برّان برس - حوار خاص:
قال وزير الدولة لشؤون تنفيذ مخرجات الحوار الوطني السابق، ياسر الرعيني، إن محافظة مأرب (شمالي شرق اليمن)، حملت “راية الثورة والحرية في مواجهة العدوان الحوثي، وأعادت بفضل تلاحم أبنائها، السلطة المحلية، والأحزاب، والقبيلة، الروح للمشروع الجمهوري”.
وأضاف الوزير الرعيني، في حوار خاص مع “بران برس”، تمامنًا مع الذكرى العاشرة لتأسيس مطارح مأرب، أن مأرب مثّلت “سداً منيعاً ضد المحاولات الارتدادية للنيل من النظام الجمهوري والهوية الوطنية”.
وفي 18 سبتمبر/أيلول 2014، أقامت القبائل في مأرب معسكرات شعبية مسلّحة عرفت بـ“المطارح” بمنطقتي “نخلا والسحيل” شمالي غرب المحافظة ومن ثم في الأطراف الغربية والجنوبية، لمواجهة هجوم الحوثيين المتصاعدة بهدف السيطرة على المحافظة بالقوّة.
جاءت هذه الخطوة، التي تعد عرفًا قبليًا متوارثًا لمواجهة الأخطار، بعد نحو شهرين من تحشيدات الجماعة، واعتدائها على أبناء القبائل بالمناطق الحدودية مع محافظتي الجوف وصنعاء، وذلك عقب سيطرتها على مدينة عمران في يوليو/تموز 2014، ومع زحفها نحو العاصمة صنعاء وحتى إسقاطها في 21 سبتمبر/أيلول 2014.
واعتبر “الرعيني”، مما قدمته مأرب في التصدي لجماعة الحوثي “يمثل نموذجًا حيًا للشجاعة الوطنية ويستحق أن يخلّد بأحرف من نور في صفحات التاريخ اليمني”. وقال إن محافظة مأرب التي وصفها بـ“الصامدة”، كانت ولا تزال “حصنًا منيعًا للوطن، ومشعلًا مضيئًا للثورة السبتمبرية”.
وتحدث وزير الدولة لشؤون تنفيذ مخرجات الحوار الوطني السابق، عن موقف ودور قيادة السلطة المحلية بمأرب والأحزاب والتنظيمات السياسية، ورجال القبائل، أثناء التصدي لهجوم جماعة الحوثي على المحافظة أواخر العام 2014، موضحًا دلالات هذا الموقف وكيف يمكن الاستفادة من هذه التجربة في مواجهة التحديات وإعادة بناء الدولة.
ووجه الوزير الرعيني، عدّة رسائل إلى مأرب وكل المكونات السياسية والمجتمعية فيها بالتزامن مع الذكرى العاشرة لإقامة المطارح، وبالتزامن مع الذكرى الـ62 لثورة الـ26 من سبتمبر.
وأكّد أن “مأرب كانت- ولا تزال- صمام أمان الجمهورية والدولة، ونموذج الوحدة الوطنية الجامعة لكل اليمنيين”، موضحًا أنها “تستمد ذلك من تأريخها الخالد المتشبع بالمجد والعزة والكرامة”. مشددًا على ضرورة عدم السماح “لبعض الأصوات الصغيرة التي تحاول خلق بعض الفتن هنا وهناك أن تمس هذا المجد أو أن تقلل من حضوره في نفوس الناس الذين جعلوا من مارب بيتًا ووطنًا يدافعون عنه بأرواحهم وما يملكون”.
بدايةً، وبمناسبة حلول الذكرى العاشرة لتأسيس مطارح مأرب، والذكرى المجيدة لثورة 26 سبتمبر/ أيلول، أود أن أتوجه بالتهنئة إلى شعبنا اليمني العظيم، الذي يواصل نضاله من أجل الحفاظ على هويته الوطنية وجمهوريته الخالدة.
