بران برس:
تناول تقرير دولي حديث، الأربعاء 16 أكتوبر/ تشرين الأول 2024، تفاصيل الاعتقالات التي نفذتها جماعة الحوثي المصنفة دولياً في قوائم الإرهاب، وأساليب قمع الجماعة وترهيبها لعشرات اليمنيين في الأسبوع الأخير من سبتمبر/أيلول 2024 بسبب احتفالهم السلمي أو منشوراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي حول "ثورة 26 سبتمبر" في اليمن.
التقرير الصادر عن "هيومن رايتس ووتش" و"مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان" ذكر أن الحوثيين، لم يوجهوا تهماً على أولئك المعتقلين، مما يرقى إلى الاحتجاز التعسفي، مطالبة الجماعة بالإفراج فورا عن كافة المحتجزين لمجرد ممارستهم حقهم في حرية التجمع والتعبير، وكذلك عن جميع الذين ما زالوا رهن الاحتجاز التعسفي، بمن فيهم عشرات موظفي "الأمم المتحدة" والمجتمع المدني في اليمن، الذين تم اعتقالهم وإخفائهم خلال الأشهر الأربعة الماضية.
ووفق مديرة البحوث بمركز القاهرة "آمنة القلالي" فإن "قمع الاحتجاجات وأي أنشطة تخالف معتقدات الحوثيين وأيديولوجياتهم يمثل انتهاكا إضافيا في سجل انتهاكات الحوثيين الطويل لحقوق الإنسان في ظل إفلات تام من العقاب".
ونقل التقرير عن صحفي قابله مركز القاهرة، بأن الاعتقالات بدأت منذ 21 سبتمبر/ أيلول، في محافظات صنعاء وعمران وذمار وإب والحديدة والمحويت وتعز والبيضاء والضالع وحجة على خلفية الاحتجاجات، في محاولة من الجماعة للحيلولة دون التعبئة الجماعية ضدها أو تتحدى سلطتها.
وأضاف أن الحوثيين اعتقلوا 209 أشخاص على الأقل في محافظة عمران وحدها، بينهم أطفال وكبار في السن، "يتجاوز عمر بعضهم 75 عاما". وفقا لـ"رابطة أمهات المختطفين"، فإن "عددا كبيرا من المحتجزين من الأطفال والمراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و19 عاما".
وأشار التقرير، إلى أن مركز القاهرة وهيومن رايتس ووتش قابلا 11 شخصا، بينهم أقارب ومحامون وأشخاص على اتصال وثيق ببعض المحتجزين، للوقوف على تفاصيل الاعتقالات.
وقال إن هيومن رايتس ووتش راجعت أيضا 3 فيديوهات تم تداولها على منصة "إكس" (تويتر سابقا)، تُظهر الترهيب والتهديدات المتعلقة بالاحتجاجات.
وذكر أنه "في الحالات التي وثقها مركز القاهرة وهيومن رايتس ووتش، لم يُوجّه الحوثيون اتهامات للمحتجزين، وذكر رجل من إب تواصل مع مسؤول حوثي بعد اعتقال العديد من أفراد أسرته مستفسرا عن سبب احتجازهم، أن المسؤول قال إن أقاربه المحتجزين أزعجوا الأمن العام وخالفوا التوجيهات. لكن الرجل يعتقد أن الحوثيين "يختلقون التهم لاعتقال الناس".
ووفق التقرير، اعتقل الحوثيون أشخاصا لمجرد توشّحهم بالعلم اليمني أو التلويح به أو تعليقه على سيارتهم، عن ذلك قال أحد أقارب المحتجزين إن 2 من أبناء عمومته اعتُقِلا وإنهما "لم يحتفلا أو يفعلا أي شيء، كانا يعلقان العلم اليمني على سيارتهم، قال لهما الحوثيون أنتما تحتفلان بيوم 26 سبتمبر وليس 21 سبتمبر وأخذوهما إلى السجن"، قال الرجل من إب: "الحوثيون هددوا أي شخص يحتفل بالثورة أو يرفع الأعلام اليمنية".
في السياق، اعتقل الحوثيون أشخاصا بسبب منشوراتهم على الإنترنت وعلى وسائل التواصل الاجتماعي إحياء لذكرى الثورة. قال رجل اعتُقِل شقيقه، إن هذا الأخير نشر فيديو يحتفل بالثورة في 26 سبتمبر/أيلول، وإن 5 مركبات عسكرية حوثية وصلت إلى منزل شقيقه في اليوم التالي.
ووصف الرجل شقيقه بأنه ناشط مهتم بالقضايا الاجتماعية على وسائل التواصل الاجتماعي. قال الحوثيون لشقيقه إنهم يريدون منه حذف قناته على يوتيوب وأخر منشور له حول 26 سبتمبر.
