قبل عشر سنوات، وتحديدًا في 18 سبتمبر 2014 تداعت قبائل مأرب من كل حدب وصوب، وضربت أوتاد خيامها، وأنشأت مطارح نخلا والسحيل، وأطلقت شرارة المقاومة الشعبية الأولى ضد ميليشيا الحوثي الإرهابية التي زحفت من كهوف مران في صعدة، واحتلت العاصمة صنعاء وأسقطت معظم المحافظات واحدة تلو الأخرى.
وحّدت المطارح التي مثلت روح المقاومة والجمهورية، مختلف الفصائل والقوى والمكونات بمختلف مشاربها واتجاهاتها وأسست النواة الأولى للجيش الوطني الذي يضم مختلف قوى الجمهورية في محافظة مأرب التي لم ترض أن يدنّس أراضيها "شذّاذ الآفاق" الآتين من كهوف الظلمة والتاريخ البائس، فتحولت جبال المحافظة ووديانها إلى "درع حصين"، و"عصا" تلقف قطعان الميليشيا وأنساقها البشرية.
مثّلت مطارح مأرب، حائط الصد المنيع، وقلعة الصمود الأسطورية، ووجهت ضربة موجعة لمشروع ميليشيا الحوثي الساعي لإعادة عجلة التاريخ إلى الوراء، إلى زمن "القطرنة"، كما أن المطارح فاجأت بمقاومتها الباسلة ميليشيا الحوثي ومن ورائها النظام الإيراني الذي راهن على الإفطار بـ"تمر مارب"، فذاق "الحنظل" وتجرّع "السم".
وقد كانت ميليشيا الحوثي وبدعم غير محدود من النظام الإيراني، تمنّي النفس بالإطاحة بـ"مأرب"، وسال لعابها لنفطها وغازها؛ لكن المطارح لقنتها وستلقنها إن عاودت الكرّة، دروسًا في الفداء والتضحية والاستبسال، فتحطمت كل آمال الميليشيا وخابت خططها وتحولت إلى سراب "يحسبه الظمآن ماء".
ولا يمكن إغفال ميزة تفردت بها مطارح مأرب، وهي بأنها أنشئت بدعم وإدارة وتمويل من القبائل التي طوت صفحة خلافاتها، ورصت صفوفها مدركة الخطر المحدق بالنظام الجمهوري من قبل من يدّعون "حقًا إلهيًا" مزعومًا، فكان النصر حليفها في الوقت الذي سُلّمت فيه المحافظات الأخرى لقطعان الميليشيا.
كما لا نغفل الدور الكبير الذي لعبه عضو مجلس القيادة الرئاسي محافظ مأرب، اللواء سلطان العرادة، عندما قال حين همت قطعان ميليشيا الحوثي بتهديد مأرب والاقتراب منها: "إن الأمور تخطت السياسة، وإن الموقف أصبح دون الشرف والعرض"، فكان صاحب الدور الأبرز في تنسيق وتوحيد المطارح، وحشد لها الدعم والمساندة دفاعًا عن مأرب ومؤسساتها العامة.
أخيرا، مهما تحدثنا وسردنا وقصصنا، لن نفي مأرب حقها، فهي قلعة النضال وأسطورة التضحية والسفر الخالد في البطولة والكفاح ضد ميليشيا الحوثي الانقلابية وهي وأبناؤها كذلك، وماتزال وستبقى إلى الأبد مخلصة وفيّة للجمهورية وجيشها الوطني رافضة للكهنوت الرجعي البغيض..