كما نجدد تحيتنا لمحافظة مأرب الصامدة، التي كانت ولا تزال حصنًا منيعًا للوطن، ومشعلًا مضيئًا للثورة السبتمبرية. لقد حملت مأرب راية الثورة والحرية في مواجهة العدوان الحوثي، وأعادت بفضل تلاحم أبنائها، السلطة المحلية، والأحزاب، والقبيلة، الروح للمشروع الجمهوري.
لقد مثلت مأرب سداً منيعاً ضد المحاولات الارتدادية للنيل من النظام الجمهوري والهوية الوطنية. فما قدمته مأرب في التصدي للمليشيات الحوثية يمثل نموذجًا حيًا للشجاعة الوطنية ويستحق أن يخلّد بأحرف من نور في صفحات التاريخ اليمني.
موقف وأداء السلطة المحلية بمحافظة مأرب خلال مواجهة عدوان مليشيا الحوثي عام 2014 غني عن التعريف، حيث أظهر هذا الموقف مثالًا رائعًا على الصمود والقيادة الحكيمة.
نتذكر جميعًا جهود السلطة المحلية، بقيادة الشيخ سلطان العرادة، عضو مجلس القيادة الرئاسي- محافظ مأرب، والتحركات الكبيرة التي باشرتها في تنسيق جهود القبائل، والأحزاب السياسية، والأجهزة الأمنية والعسكرية في مواجهة المليشيات، مما ساهم في تعزيز الصفوف وحشد الدعم المحلي.
وبفضل هذا التنسيق المحكم، نجحت مأرب في التصدي للمليشيات، حيث شكلت جدارًا منيعًا لحماية المجتمع والمؤسسات السيادية والمنشآت الحيوية. وقد أظهر هذا الأداء الالتزام الوطني الراسخ والدور البطولي في منع سقوط مأرب في أيدي المليشيا.
تُعتبر تجربة محافظة مأرب في تصديها للعدوان الحوثي عام 2014 محطة فارقة في التاريخ الحديث لليمن، حيث أظهرت تماسكًا فريدًا بين القبائل، والأحزاب السياسية، والسلطة المحلية، والجيش، في الدفاع عن الدولة ومؤسساتها.
كما نجحت مأرب سلطة ومجتمع في بناء الوعي المجتمعي حول أهمية الحفاظ على الهوية الوطنية ومواجهة الخطر المشترك، مما أدى إلى توحيد الجهود السياسية والمجتمعية في مواجهة المليشيات، من منطلق الدفاع عن الدولة والنظام الجمهوري والتحاق الشعب بها في مواجهة المليشيات الحوثية الإرهابية.
موقف قبائل مأرب الرافض لانقلاب الحوثيين على الدولة هو إعلان شجاع للدفاع عن الهوية اليمنية. هذا الموقف لم يكن فقط حماية للجمهورية، بل كان شعلة أمل لكل اليمنيين. من خلال رفضهم الانصياع، فقد ألهمت القبائل موجة مقاومة في أرجاء اليمن.
حمل موقف قبائل مأرب الرافض لانقلاب المليشيات الحوثية العديد من الدلالات، أهمها رفض التبعية الخارجية التي سعت المليشيات إلى فرضها باعتبارها ذراع إيران.
كذلك، استلهمت القبائل الروح القتالية للمقاومة، وألهبت مشاعر اليمنيين في مختلف المحافظات، مانحة إياهم الأمل في أن المقاومة ضد الحوثيين ليست مستحيلة، بل ممكنة من خلال الوحدة والتماسك.
بالإضافة إلى ذلك، تستند قبائل مأرب إلى تاريخ طويل من رفض الهيمنة والدفاع عن الوطن، ما جعل موقفها مرجعًا للمناطق الأخرى.
الدرس المستفاد هنا هو أن الوحدة المجتمعية في ظل الظروف الصعبة تصنع فارقًا كبيرًا، وتؤسس لرفض الاستبداد بكل أشكاله.
إضافة إلى ذلك، من الضروري وجود قيادة محلية قوية ومؤثرة تستطيع توجيه الجهود نحو الهدف المشترك.
