بران برس:
أفادت دراسة اقتصادية، الأحد 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، بأن “الموازنة العامة أصبحت تعتمد اعتمادًا كبيرًا وبنسية تجاوزت الـ30% على المنح المقدمة من الخارج ، والتي تمثلت عام 2014، 43% من الإيرادات”.
واستبعدت الدراسة الصادرة عن “مركز المستقبل اليمني للدراسات الاستراتيجية”، بعنوان: “عجز الموارد في اليمن.. الآثار المنهكة والمعالجات الضرورية”، أن يتم علاج الفجوة القائمة في الموارد باليمن في ظل الظروف الراهنة، متوقعة أن "تزداد فجوة الموارد ويتسع حجم العجز فيها، مما يعني استمرار النتائج الكارثة للعجز".
ووفق الدارسة التي اطلع عليها “بران برس”، فإن “عجز الموارد في اليمن هي نتيجة طبيعية للحرب في اليمن وهي ممتدة منذ بداية الحرب”. موضحة أن هذا العجز خلّف آثارًا اقتصادية واجتماعية وصفتها بأنها “كارثية”.
وتمثلت هذه الآثار، وفق الدراسة، في “انهيار الخدمات الأساسية، وتوقف عملة التنمية، وانهيار العملة، وارتفاع نسبة الفقر والبطالة، والتضخم وغيرها”.
وبيّنت أن العجز في الميزان التجاري ارتفع بشكل متتالي منذ بداية الحرب، وأصبحت الفجوة بين الواردات والصادرات كبيرة جدًا بسبب توقف صادرات النفط والغاز، وتوقف الكثير من الأنشطة الإنتاجية.
وأوصت الدراسة بـ“ضرورة إعادة تصدير النفط والغاز”، لضمان معالجة العجز في الموازنة بدون الحاجة لمنح خارجية، والذي قالت إنه “سيوفر موارد للدولة لاستخدامها في برامج التنمية”.
وإلى جانب، “إعادة تصدير النفط والغاز”، أوصت الدراسة بـ“إعادة حشد الموارد المالية وفق خطط واضحة ومزمنة ضمن القنوات الرسمية ممثلة بالبنك المركزي اليمني في عدن، بالإضافة إلى “مكافحة الفساد المالي والإداري”.
كما أوصت بـ“اتخاذ قرارات حكومية تقشفية”، تتضمّن تخفيض عدد البعثات اليمنية بالخارج، وتخفيض عدد الموظفين للهيئات المختلفة في السفارات والبعثات في الخارج، وشراء السيارات والأثاث للموظفين الحكوميين، والسفريات غير الضرورية للمشاركات الخارجية للهيئات الحكومية.
وكذا “إيقاف شراء الطاقة مع فتح المجال للقطاع الخاص للدخول المباشر لسوق الطاقة”، مشيرة إلى أن هذا “ سيوفر على الدولة ما يقرب 15% من حجم الانفاق العام”.
وأصت الدراسة الاقتصادية بـ“توقيف صرف أي مرتبات بالعملة الصعبة وتحويلها للعملة المحلية مع إيقاف أي تعينات خارج إطار القانون وتخفيض ما وصفته بـ“جيش الاستشاريين”.
ودعت لـ“إقرار موازنة مالية سنوية للحكومة وفقًا للأطر السليمة كأساس لإدارة مالية الدولة”. إضافة إل “وضع خطط لإعادة الاعمار والانتعاش الاقتصادي لمحاولة معالجة الاثار السلبية المتراكمة لعجز الموارد على الاقتصاد والمواطنين والتنمية في اليمن”.
ولمعالجة العجز في الميزان الجاري، أوصت الدراسة بـ“تقديم برامج جذب استثماري للأموال اليمنية المهاجرة في الخارج وتعديل التشريعات لجذب الاستثمارات الأجنبية، وإعادة تشغيل المصافي في عدن والتوسع في إنشاء مصافي جديدة في شبوة وحضرموت وفق دراسات جدوى معتمدة”. وأيضًا “إيقاف استيراد السلع الكمالية والسيارات لمدة معينة”.
وبالتزامن، أوصت بـ“تشجيع الاقطاع الخاص لإعادة مستويات التشغيل إلى مقبل عام 2015 وتحفيز المستثمرين للاستثمار في القطاعات الانتاجية وخصوصا السلع التي تحل محل الواردات وتشجيع الانتاج من اجل التصدير”.
