ظلت الصورة النمطية عن مأرب والمأربيين أنهم بدو متخلفون، قطاع طرق، يعيشون حياة ثأرات مستمرة لا تنتهي، وهذه هي الصورة النمطية - للأسف - التي حاول النظام السابق تكريسها في عقول عامة الشعب اليمني عن مأرب التاريخ.
مأرب التي لم أتخيل للحظة عند دخول الحوثي صنعاء، أن تقف ضد الحوثي وتنحاز وتنتصر للجمهورية، وكل ذلك بسبب الصورة التي رسمت في مخيلتنا عنها.
وكانت المفاجاة؛ أو بالأحرى نستطيع القول كانت الحقيقة الدامغة، وهي أن مأرب جمهورية عصية قوية لا تتهاون ولا تفرط أبدا؛ بل على العكس من ذلك، رأينا الكثير من الحاصلين على أعلى الدرجات العلمية، والكثير من السياسيين والمتحزبين والإعلاميين والمثقفين ومن يسمون، أنفسهم بالنخب، رأيناهم يقفون صفا واحدا مع الإمامة الكهنوتية.
رأينا أبناء مأرب القبائل والذين كان الكثير منهم لا يحمل درجات علميا عالية، حتى إن بعض مشائخهم الكبار غير متعلمين؛ ولكنهم قفوا في صف الجمهورية، وضد الإمامة الكهنوتية السلالية.
حينها فهمت أن الكرامة والعزة والشعور بالحرية لا تحددها مستويات الدرجات العلمية، أو الشهادات الجامعية، أو مظاهر المدنية، أو العمل السياسي والاجتماعي والإعلامي والثقافي …الخ؛ بل إن ذلك يعود للمرء ذاته، لشعوره بذاته وكرامته وحريته واعتزازه بنفسه وأصالته وتاريخه العريق، وتعريفه لنفسه ولهويته ولقيمه ومبادئه، وهذه قبائل مأرب قد أثبتت ذلك، ووقفت بشموخ مع الجمهورية ومبادئها، وبادرت إلى تأسيس مطارح مأرب في لحظة تاريخية حرجة، ومن تلك المطارح تم الإعلان أن العاصمة صنعاء سقطت، وأصبحت تحت سيطرة الحكم الإمامي.
مأرب منذ البداية عرفت المشكلة بوضوح، وحددت أين مكانها ودورها، وقالتها بوضوح، أن صنعاء عاصمة محتلة، ولن نتبعها أبدا، وأعلنت معركة التحرير.
ولذلك هاجر إليها كل الأحرار من جميع أنحاء اليمن، وبالذات من المناطق التي سقطت بيد الحوثي، وجعلوا من مأرب ومطارحها منطلقا للتحرير واستعادة البلاد والدولة والجمهورية.
فعلا مأرب حفيدة الملوك وتاريخ اليمن القوي،
ولا يمكن إلا أن تكون في هذا المكان، ولا يمكن أن تكون إلا في صف الجمهورية ومنطلقها، فهي لم تخضع يوما للإمامين ولن تخضع، وستظل حارس الجمهورية القوي الصلب،
وخير قدوة لنا ابنها البار المناضل علي ناصر القردعي.