أكثر ما يهم الناس وما يتكلمون عنه في آثار الحوادث ما يتعلق بالواقع الحاضر والمستقبل القريب في الحياة الدنيا، بينما يعلمنا القرآن الكريم أن يكون تركيزنا واهتمامنا في قراءة الأحداث وتحليلها هو المستقبل الأبدي في الآخرة أو فيما يخدم ذلك المستقبل الحقيقي من قضايا الإيمان وأخذ العظة والعبرة، والأدلة على ذلك من القرآن كثيرة أكتفي بالإشارة لواحد منها وهي تعليق القرآن الكريم على هزيمة يهود بني النضير الذين ظنوا أن حصونهم مانعتهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا، نجد القرآن يأمر بأخذ العبرة ويبين الأسباب الحقيقية لما حل بهم في الدنيا وما ينتظرهم من العذاب الأليم في الآخرة، فيقول سبحانه وتعالى: ( فاعتبروا يا أولي الأبصار ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء لعذبهم في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب النار ذلك بأنهم شاقوا الله ورسول).
على ضوء هذا المنهج ينبغي أن تكون قراءة المسلم للأحداث، ولا يشغله صخب الإعلام والقيل والقال عن حقائق الأمور ومصائر النفوس الأبدية، وإن أول ما خطر على بالي عند سماع مقتل حسن نصرالله أن صفحته طويت وانتهى وقت الامتحان بالنسبة له، وسيرى النتيجة يوم العرض على الله، بل عند خروج روحه مباشرة، مات هذا الفاجر الجلد وانتهى ذكاؤه ودهاؤه وغروره، وفقد حاشيته وجنوده وأمواله وكل شيء، ولم يبق له إلا عمله وعقيدته، فما عمله وما عقيدته؟!
أما عقيدته فعقيدة الرافضة بما فيها من شرك وعبادة للقبور ودعاء غير الله وبغض لخيرة أولياء الله الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه، وإيذاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم في زوجاته أمهات المؤمنين وفي صحابته الكرام وفي حرب سنته وأمته على الحقيقة، الى آخر عقائد الرافضة المعلومة، وأما عمله فما ظهر لنا منه بضع معارك مع يهود لعنهم الله لخدمة مشروعه الطائفي وضحايا اليهود فيها قليل، ومعارك كثيرة خاضها بجنوده في سوريا والعراق واليمن ، وجنوده وكتائبه في سوريا منذ ثلاثة عشر عاما ومازالوا إلى الآن، قتلوا الآلاف من النساء والأطفال والرجال، وهتكوا الأعراض وسبوا النساء وسجنوا وعذبوا وشردوا ودفنوا المسلمين أحياء جرائم فضيعة تذكر بجرائم المغول والصليبيين ..
ترك ذلك كله وغيره مما لا يحيط بعلمه إلا الله وحده وسيحاسبه عليه وحده.
مر ذلك طيفا سريعا وتذكرت مباشرة دعاء الإمام العظيم أحمد بن حنبل رحمه الله الذي كان يكثر منه، وهو قوله: اللهم أمتني على الإسلام والسنة، فالإمام يخاف أن يموت على غير الإسلام أو أن يموت على بدعة، ولذلك يكثر من هذا الدعاء، وهو كذلك وصية الأنبياء ودعاؤهم كما في القرآن الكريم عن وصية إبراهيم ويعقوب لبنيهما ( فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون)، وعن يوسف داعيا ( توفني مسلما وألحقني بالصالحين ).
وكل مؤمن يدرك عاقبة أن يموت على الإسلام الصحيح الذي هو على طريقة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وسنته، ومن عواقب ذلك أنه يرتاح من كل شر، وأن الملائكة تبشره عند خروج روحه أنه لا خوف عليه مما هو آت بعد الموت ولا يحزن على ما ترك من أهل وأولاد، وأن القبر أول النعيم له، وأنه سيأتي آمنا يوم الفزع الكبير والهول العظيم يوم زلزلة الساعة وذهول كل مرضعة عما أرضعت ويوم يكون الناس كأنهم سكارى وما هم بسكارى، تتلقاه الملائكة تبشره وتطمئنه كما قال تعالى [ لا يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون ]، وكما قال تعالى [ وهم من فزع يومئذ آمنون ] ..
فيمر عليه يوم القيامة الذي هو خمسون ألف سنة وقتا يسيرا يخففه الله عليه، ويحاسبه ربه حسابا يسيرا، ويكون في ظل عرش الرحمن ونعيمه، من حر الشمس الشديد، وترجح حسناته في الميزان ويعبر الصراط سريعا ويدخل الجنة حيث النعيم الأبدي السرمدي الذي لا ينتهي ولا ينغصه أي شيء من المنغصات، حيث النعيم المقيم فيه ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، والنعيم الأعلى أن يحل عليه رضوان الله فلا يسخط عليه أبدا، وغاية النعيم رؤية وجه الله الكريم..
الله الله.. بالله عليك أيها المسلم الموحد تخيل هذه المواقف وحاول أن تعيشها بروحك، ثم انظر بعقل ويقين ماذا تساوي الدنيا الفانية بحطامها الزائل من مجد أو شهرة أو مال أو منصب أو غير ذلك، فإذا تأملت ذلك وأدركت أنه لا مجال للمقارنة البتة.. أيقنت أن أعظم نعمة عليك من الله والتي يجب أن تلح على الله في طلبها وأن تعيش لها وأن تكون نصب عينيك دائما وعلى قمة أولوياتك في الحياة ولا يدانيها أي هدف آخر، هو أن تموت على الإسلام والسنة، فاللهم أمتنا على الإسلام والسنة برحمتك يا أرحم الراحمين.