يعكس هذا الموقف شجاعة الأحزاب وإدراكها العميق لخطورة المرحلة. والاصطفاف مع السلطة المحلية والجيش في مواجهة الخطر الذي يهدد الجمهورية والوحدة الوطنية، وأن واجب المرحلة يقتضي تقديم المصالح الوطنية المشتركة على المصالح الحزبية الضيقة، مما عزز من صمود المحافظة وأدى إلى تشكيل جبهة دفاع متماسكة أمام الانقلاب.
نجحت هذه الخطوة في تجسيد مفهوم التضحية والوطنية عبر التعاون مع القبائل وأبناء المحافظة والجيش والمقاومة الوطنية، وأظهرت إمكانية تخطي الخلافات الحزبية عند مواجهة تهديد وجودي.
هذه التجربة تظهر كيف يمكن للتضامن والتعاون أن يصنعا فارقًا كبيرًا في مواجهة التحديات. وتعزيز التعاون بين مكونات المجتمع، والعمل على تقوية مؤسسات الدولة، وتجسيد الوحدة الوطنية في مواجهة أي تهديد خارجي أو داخلي.
كما يمكن الاستفادة من هذه التجربة في أهمية دعم الحوار بين القبائل والأحزاب والمؤسسات العسكرية والأمنية لخلق رؤية موحدة للدفاع عن الدولة، وكذلك تعزيز قدرات السلطات المحلية لتكون مواكبة للمتغيرات التي تحدث اليوم في ظل التوسع الكبير الذي تشهده المحافظة وتعزيز جهود مواجهة التهديدات الداخلية والخارجية.
فضلاً عن ضرورة تعزيز الوعي السياسي والاجتماعي بين السكان بما يسهم في تعزيز الهوية الوطنية وتنمية روح المواطنة والمسؤولية الاجتماعية.
إجمالاً، تقدم هذه التجربة نموذجًا عمليًا للدولة القابلة للحياة والتطور والبناء.
في الذكرى العاشرة لهذا الموقف البطولي، نتوجه إلى هذه المحافظة، وكل الشرفاء في الوطن، بكل فخر واعتزاز. لقد كنتم ولا تزالون صمام الأمان للجمهورية وحماة الدولة والهوية الوطنية. صمودكم وشجاعتكم ألهمت اليمنيين في كل مكان، وأثبتت أن الوحدة والتلاحم يمكن أن يتصدى لأي قوة غاشمة.
نحييكم على قيمكم في السلام والتعايش والدفاع عن الدولة، وندعوكم للاستمرار في هذا المسار الوطني الذي يثبت أن اليمن سيظل صامدًا مهما كانت التحديات، وأن الهوية الوطنية اليمنية أقوى من أي مشروع دخيل.
أنتم اليوم تشكلون صمام الأمان لليمن، ونموذجًا يُحتذى به في الحفاظ على الهوية والقيم الجمهورية.
ينبغي أن تستمر هذه التجربة الفريدة في مواصلة العمل معًا، كقبائل وأحزاب وسلطة محلية، ومؤسسات عسكرية وأمنية، لتعزيز قيم السلام والتعايش وحماية الهوية الوطنية.
يجب العمل على إعادة بناء الدولة اليمنية، واستعادة حقوق الشعب في حياة كريمة وآمنة. كما يجب أن تكون هذه الدروس مصدر إلهام لكل أبناء الوطن لبناء مستقبل أفضل لليمن، قائم على التعاون والتفاهم، والسعي نحو تحقيق السلام والاستقرار.
دائمًا ما نقول أن مأرب كانت- ولا تزال- صمام أمان الجمهورية والدولة، ونموذج الوحدة الوطنية الجامعة لكل اليمنيين، وهي تستمد ذلك من تأريخها الخالد المتشبع بالمجد والعزة والكرامة، ولا ينبغي أن نسمح لبعض الأصوات الصغيرة التي تحاول خلق بعض الفتن هنا وهناك أن تمس هذا المجد أو أن تقلل من حضوره في نفوس الناس الذين جعلوا من مارب بيتًا ووطنًا يدافعون عنه بأرواحهم وما يملكون.