كانت مليشيا إيران الحوثية تطوي المدن واحدة تتبعها أخرى كما يطوي العامل السجاد المتهالك بكل سهولة، وكانت المحافظات تتساقط كحبات الخردل محافظة تلو الأخرى، والناس كأنهم في يوم المحشر لا يعرفون ماذا يحدث، ولا يعرفون أين رئيسهم وحكومتهم، وجوههم شاخصة نحو السماء يترقبون تدخلًا إلهيًا ينقذهم من هذا الجحيم القادم على هيئة سفاحين ونازيين جدد.
سلم الجميع الأمر لحاكم غير معروف يختبئ في كهف كما يختبئ كهل القرود ولا يظهر حتى في الليل، ولا يوجد غير مجموعة تشبه القردة تعبث بكل شيء أمامها، يمثلون هذا الحالم بالحكم يملؤون الأرض قتلًا وتفجيرًا وسفكًا للدماء، وبرطعة فوق رقاب الناس يسلم لهم زمام الأمور والمدن والجيش والمعسكرات.
وحدها مأرب تداعت إلى إنشاء مطارح للمواجهة والمقاومة، وكانت تعز معها أو قبلها محتارة بين رأيين يتجاذبانها، المواجهة أو التسليم كما سلمت العاصمة، وما إن سمع الناس بتعز خبر مطارح مأرب قرر الأغلبية فيها مقاومة ومواجهة الطاعون الإمامي الإيراني الجديد.
كانت مطارح مأرب الشعلة التي أزالت عتمة الظلام، والمصباح الذي اهتدى به المترددون بين المقاومة والتسليم والحافز الذي شجع أحرار اليمن لامتشاق أسلحتهم، والخيمة التي آوت كل وطني يحترق كمدًا على ما حل بوطنه في كل أرجاء اليمن شماله وجنوبه شرقه وغربه، لتغدو مأرب قبلة الأحرار ووجهة كل مظلوم ومأوى كل نازح ومشرد.
مأرب صنعت الفارق وعرت الوجه القبيح للسلالة العنصرية، وأحرقت البساط تحت أقدام الغزاة الجدد، وأفشلت خطط الفرس، وأعادت مليشيا الحرس الثوري الإيراني إلى حجمهم الحقيقي بصمودها الأسطوري، بمقاومتها، بسلطانها، بتلاحم كل قبائلها، وبسالة وشجاعة فرسانها، وإسناد عاصفة الحزم بقيادة المملكة العربية السعودية.
ستغدو مأرب ومطارح مأرب تاريخًا يتحدث عن نفسه دروسًا تدرس في مناهج التاريخ ومدارس العلوم العسكرية، وكتبًا تحكي قصص العزة والكرامة والنخوة ونصرة المظلوم، وإعانة ابن السبيل، ستكون مدونات وحكايات الأزمنة القادمة للاستشهاد بالروح الوطنية النضالية لليمني الحر الأصيل في مواجهة أسوأ وأقذر عصابة كهنوتية ظلامية متخلفة في التأريخ.
مطارح مأرب، قبائل مأرب، أرض مأرب وسبأ سجلت السبق في إحراق ثوب الخرافة ونسفت أوهام الاستعلاء الطبقي السلالي، الذي يقسم الناس إلى سادة وعبيد، وشكلت الأرضية الصلبة التي أوقفت عجلة المد الإيراني الفارسي، وأوشكت ومعها كل أبناء اليمن الأحرار على دفن مشروعه الكهنوتي، وكانت الجدار الذي أو قف انهيار الدولة، واتكأت عليه للقيام مجددًا.
كل التحية لجميع أبناء مأرب، لجميع أبناء تعز، عدن، البيضاء، لحج، الضالع، الجوف، لجميع أبناء اليمن، للجيش الوطني، للمقاومتين الشعبية والوطنية، لكل من يواجه هذه الجرثومة الحوثية الإيرانية الخبيثة التي تلوث الحجر والشجر، تلوث البر والبحر والجو وتفسد العقل والفكر والعقيدة.