بران برس:
قالت منظمة سام للحقوق والحريات، الأربعاء 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، “تقريراً معمقاً يوثّق حملة القمع التي شنتها جماعة الحوثي ضد المحتفلين بالذكرى 62 لثورة 26 سبتمبر، التي طالت نشطاء وإعلاميين وتربويين وقيادات في أحزاب سياسية ومشايخ قبليين، على خلفية دعوتهم أو احتفائهم بهذه المناسبة”.
وأوضحت المنظمة في تقريرها الذي حمل عنوان: “الانتقام بأثر رجعي”، اطلع عليه “بران برس”، أن هذا يأتي “ضمن استراتيجية أوسع لقمع حرية التعبير والتجمع السلمي التي تنتهجها جماعة الحوثي كوسيلة للتحكم في المجتمع وفرض سيطرتها على المجال العام ومنع أي تعبيرات تتعارض مع رؤيتها”.
وذكر أن الجماعة “تتبنى نهجاً ثابتاً في الاعتقالات التعسفية وقمع الحريات، كجزء من استراتيجيتها للسيطرة السياسية والاجتماعية، وتستهدف أي نشاطٍ يُعبّر عن معارضة أو انتقاد لسياساتها، أو يُعزّز أي شكلٍ من أشكال التعددية الفكرية والسياسية”.
ويشمل ذلك “قمع الاحتفالات بذكرى ثورة سبتمبر، التي تعتبرها جماعة الحوثي تحديًا لشرعيتها المستمدة من مفهومها السياسي والديني، كونها امتدادًا للنظام الإمامي الذي أطاحت به ثورة سبتمبر”، وفق التقرير.
وطبقًا لمنظمة سام، فإن “جماعة الحوثي تنتهك بشكل صارخ القانون اليمني والقانون الدولي من خلال حملات الاعتقال التعسفية ضد المحتفلين بذكرى ثورة 26 سبتمبر”. موضحة أن “هذه الاعتقالات تُمارس دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة”.
وعن ظروف الاحتجاز، قالت “سام”، إن الجماعة تحتجز الضحايا في “ظروف قاسية وأماكن تفتقر إلى الشروط الأساسية لحقوق الإنسان، وتعرّضهم للتعذيب الجسدي والنفسي لإجبارهم على التخلي عن مواقفهم والإدلاء باعترافات قسرية”.
وفيما يتعلق بظروف الاختطاف، قالت إنه “يجري دون تقديم تهم رسمية أو محاكمات عادلة، مما يجعل هذه الاعتقالات تعسفيةً بموجب القانون الدولي، وخاصةً المادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية”.
وأوضح أن الجماعة “استخدمت ذرائع عدة لتبرير هذه الاعتقالات، مثل الاتهامات بالتحريض على الفتنة أو تهديد الأمن العام، إلا أن هذه الذرائع غالبًا ما تكون واهية”.
وأضاف التقرير الحقوقي أن جماعة الحوثي لم تكتفِ بقمع الأصوات المعارضة داخليًا، بل وسّعت حملات الاعتقال لتشمل العاملين في السفارات والوكالات الأممية.
وبيّن أن هذا يشير إلى أن هدف الجماعة “ليس فقط إسكات المعارضين، بل أيضاً إرسال رسالة واضحة إلى المجتمع الدولي بأنها تتحكم بشكل كاملٍ في الأراضي التي تسيطر عليها”.
وقال إن الجماعة تستخدم الاعتقالات التعسفية كوسيلة للضغط على الأطراف المحلية والدولية وتعزيز موقفها التفاوضي في أي محادثات سياسية، وإرسال رسالة بأنها قادرة على التأثير في الداخل والخارج على حدٍّ سواء.
وطبقًا لمنظمة سام، فإن ”الاعتقالات التي تمارسها جماعة الحوثي ضد المحتفلين بذكرى ثورة 26 سبتمبر تعكس الانقسام السياسي والاجتماعي والثقافي العميق في اليمن”، والذي قالت إنه “يُعدّ نتاج سنوات من النزاع والصراع على الهوية الوطنية، وتعمّق بشكل أكبر بعد سيطرة جماعة الحوثي على صنعاء ومناطق أخرى”.
وأوضحت أن “هذا الانقسام رافقه تجنيد فئات من المجتمع للاعتداء على المحتفلين، واعتبارهم خونة وعملاء للخارج يهددون الأمن القومي، في ظل الحرب التي تخوضها الجماعة”.
وبيّنت أن “القمع المُمنهج الذي يمارسه الحوثيون أدى إلى تقليص الحريات الثقافية وتراجع النقاشات حول الهوية الوطنية والتاريخ المشترك لليمنيين، مما أثر سلباً على إمكانية بناء حوار وطني شامل، محذرة من أن الاعتقالات وسيلة فعّالة لتقويض عمل المجتمع المدني”.
وأكّدت منظمة سام، أن “هذه الانتهاكات التي تمارسها جماعة الحوثي ضد المدنيين في مناطق سيطرتها لن تسقط بالتقادم، وأن الإفلات من المساءلة والعقاب لن يستمر”، مؤكدةً على أنه “سيتم مساءلة مرتكبي هذه الانتهاكات أمام القضاء الوطني والدولي”.
ودعت سام إلى التعاون مع منظمات حقوق الإنسان كخطوة حيوية في مواجهة الانتهاكات الحوثية، بما يُمكِّن الناشطين المحليين من الحصول على الدعم الفني والموارد اللازمة لتوثيق الانتهاكات بشكل فعّال.. مشددة على أهمية التوثيق كوسيلة للمساءلة في مواجهة انتهاكات جماعة الحوثي.
والأربعاء 16 أكتوبر/ تشرين الأول 2024، قال تقرير حقوقي صادر عن “هيومن رايتس ووتش” و“مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان”، إن الاعتقالات الحوثية على خلفية الاحتجاجات بدأت منذ 21 سبتمبر/ أيلول، في محافظات صنعاء وعمران وذمار وإب والحديدة والمحويت وتعز والبيضاء والضالع وحجة.
وأضاف أن الحوثيين اعتقلوا 209 أشخاص على الأقل في محافظة عمران وحدها، بينهم أطفال وكبار في السن، “يتجاوز عمر بعضهم 75 عاما”. مضيفًا أن عددا كبيرًا من المحتجزين من الأطفال والمراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و19 عاما”.
ووفق مديرة البحوث بمركز القاهرة، آمنة القلالي، فإن “قمع الاحتجاجات وأي أنشطة تخالف معتقدات الحوثيين وأيديولوجياتهم يمثل انتهاكا إضافيا في سجل انتهاكات الحوثيين الطويل لحقوق الإنسان في ظل إفلات تام من العقاب”.