بران برس- خاص:
كشف فريق خبراء مجلس الأمن الدولي المعني باليمن، عن “تعاون متزايد” بين جماعة الحوثي والجماعات الإرهابية مثل تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، وحركة الشباب المؤمن الصومالية، معتبرًا هذا “أمر مثير للقلق”.
وتحدث الفريق، في تقريره السنوي الموجه إلى رئيس مجلس الأمن بتاريخ 11 أكتوبر/تشرين الأول 2024، والذي حصل “برّان برس” على نسخة منه، عن طبيعة الصراع في اليمن ومآلاته، وعن خارطة الطريق في اليمن، والدعم الخارجي الذي تحصل عليه جماعة الحوثي، وما تقوم به من تصعيد داخل البلاد وخارجها.
وتناول التقرير الحرب الاقتصادية في البلاد وانعكاساتها على الأوضاع المعيشية لليمنيين، متطرقًا إلى انتهاكات حقوق الإنسان بما فيها تجنيد الأطفال وتسييس التعليم وأحكام الإعدام وزراعة الألغام وغيرها من القضايا.
أزمة دولية كبرى
وفي تقريره، قال فريق الخراء الأممي إن “النزاع في اليمن، الذي بدأ قبل عقد من الزمن كنزاع مسلح داخلي ثم توسع فأصبح مواجهة إقليمية قد تصاعد الآن ليتحول إلى أزمة دولية كبرى”.
وأضاف أن حرب غزة شكلت “نقطة تحول في الديناميكيات الإقليمية، وأدى ما نجم عنها لاحقًا من آثار غير مباشرة إلى وقف عملية السلام اليمنية”.
وعن السلام في اليمن، قال تقرير فريق الخبراء إنه “لا يمكن توقيع اتفاق خريطة الطريق إلا عندما يكون الوضع الإقليمي مواتيًا ويتوقف الحوثيون عن مهاجمة السفن في البحر الأحمر”.
وأضاف أن الحوثيين استغلوا الوضع الإقليمي وعززوا تعاونهم مع “محور المقاومة” في انتهاك لنظام الجزاءات المفروضة عملا بقرار مجلس الأمن 2140 (2014).
دعم إيراني متزايد
وقال فريق الخبراء الأممي أنه حصل على معلومات تشير إلى أن الحوثيين “يتلقون المساعدة التقنية والتدريبات والأسلحة والدعم المالي من إيران والجماعات المسلحة العراقية وحزب الله”.
وبالإضافة إلى ذلك، قال: “أنشئت مراكز عمليات مشتركة في العراق ولبنان تضم تمثيلًا حوثيًا، بهدف تنسيق الأعمال العسكرية المشتركة التي يقوم بها محور المقاومة”.
وعلاوة على ذلك، قال “إن التعاون المتزايد بين الحوثيين والجماعات الإرهابية مثل تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية أمر مثير للقلق“.
تعاون مع الجماعات الإرهابية
وكشف التقرير عن تحالف بين جماعة الحوثي والتنظيمات الإرهابية ضد الحكومة اليمنية قائلاً: “اتفق الحوثيون والجماعات الإرهابية على وقف النزاع الداخلي، وعلى نقل الأسلحة والتنسيق بشأن الهجمات ضد قوات حكومة اليمن”.
وبالإضافة إلى ذلك، “لوحظت زيادة في أنشطة التهريب، بما في ذلك تهريب الأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة، بين الحوثيين وحركة الشباب، مع وجود مؤشرات على وجود إمدادات عسكرية مشتركة أو مورد مشترك.
وأشار إلى أنه “سيكون للجزاءات المفروضة على الحوثيين تأثير محدود ما لم تتخذ الإجراءات المناسبة ضد جميع منتهكي نظام الجزاءات”.
دعم خارجي
وتحدث التقرير عن دعم خارجي “غير مسبوق” تحصل عليه جماعة الحوثي. وقال إن “عمليات نقل الأعتدة والتكنولوجيا العسكرية المتنوعة المقدمة للحوثيين من مصادر خارجية، بما في ذلك الدعم المالي المقدم لهم وتدريب مقاتليهم، هي عمليات غير مسبوقة من حيث حجمها وطبيعتها ونطاقها”.
