في أعماق الصحراء حيث تلتقي السماء بالأرض، هناك حكايات ترويها الرمال عن صمود أبطال، وعن صراعٍ لا يهدأ. تلك الحكايات هي قصة مطارح مأرب ، حيث تتحول الرمال إلى حصن، والأشجار إلى مرابط، والقبائل إلى جيش واحد يذود عن حياض الوطن.
المطارح القبلية، تلك التجمعات البشرية التي نشأت في أعقاب جنون زحف المليشيات على مدن ومؤسسات الدولة، حيث تساقطت محافظات تلو الأخرى ومؤسسات مدنية وعسكرية مسلمة لتتار العصر، ولعنة التاريخ.
هبت قبائل مأرب لفكرة المطارح، وكان أول مطرح قبلي مطرح حلحلان في منطقة الجدعان 3/9/2014م، و تشكل مطرح نخلا الذي كان أكبر مطرح قبلي جمع أبناء قبائل مأرب والمحافظات الأخرى، وهي ليست مجرد تجمع عشوائي؛ بل هي امتداد لتاريخ طويل من الصمود والتحدي. فهي تعكس روح القبيلة العربية الأصيلة، تلك الروح التي تربط الإنسان بأرضه، وتجعله مستعدًا للتضحية من أجلها.
في هذه المطارح، يتجسد مفهوم الوحدة الوطنية، حيث يتجاوز الانتماء القبلي ليشمل الانتماء الوطني. فالشيوخ والشباب بشتى انتماءاتهم الحزبية والمناطقية، جميعهم يقفون صفًا واحدًا للدفاع عن أرضهم وعرضهم. إنها صورة حية للتلاحم والتآخي الذي يجمع أبناء الوطن الواحد.
**الرمال شاهدة
تشهد الرمال على تضحيات أبناء هذه المطارح، وعلى معاناتهم اليومية، فالحرارة الشديدة، ونقص المياه، وقلة الإمدادات، كلها عوامل تسعى لتقويض عزيمتهم، ولكنهم يواجهون هذه التحديات بإصرار وعزيمة لا تتزعزع.
تروي الرمال حكايات عن بطولات استثنائية، عن رجالٍ ونساءٍ تحدوا الموت من أجل الحياة، وعن أطفالٍ نشأوا في ظل الحرب، ولكنهم حافظوا على براءة قلوبهم وأحلامهم بمستقبل أفضل.
**رسالة المطارح:
رسالة المطارح واضحة وبسيطة: نحن هنا، ولن نرحل. سنظل ندافع عن أرضنا حتى آخر قطرة من دمائنا. إنها رسالة تحدٍ لكل من يحاول المساس بكرامة الوطن، وهي رسالة أمل لكل من يؤمن بالسلام والعدل.
**خاتمة:
المطارح القبلية ليست مجرد تجمعات بشرية، بل هي رمز للصمود والتحدي والإصرار. هي شهادة على أن الإنسان قادر على التغلب على أصعب الظروف، وأن الروح المعنوية هي أقوى سلاح في مواجهة الظلم والطغيان.