تحل علينا ذكرى المارد الحر؛ الذكرى(العاشرة) لتأسيس وانطلاقة مطارح نخلا والسحيل في الشمال الغربي لمدينة مأرب والوشحا ونجد المجمعة جنوب مأرب وذلك لتشكيل النواة الأولى للتشكيلات العسكرية والحربية من شباب ورجال وشيوخ أبناء مأرب الأبطال لمناهضة أعتى مشروع إرهابي في التاريخ، ولمواجهة التحديات خلال تلك الأحداث التي واجهتها مأرب وأبناؤها في الوقت الذي تخوض مليشيات الحوثي آنذاك حربها وكللتها بالسيطرة على العاصمة السياسية وتمددها في بقية محافظات الجمهورية بعد انقلاب أيلول الأسود على الدولة وعلى الشرعية الدستورية والقانون ونهب مقدرات الأمة واختطاف الدولة، وعندها سقطت الرتب والنياشين لأغلب ضباط الجيش اليمني، وسلمت المعسكرات بكامل جاهزيتها وإمكانياتها والقوات الجوية ومطار صنعاء بما فيه من قوات جوية، واستهدفت الرئاسة في عدن من خلال القوات الجوية في صنعاء.
وخلالها تداعت قبائل مأرب ووقفت وأعلنت النفير العام بكافة مكوناتها القبلية شبابًا وشيوخًا يقودهم الضمير والواجب وصيانة العرض والأرض والإنسان ودفاعًا عن حياضها وعن عرضها وشرفها وكرامتها وأسسوا المطارح، حاملين أكفانهم على أكتافهم بقضهم وقضيضهم وحدهم وحديدهم وبإمكانياتهم المحدودة باذلين أعز ما يملكون؛ دماءهم وأنفسهم، بذلوها وقودًا لكرامتهم وعرضهم وشرفهم وأرضهم غير مدركين ما ستؤول به الوقائع والأحداث، وليس لديهم أي دعم مادي؛ سواء كان داخليًا أو خارجيًا، وإنما متوكلين على الله حسبهم، وكانوا لا يأبهون بغطرسة الغزاة لسان حالهم يقول مأرب عصية دونها أهلها، وينشدون العزة والكرامة والحرية وإن ثقتهم بالله وبأنفسهم كبيرة، حتى جاء دعم التحالف العربي لاحقًا.
ومن ثم تم تشكيل الجيش الوطني والمقاومة الشعبية وترتيبها كما يجب، فلقد كانت مطارح مارب اللبنة الاولى لتشكيل الجيش الوطني واتسعت لأحرار اليمن بالتوافد على مأرب ووفرت لهم الأرضية والمناخ الآمن لأحرار اليمن وشرفائها.
وهب أحرار اليمن الشرفاء متوافدين إلى مأرب آخر قلاع الجمهورية والرئة التي يتنفس اليمنيون من خلالها أتوا إلى مأرب أفرادًا وزرافات.
أتى القادة العسكريون والدكاترة والأساتذة والأطباء والمهندسون والعمال والفلاحون، معلنين استعدادهم للانخراط في مقاومة مأرب الشعبية، ومن ثم شكلوا نواة الجيش الوطني فكانوا كالبنيان المرصوص في مواجهة الصلف الحوثي وعدوانه الهمجي الذي أتى من مجاهل التاريخ.
وكانت مطارح مأرب السحيل ونخلا والوشحا بداية انطلاق شرارة مقاومة أعتى عدوان وحملة بربرية واجهتها مأرب في التاريخ الحديث، وتم دحرها في الوقت الذي سقطت فيه محافظات بكاملها بطقم أو طقمين وأفراد لا يتجاوزون عدد الأصابع.
ولو استرجعنا الذاكرة إلى الوراء لوجدنا أن أول بيان وجه ضد الانقلابيين قد صدر من مطارح نخلا والسحيل، في الوقت الذي طأطأت برؤوسها كافة مكونات المجتمع اليمني بكل ألوانهم السياسية والاجتماعية والثقافية وغيرها أمام عبور مليشيا وعصابات الانقلاب دون أن تطلق عليهم رصاصة واحدة.
وبالتالي فقد بذل فيها أبناء مأرب الشرفاء وأحرار الجمهورية ممن ناهض المشروع الحوثي الرجعي الإيراني أنهارًا من الدماء وعشرات الآلاف من الشهداء والجرحى، تشهد لهم مقبرة الشهداء في مأرب دفاعًا عن الجمهورية واستعادة الدولة المختطفة، وانتصارًا لأهداف الثورة السبتمبرية، وكسر العدوان الإرهابي البربري على المحافظة وإجهاض المشروع الإيراني في اليمن.
وعلى خلفية الانقلاب الحوثي على الشرعية واختطاف الدولة فتحت مأرب صدرها واتسعت لقرابة ثلاثة ملايين نازح من أنحاء الجمهورية، مما انعكس ذلك سلبًا على كافة الخدمات الصحية والتعليمية وعلى بقية الخدمات الأخرى، والذي تعاني منه قيادة السلطة المحلية بمحافظة مأرب إلى حد الآن، مع قلة الإمكانات المادية والخدمات والبنى التحتية للمحافظة وعاصمتها الإدارية.
وأخيرًا..
مثلت مأرب بشموخها وصمودها الأسطوري والصد المنيع وامتدادها الحضاري حصنًا منيعًا لحماية الدولة واستعادة شرعيتها من الانهيار الكامل، وأصبحت أنموذجًا حضاريًا لإعادة الدولة وبناء المؤسسة العسكرية والأمنية، ومنطلقًا لتحرير بقية المحافظات الأخرى من سيطرة الحوثي.
وقدمت مأرب أنموذجًا حيًا لحضور الدولة ومؤسساتها، وموطنًا لكافة اليمنيين بمختلف مكوناتهم.