بران برس:
مع إعلان حركة “حماس”، الجمعة 18 أكتوبر/تشرين الأول 2024، استشهاد رئيس مكتبها السياسي، يحيى السنوار، في مواجهة مع قوات الإحتلال الإسرائيلي جنوب غزّة، برزت عدّة أسماء لخلافته في رئاسة الحركة.
من ضمن الشخصيات المتوقع اختيارها لقيادة الحركة، يبرز القائد “محمد إبراهيم حسن السنوار”، شقيق الشهيد “يحيى السنوار”، في مقدمة الأسماء المحتملة لخلافة شقيقه “يحيى”.
و“محمد السنوار”، واحد من أقدم وأبرز قادة كتائب “القسام”، الجناح العسكري لحركة “حماس”، ويقوم بدور مركزي في قيادة العمليات العسكرية، وهو ما يجعل منه شخصية حيوية داخل الحركة.
تقول شبكة “سي إن إن”، إنه “لا يزال من غير الواضح ما إذا كان السنوار، قد ترك أي تعليمات بشأن من يجب أن يحل محله، لكن ينظر لشقيقه الأصغر محمد، بأنه الأقرب لخلافته، وأنه أصبح مؤخرًا قائدًا عسكريًا بارزًا في حماس.
تكوينه ومسؤولياته
ولد محمد السنوار، في مخيم للاجئين بمدينة خان يونس جنوب قطاع غزة بتاريخ 16 سبتمبر/أيلول 1975.
تلقى تعليمه الأساسي في مدارس تابعة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).
تأثر في سن مبكرة بشقيقه الأكبر “يحيى” القيادي البارز في حماس، فكان محمد من رواد المساجد، ومن الرعيل الأول الذي التحق بصفوف الحركة منذ نشأتها نهاية العام 1987.
ظهر محمد السنوار منذ بداياته كشخصية قيادية بارزة، وتدرج في مواقع تنظيمية متعددة داخل حركة “حماس”.
برز ضمن نشطاء “حماس” في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي إبان الانتفاضة الكبرى 1987-1993.
كان من أوائل المنضمين لكتائب “الشهيد عز الدين القسام”، الذراع العسكرية لحركة “حماس”، منذ بداياتها الأولى وتحديدًا عام 1991 في غزة.
عام 2005، كان قد تولى منصب قائد “لواء خان يونس”.
مؤخرًا، أصبح عضوًا بارزًا في “هيئة الأركان” بكتائب “القسام”، ومقربًا من قائدها العام محمد الضيف، ونائبه مروان عيسى، وثلاثتهم الأبرز على قوائم الاغتيال الإسرائيلية.
حاولت إسرائيل مرارًا وتكرارًا القضاء عليه من خلال عمليات عسكرية مكثفة، بما في ذلك تدمير منزله عدة مرات، ومع ذلك، فإنه تمكن من النجاة مرارًا، مما أظهره كقائد فذ لا يمكن الوصول إليه بسهولة.
خلال العقدين الماضيين، نجا من 6 محاولات اغتيال إسرائيلية، ولهذا يعيش حياة محاطة بكثير من السرية، حتى أن غالبية سكان قطاع غزة لا يكادون يعرفون ملامحه.
أعلن الاحتلال الإسرائيلي جائزة قدرها 300 ألف شيكل لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى اعتقاله، مما يضعه في المرتبة الثانية بعد شقيقه “يحيى” من حيث الأولوية لدى الاستخبارات الإسرائيلية.
في 11 أبريل/نيسان 2003، أعلنت كتائب “القسام” نجاته من محاولة اغتيال بواسطة جسم ملغم زرعه عملاء للاحتلال في جدار منزله بمدينة خان يونس، غير أن يقظة مقاتلي “القسام” أفشلت هذه المحاولة. وعقبها اختفى عن الأنظار، حتى إنه لم يشارك علانية في تشييع والده الذي توفي عن 90 عاما في 12 يناير/كانون الثاني 2022.
في 24 أكتوبر/تشرين الأول 2004 هدمت قوات الاحتلال منزل عائلته.
وكانت آخر محاولات اغتياله خلال الحرب الرابعة على غزة “معركة سيف القدس”، في مايو/أيار 2021.
في إطار الهجمات الإسرائيلية المكثفة، خسرت “حماس” العديد من قادتها، مثل رائد العطار ومحمود أبو شمالة، الذين كانا مقربين من “محمد السنوار”، ومع استشهاده ازدادت مكانته داخل الحركة، باعتباره أكثر خبرة وتأثيرًا.
خاض تجربة الاعتقال في سجون الاحتلال إبان الانتفاضة الكبرى، واعتقلته “السلطة الوطنية” الفلسطينية ضمن حملات الاعتقال السياسي، التي استهدفت قادة وأعضاء حماس تسعينيات القرن الماضي.
بعد اندلاع “انتفاضة الأقصى” ببضعة شهور، ساهم- مع آخرين نجحوا في الهرب من سجون رام الله- في إعادة بناء وتنظيم كتائب القسام.
حرب الأدمغة والميدان
كرّس “محمد السنوار” جهوده لتعزيز قدرات حماس العسكرية، ومكافحة أنشطتها الأمنية لفهمه العميق لكيفية عمل الاحتلال.
يصفه الإعلام الإسرائيلي بأنه “الشخص الغامض” داخل حماس. وأفردت الصحف الإسرائيلية تقارير عن دهائه العسكري، ودوره في “حرب الأدمغة” التي تخوضها الحركة ضد إسرائيل.
وتتهمه إسرائيل بأنه “العقل المدبر” للكثير من العمليات الفدائية، وأبرزها ما يسمى “عمليات الأنفاق المفخخة” التي استهدفت مواقع عسكرية إسرائيلية على مدار 5 سنوات، عقب اندلاع انتفاضة الأقصى.
برز اسمه كأحد المخططين لعملية “الوهم المتبدد” التي استهدفت موقعًا عسكريًا إسرائيليًا قرب معبر كرم أبو سالم (كيرم شالوم)، شرق مدينة رفح أقصى جنوب قطاع غزة، في 25 يونيو/حزيران 2006.
نجحت المقاومة في أسر الجندي “جلعاد شاليط”، والاحتفاظ به لسنوات قبل إطلاق سراحه في إطار صفقة “وفاء الأحرار” لتبادل الأسرى في 18 أكتوبر/تشرين الأول 2011.
هذا الإنجاز العسكري عزز مكانته كقائد عسكري داخل كتائب “القسام”، وجعله هدفًا بارزًا على قوائم الاغتيال الإسرائيلية، نتيجة لدوره في التخطيط وتنفيذ عمليات مماثلة.
يؤمن “محمد السنوار” بأن الحل لتحرير آلاف الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال يكمن في صفقات التبادل.
من واقع تجربته النضالية وخبرته العسكرية وقدرته الكبيرة في العمل تحت الضغط والرقابة الإسرائيلية المكثّفة، يرجح كثيرون أن “محمد السنوار”، خيارًا قائمًا لقيادة حركة حماس، خلفًا لشقيقه “يحيى”، وهو ما يجعله هدفًا رئيسيًا لإسرائيل في الحرب القائمة.
المصدر | الجزيرة + وكالات