وتعاني اليمن أزمة مالية كبيرة، جراء تداعيات الحرب المستمرّة في البلاد منذ سيطرة جماعة الحوثي على العاصمة صنعاء وعدة محافظات أواخر 2014، وتضاعفت عقب توقف تصدير النفط في أكتوبر/تشرين الأول 2022، جراء هجمات شنها الحوثيون على موانئ تصدير النفط في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة.
ويتمسك الحوثيون برفض السماح باستئناف تصدير النفط، ويشترطون الاتفاق على آلية يتم فيها دفع رواتب كافة الموظفين العموميين في جميع مناطق اليمن من عائدات النفط.
وتواجه الحكومة اليمنية المعترف بها، حاليًا، أزمة نقدية خانقة مع تفاقم اضطراب العملة المحلية حيث سجل سعر صرف الريال أدنى مستوى له أمام العملات الأجنبية، حيث سعر الدولار الواحد 2060 ريال، بعد أن كان سعره أواخر أبريل/نيسان المنصرم 1676 ريالًا، في حين سجل الريال السعودي 541 ريالًا للبيع بعد أن كان يقابل 441 ريالًا، وهو أدى أدنى مستوى في تاريخه.
وفي يوليو/ تموز الماضي، أعلن مكتب المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، هانس غروندبرغ، عن اتفاق الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي، على عدة تدابير لخفض التصعيد فيما يتعلق بالقطاع المصرفي والخطوط الجوية اليمنية.
وقال مكتب “غروندبرغ”، إنه تسلم نص مكتوب من الطرفين يتضمن، الاتفاق على “الغاء القرارات والاجراءات الأخيرة ضد البنوك من الجانبين والتوقف مستقبلا عن اي قرارات او اجراءات مماثله.
وتضمن الاتفاق، وفق البيان، استئناف طيران اليمنية للرحلات بين صنعاء والأردن وزيادة عدد رحلاتها إلى ثلاث يوميا، وتسيير رحلات إلى القاهرة والهند يومياً او بحسب الحاجة.
وشمل أن تعقد اجتماعات لمعالجة التحديات الادارية والفنية والمالية التي تواجهها الشركة، والبدء في عقد اجتماعات لمناقشة كافة القضايا الاقتصادية والانسانية بناء على خارطة الطريق.
والخميس 7 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، أجرت الحكومة اليمنية، نقاشاً مستفيضاً لتقييم خطة للإنقاذ الاقتصادي، والتي تتوافق مع أولوياتها، المتمثلة في استكمال استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب وتحقيق السلام.
وأقرت في اجتماع استثنائي عقدته في عدن، تشكيل لجنة وزارية من 7 وزراء والبنك المركزي لدراسة الخطة واستيعاب الملاحظات المقدمة عليها، والخروج بوثيقة اقتصادية موحدة يتم الاستناد عليها في عمل الدولة والحكومة بحسب الأولويات العاجلة.
وفي 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2024، قال تقرير للبنك الدولي، اطلع عليه “برّان برس”، إن الاقتصاد اليمني ما زال يواجه تحديات متفاقمة، حيث يؤدي طول أمد الصراع، والتشرذم السياسي، وتصاعد التوترات الإقليمية، إلى دفع البلاد إلى منزلق أزمة إنسانية واقتصادية أكثر حدة وخطورة.
وأكّد التقرير أن توقف تصدير النفط، إلى جانب الاعتماد الكبير على الواردات، أدى إلى تكثيف الضغوط الخارجية، مما تسبب في انخفاض قيمة الريال اليمني بشكل غير مسبوق.
ولفت إلى أن استمرار تفاقم التشرذم الاقتصادي بين المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، وتلك التي تسيطر عليها الحكومة المعترف بها دوليًا، والتفاوت في معدلات التضخم وأسعار الصرف، أدى إلى تقويض أسس الاستقرار وجهود التعافي في المستقبل.
وتطرق التقرير إلى المخاطر المحتملة على القطاع المصرفي اليمني، الذي قال إنه "واجه توترات متصاعدة بين الحوثيين والحكومة المعترف بها دوليًا فيما يتعلق بالمراقبة التنظيمية في النصف الأول من العام".
وتوقع البنك أن ينكمش إجمالي الناتج المحلي لليمن بنسبة 1 % في عام 2024، في استمرار للانخفاض، وذلك بعد انخفاضه بنسبة 2 % في عام 2023، مشيراً إلى أن ذلك “يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي الحقيقي، لتصل نسبة الانخفاض إلى 54 %منذ العام 2025.