وقال شقيق المُحتجَز: "أخذوه إلى "إدارة التحقيقات الجنائية"، وعندما شرعوا في الإفراج عن بعض المعتقلين في 30 سبتمبر/أيلول، علمنا أنهم أرسلوه إلى إدارة الأمن والمخابرات، ولم يُفرَج عنه بعد".
إلى ذلك وبحسب التقرير الدولي، اعتقل كاتب في صنعاء، له الكثير من المتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك بعد مشاركته منشور حول 26 سبتمبر. قال صديقه: "وصل الحوثيون إلى منزله في عدة مركبات عسكرية، واقتحموا المنزل وكسروا الأبواب وأخافوا زوجته وابنه.. ثم أخذوه وأجهزته وحاسوبه المحمول وهواتفه وكاميراته القديمة، بعدما فتشوا المنزل بأكمله".
وأشار إلى أنه "في كلتا الحالتين، لم يقدم الحوثيون مذكرة توقيف أو مذكرة تفتيش، في انتهاك للقانون اليمني والقانون الدولي"، لافتاً إلى تعرض آخرين للتهديد من قبل الحوثيين الذي تعمدوا ترهيبهم، لمنعهم من نشر أي ما يتعلق بذكرى ثورة 26 سبتمبر.
عن ذلك يقول "المحامي عبد المجيد صبره" من صنعاء: "إنه بمجرد نشره على وسائل التواصل الاجتماعي أنه بصدد تقديم خدمات قانونية للمحامين المحتجزين على خلفية ذكرى 26 سبتمبر، تلقى "تهديدات مباشرة" من حوثيين.
وقال: "أتابع حالات الاعتقال عبر الهاتف من المكتب أو المنزل عبر التواصل مع بعض أقارب من نعرفهم من المحتجزين، وليس بشكل رسمي. وذلك لأن الخروج والمتابعة مع الجهات الأمنية يعني الاعتقال. ينتظرون أي ذريعة أو سبب للاعتقال".
في هذا السياق أورد تقرير "هيومن رايتس ووتش" و"مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان" قصة امرأة، قالت إنها "تلقت مكالمة تهديد بسبب منشوراتها على وسائل التواصل الاجتماعي في ذكرى ثورة 26 سبتمبر".
وقالت: "لم أشعر أبدا بالخوف من الحوثيين، لكن المُحبِط هو أنني لا أستطيع الخروج للاحتفال بذكرى الثورة ولا يمكنني رفع علم الجمهورية اليمنية والخروج مع ابنتي والاحتفال.. أشعر بالإحباط لعدم وجود العلم اليمني في شوارع صنعاء في ذكرى الثورة وكنت أبكي كل يوم".
وذكر التقرير أن "اعتقال أي شخص دون أمر قضائي واتهامات واضحة يمثل انتهاكا للمادة 132من قانون أصول المحاكمات الجزائية اليمني"، مبيناً أن احتجاز أي شخص دون سند في القانون المحلي أو الدولي، ودون توجيه تهم إليه على وجه السرعة، يُعدّ انتهاكا للقانون الدولي لحقوق الإنسان.
ووثّق "فريق خبراء الأمم المتحدة المعني باليمن" في تقريره لعام 2023 العديد من حالات الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري والتعذيب في اليمن، وأشار إلى أن "معظم الانتهاكات التي حقق فيها الفريق منسوبة للحوثيين".
وفي السنوات السابقة، احتجز الحوثيون أيضا مئات المتظاهرين الذين يحتفلون بذكرى ثورة 26 سبتمبر. في 2023، أشار المحامي عبد المجيد صبره على فيسبوك إلى اعتقال الحوثيين ألف شخص تقريبا على خلفية احتفالهم بذكرى الثورة. خلصت "منظمة سام للحقوق والحريات"، وهي منظمة حقوقية يمنية، إلى أن الحوثيين استخدموا القوة المفرطة ضد الذين يتظاهرون ويحتفلون سلميا.
كما احتجز الحوثيون تعسفاً عشرات العاملين في الأمم المتحدة والمجتمع المدني في اليمن منذ 31 مايو/أيار، وذكرت مصادر مطلعة لهيومن رايتس ووتش أن عدد المحتجزين مستمر في الزيادة.
قالت نيكو جعفرنيا، باحثة اليمن والبحرين في هيومن رايتس ووتش: "يواصل الحوثيون دعوة المجتمع الدولي إلى احترام حقوق الفلسطينيين في غزة، بينما ينتهكون في الوقت نفسه حقوق اليمنيين الذين يعيشون في الأراضي التي يُسيطرون عليها. يتعين عليهم أن يُبدوا للشعب اليمني الاحترام نفسه الذي يطالبون به للفلسطينيين، بدءا من وقف هذه الحملة التي لا نهاية لها من الاعتقالات التعسفية".