدات الكبيرة التي يدرها قطاع الاتصالات على جماعة الحوثي.
ويعاني اليمن صعوبة في تغطيات خدمات الإنترنت الحالية في مختلف أنحاء البلاد، من تقطع وضعف الانتشار خاصة في المناطق البعيدة عن مراكز المدن.
وجاء إعلان ماسك وشركة ستارلينك، بعد نحو شهر ونصف من إعلان حكومة اليمن المعترف بها دوليا، إطلاق خدمة الإنترنت عبر الأقمار الصناعية، بموجب ترخيص منحته لشركة ستارلينك.
وحينها، قالت الحكومة إنها أنهت كل الإجراءات المتعلقة بإطلاق خدمات "ستارلينك" في اليمن، مشيرة إلى أنها ستعمل على تقديم خدمة الإنترنت الفضائي بأسعار منافسة لكل الفئات.
ما "ستارلينك"؟
وخدمة “ستارلينك” هي خدمة إنترنت قائمة على الأقمار الصناعية أنشأتها شركة “سبيس إكس” المملوكة للملياردير الأميركي “إيلون ماسك” وصممت لتوفير الوصول إلى الإنترنت في المناطق المحرومة التي لا يوفرها نظام خدمة الإنترنت التقليدي.
ويتكون نظام “ستارلينك” من آلاف الأقمار الصناعية الموضوعة في مدار أرضي منخفض، والتي يتم ربطها ببعضها البعض لإنشاء شبكة متداخلة قادرة على توفير وصول عالي السرعة إلى الإنترنت.
وتعمل الخدمة من خلال توصيل المستخدمين بالأقمار الصناعية عبر طبق هوائي يتم توصيله بجهاز التوجيه والمودم الخاصين بالمستخدم، والتي بدورها تكون متصلة بالإنترنت.
وأُعدت هذه الخدمة لربط المناطق المنكوبة ومناطق الحروب بالإنترنت، واستفادت منها أوكرانيا خلال الحرب الحالية مع روسيا، وحاليا الخدمة متوفرة لـ40 دولة فقط، ليس من بينها فلسطين.