ولف إلى العرض العسكري الذي أقامه الحوثيون في صنعاء في أيلول / سبتمبر 2023، وقال إنهم استعرضوا “العديد من القذائف التسيارية، والقذائف الانسيابية، والصواريخ الموجهة المضادة للسفن، وصواريخ أرض- جو، والطائرات المسيرة، والطائرات المسيرة الهجومية أحادية الاتجاه، وسفن الهجوم السريع، والزوارق غير المأهولة، ومنظومات المراقبة الكهروبصرية، والألغام البرية والبحرية”.
وفند مزاعم التصنيع العسكري المحلي للحوثيين، قائلا إنهم “لا يمتلكون القدرة على تطوير وإنتاج معظم المعدات المذكورة أعلاه دون مساعدة خارجية”.
ومنذ كانون الثاني/يناير 2023، قال إن حكومة اليمن اعترضت العديد من المواد العسكرية وذات العرض المزدوج. فيما اعترضت الولايات المتحدة في كانون الثاني / يناير 2024 سفينتين في المياه الدولية قال إنهما “تحملان معدات فتاكة، بما في ذلك مكونات قذائف، ومركبة غاطسة غير مأهولة، قيل إنها كانت في طريقها إلى مناطق خاضعة لسيطرة الحوثيين”.
تصعيد تدريجي
وتطرق التقرير إلى عمليات الحوثيين في البحر الأحمر، وقال إنهم اعتمدوا “استراتيجية تصعيد تدريجي من خلال استهداف السفن التجارية والبحرية في البحر الأحمر”.
ولفت إلى عملية اختطاف الحوثيين سفينة غالاكسي ليدر (Galaxy Leader) في 19 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، وقال إنه “لا يزال أفراد طاقمها البالغ عددهم 25 فرداً والمنتمون إلى جنسيات مختلفة محتجزين حتى الآن”.
وردًا على ذلك، قال إنه “تم تشكيل قوات تحالف بحرية دولية بهدف ردع الحوثيين وتأمين حرية الملاحة. غير أن الحوثيين لم يرتدعوا بعد، وهم يواصلون مهاجمة السفن”.
وقال إنه “شُن ما لا يقل عن 134 هجومًا من مناطق خاضعة لسيطرة الحوثيين ضد سفن بما في ذلك سفن حربية من المملكة المتحدة لبريطانيا وأيرلندا الشمالية والولايات المتحدة، باستخدام قذائف من طرازات جديدة”.
تصعيد داخلي
وداخليًا، قال فريق الخبراء إن الحوثيين يكثّفون عملياتهم ضد حكومة اليمن، محاولين إحراز تقدم على عدة جبهات، كما يقومون بتجنيد أعداد كبيرة من الشباب والأطفال اليمنيين والمهاجرين غير النظاميين والمرتزقة من القبائل الإثيوبية، وفق التقرير.
ووصف فريق الخبراء الوضع العسكري الداخلي بأنه “هش”، مشيرًا إلى أن “إشعال أي شرارة على الصعيد الداخلي أو الخارجي قد يتسبب باستئناف المواجهات العسكرية”.
تمويل الحرب
وتحدث التقرير عن أنشطة الحوثيين المستمرة لدعم أنشطتهم العسكرية، وشبكات تمويلهم، وقال إنهم “اعتمدوا العديد من التدابير غير القانونية لتوليد موارد كبيرة لأغراضهم العسكرية”.
وأضاف أنهم “يستغلون سيطرتهم على قطاع الاتصالات لطلب الأموال العامة لطائراتهم المسيرة التي تشكل “القوة الجوية” ولـ“قواتهم للدفاع الساحلي”، وذلك عن طريق إرسال ملايين الرسائل إلى المشتركين في شركات الاتصالات”.
وإضافة إلى ذلك، قال: “يستخدم الحوثيون شبكات مختلفة تعمل في إطار ولايات قضائية متعددة، بما في ذلك الشركات الوهمية وشركات الصرافة، لتمويل أنشطتهم، خاصة من قطاع النفط والغاز النفطي المسال”.
تهريب مستمر وجزاءات محدودة
وفي جانب التهريب، قال التقرير إن “شبكات الحوثيين تستخدم وثائق مزورة مثل شهادات بلدان المنشاء وتلجأ إلى المناقلة بين السفن، وتنشر سفنًا تقوم بوقف تشغيل النظام الآلي لتحديد هوية السفن بانتظام أثناء الرحلات لتجنب الكشف عن الموانئ التي تزورها هذه السفن والطرق التي تسلكها، أو لتجنب عمليات التفتيش التي تقوم بها آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش”.
