حين كانت مليشيات الحوثي تجتاح المدن اليمنية وتسيطر على مؤسسات الدولة وتنهبها، كانت هناك ورقة أخيرة راهن عليها اليمنيون، إنها مطارح مأرب التي عول عليها اليمنيون.
لقد كانت مأرب بموقفها الشجاع آخر قلاع الجمهورية، والتي وقفت سدا منيعا ضد التمدد الحوثي.. وقفت ليظل اليمنيون واقفين شامخين عندما أصبح أتباع الإمامة الحوثيون يزحفون على بطونهم أذلاء بعد أن كانوا رافعي رؤوسهم في ظل الجمهورية..
لقد تجرعت الإمبراطورية الفارسية أقسى الهزائم منذ ألفي عام ولا زالت..
"انتصرت تلك المطارح بحكمة رجالها وأبهرت جميع اليمنيين بوعيها الحضاري والثقافي وبعدها السياسي"
وتحول ذلك الانطباع الذي غرسته أجهزة السلطة في صنعاء والاستخبارات التابعة لها عن جهل وتخلف المجتمع المأربي..
إلى القوة الحقيقية التي قررت مواجهة الخطر بدلا من التجنب..تلك القوة الداخلية التي مارسة فنّ القتال وتحمل داخلها مسؤولية وطن، ولديها ثقة كبيرة بالانتصار، وتعمل على التقليل من تأثير الخوف الذي تبثّه الأطراف المعاديه إعلاميا..
فعندما تطرأ على البال مطارح مأرب نتذكر الأنفة والعزة والإباء.ففيها مصنع الرجولة ومصنع الكرامة.. هي أرض نهرها دفاق بصناديد يحملون مفهوم المسؤولية والدولة..وسدها معطاء بالأوفياء عندما سقطت الدولة..
وصحراؤها كتاب مفتوح لمن يريد أن يقرأ التاريخ وثقافة الدولة الذي ُسِطر بدماء الشهداء الأبرار..
لقد تميزت مطارح مأرب بالتنوع السياسي والاجتماعي والقبلي، فقد ضمت شيوخ العلم وشيوخ القبيلة وقادة الأحزاب وحملت الدكتوراه وحفظت كتاب الله وأساتذة العلم وخريجي الجامعات والكليات العسكرية. لقد ضمت الصغير والكبير بلا استثناء ، وضمت مختلف الفرقاء السياسيين، والقبائل المتناحرة التي عقدت صلحا عاما وتخلت -مؤقتا- عن مشاكلها القبلية من أجل التفرغ للدفاع عن مأرب وعن ثروات الوطن، والتصدي لمليشيا الحوثي باعتباره العدو الأكبر، والخطر المحدق بالجميع..
تصدت مأرب للعدو، وكانت هناك ملاحم تاريخية لم تكن في حسبان الغزاة، فانتصرت تلك المطارح رغم التحديات الكبيرة.
لقد تعرضت #مطارح_مأرب في بداية تأسيسها لحملة ممنهجة وواسعة ضدها، وحاولوا تشويهها ووصمها بمختلف التهم؛ من التمرد إلى الإرهاب، وقوبلت بحرب نفسية كبيرة، فقد كانت التهديدات تأتي كل يوم بقصف المطارح بالطيران الحربي الذي سيطرت عليه ميليشيا الحوثي وحلفاؤها في حينه؛ لكن المقاومين واثقين بقوتهم وأنفسهم وصمدوا وكانوا مستعدين لأسوأ الاحتمالات..وأثبتت الأيام براءتها من كل تلك الاتهامات، وأن مشروعها كان وطنيا خالصا..
فكانت مطارح مأرب سفينة نجاة الجمهورية والصخرة الصماء التي تحطمت عليها آمال الانقلابيين ..وكانت بذلك مشروع حياة تستمد شرعيتها من المجتمع الذي كان حاضرا عندما انهارت الدولة…
لقد عرف اليمنيون معنى ثقافة الدولة الحديثة في تلك الوجوه التي نصبت خيامها على أسوار مأرب وأصبحت مدرسة لكل اليمنيين عن الوطن ومن هم رجاله وكيف أخلاقياتهم التي تبرهنها أفعالهم…
ولا زالت مطارح مأرب ( قوية الآن) بأبطالها الرميان ..وشيبانها الشجعان. وربانها السلطان…تاريخ لن يمحوه الزمان…