وأضاف: “لا يزال الحوثيون ضالعين في استخدام عناصر مسلحة على نطاق واسع وبشكل غير قانوني لتجميد أو مصادرة أصول الأفراد والكيانات، والاستيلاء على إدارة الشركات، والانخراط على نطاق واسع في عمليات تهريب الأسلحة والمخدرات ومعدات الاتصالات ذات الاستخدام المزدوج والمبيدات الحشرية والأدوية والممتلكات الثقافية اليمنية”.
وأردف قائلًا: “لا يزال الأفراد المدرجة أسماؤهم بموجب نظام الجزاءات، ومن يتصرفون نيابة عنهم أو بتوجيه منهم، والكيانات التي يملكونها أو يتحكمون فيها، يتلقون الأموال والأصول المالية والموارد الاقتصادية الأخرى أو يمتلكونها أو يتحكمون فيها، بصورة مباشرة أو غير مباشرة”.
وعن فعالية الجزاءات المالية قال إنها “محدودة”. مرجعًا سبب ذلك “جزئيًا إلى النهج الذي يعتمده المجتمع الدولي للحؤول دون أن تخلف الجزاءات المالية أي تأثير سلبي غير مرغوب فيه على الصعيد الإنساني، وجزئيًا إلى افتقار الحكومة إلى القدرة على تجميد الأصول التي تسيطر عليها فعليا السلطات المعينة من قبل الحوثيين والموجودة في المناطق الخاضعة لسيطرتهم”.
الاقتصاد والحرب
وكشف تقرير الخبراء المعني باليمن عن “عدة محاولات من قبل الحوثيين لطباعة أوراق نقدية في الخارج”.
وتحدث عن اشتداد التنافس بين البنود في اليمن، وقال إن البنك المركزي اليمني في صنعاء أصدر عملة معدنية جديدة من فئة 100 ريال في 30 آذار / مارس 2024 وما لبث البنك المركزي اليمني في عدن أن أعلن أنها مزيفة.
وأضاف: “قام البنك المركزي اليمني في عدن مؤخرًا بإلغاء تراخيص ستة بنوك رائدة في صنعاء، وهدد بفصلها عن نظام جمعية الاتصالات المالية بين المصارف على مستوى العالم (نظام سويفت).
وقال إن هذه البنوك تتولى “إجراء عدد كبير من التحويلات المالية الدولية خاصة نيابة عن العديد من الكيانات التي يسيطر عليها الحوثيون”.
وبالتالي، قال إن “الحظر أثر على المصالح الاقتصادية للحوثيين الذين هددوا بعد ذلك بالعودة إلى الحرب وشن هجمات عبر الحدود ضد البنية التحتية الاقتصادية الحيوية في السعودية“، لافتًا إلى “تعرض منزل محافظ البنك المركزي اليمني بعدن الكائن في صنعاء للهجوم، وصادرت المحكمة المعينة من قبل الحوثيين ممتلكاته“.
ومع ذلك، قال التقرير إنه بفضل جهود الوساطة التي وصفها بـ“الجادة”، والتي بذلها من وصفهم بـ“أصحاب المصلحة في الوقت المناسب، قام البنك المركزي اليمني في عدن يسحب أوامر إلغاء التراخيص الصادرة ضد البنوك. وتم وقف تصعيد النزاع وتجنب الحرب”.
غير أن ذلك دفع بحكومة اليمن والمجلس الانتقالي الجنوبي إلى “إبداء مستويات عالية من عدم الرضا عن استجابة المجتمع الدولي”، ووفق التقرير، فإن هذا الحادث “يسلط الضوء على الكيفية التي يمكن أن تتحول بها مشكلة اقتصادية إلى حرب شاملة”.
وقال إن هذا “يؤكد الطابع الهام والملح المعالجة التحديات الاقتصادية القائمة منذ فترة طويلة التي تهدد السلام والأمن والاستقرار في اليمن”.
كما يؤكد هذا، وفق التقرير، “التفاعل بين المصالح الاقتصادية والصراع على السلطة السياسية والأعمال العسكرية تعقد الوضع في اليمن”.
تهديد الاستقرار
وعن هجمات الحوثيين على السفن التجارية في البحر الأحمر، قال تقرير الخبراء إنها “خلفت تأثيرًا مضاعفًا”، مبينًا أن “اليمن كان هو الطرف الأكثر تضررًا”، موضحًا أن هذا “أدى الارتفاع الكبير في تكاليف النقل والتأمين إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية على مستوى العالم”.
وإلى ذلك، قال التقرير إن “الحظر الذي يستمر الحوثيون في فرضه على تصدير النفط الخام والذي أدى إلى استنفاد احتياطي النقد الأجنبي وخفض قيمة الريال اليمني”.
وهذا الأمر، وفق التقرير، “خلف عواقب سلبية أثرت بشدة على تقديم الخدمات العامة في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، وقد أدى ذلك إلى اندلاع احتجاجات منتظمة واضطرابات عامة ومشاحنات بين المجلس الانتقالي الجنوبي والحكومة، مما هدد الاستقرار السياسي والاقتصادي في البلد”.
انتهاكات مستمرة
وبشأن انتهاكات القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان، قال إنها “لا تزال مستمرة، خاصة من قبل الحوثيين”.
وتشمل هذه الانتهاكات، وفق التقرير، “تنفيذ هجمات عشوائية على المدنيين والأعيان المدنية، وأعمال العنف الجنسي المرتبط بالنزاعات، والعنف الجنساني بما في ذلك العنف القائم على أساس الميل الجنسي والهوية الجنسية، وكذلك التعذيب وغيره من أشكال المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة”.
وأضاف أن “هناك العديد من حالات الاحتجاز التعسفي والاختفاء القرى وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية وإيصالها وتوزيعها”.
وتابع: “وردت عدة تقارير عن انتهاكات جسيمة للإجراءات القانونية الواجبة، غالباً ما أدت إلى صدور أحكام بالإعدام، وهي أحكام قال إنها “نُفّذت على ما يبدو لقمع المعارضة”، في إشارة غير مباشرة إلى أحكام الإعدام الحوثية.
وإلى ذلك، قال “إن الاحتجاز التعسفي من قبل الحوثيين للعاملين في مجال تقديم المساعدة الإنسانية، الذين احتجزوا بمعزل عن العالم الخارجي، والاستيلاء على ممتلكات الجهات الفاعلة في المجال الإنساني أمر مثير للقلق بشكل خاص”.
وأضاف أن “هذه الأعمال تعيق تنفيذ الولايات الإنسانية وتعرقل جهود الأمم المتحدة لتعزيز السلام والأمن في اليمن”.
وبالإضافة إلى ذلك، قال “إن تجنيد الأطفال واستخدامهم في النزاع يهدد استقرار المجتمع اليمني في المستقبل وأفاق السلام والأمن المستدامين”.
ولفت إلى المخيمات الصيفية التي ينظمها الحوثيون، وقال إنهم يستغلونها “لنشر الكراهية والعنف والتمييز”. وبالتوازي مع ذلك، قال “يواجه العاملون في مجال التعليم الذين يقاومون تسييس النظام التعليمي أعمالاً انتقامية شديدة، تشمل الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري”.
مخاطر الألغام
وتطرق تقرير خبراء مجلس الأمن الذي حصل عليه “برّان برس”، إلى الألغام في اليمن، وقال إنها “من الأمور المثيرة للقلق”.
وقال إن “الحوثيين ينتجون الألغام الأرضية محليا، حيث يستخدمون آليات تفجير محددة لزيادة احتمال وقوع أضرار بشرية”.
وأضاف أن “إبطال مفعول الألغام الأرضية أصبح أكثر خطورة بالنسبة لعمال إزالة الألغام، لا سيما وأن الحوثيين لا يتبعون خطة لزرع الألغام”.
وشدد على ضرورة “معالجة هذه الانتهاكات السياسية والاقتصادية والأمنية والإنسانية المتشابكة على نحو شامل”.
ويتكون فريق الخبراء التابع للجنة العقوبات، من خمسة أعضاء يقوم الأمين العام للأمم المتحدة بتعيينهم، وتتمثل مهمته في مساعدة اللجنة على تنفيذ مهامها، وموافاتها بتقارير دورية تتضمن المعلومات المتعلقة بتنفيذ العقوبات المفروضة من قبل المجلس في حالات تقويض العملية السياسية، والتحقيق في انتهاكات وتجاوزات القانون الدولي التي يرتكبها جميع أطراف النزاع في اليمن.