بران برس - وحدة التقارير:
مع استمرار الحرب وتدهور الأوضاع الاقتصادية، تتواصل أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية في الارتفاع إلى مستويات قياسية تفوق القدرة الشرائية للمواطنين في عموم اليمن.
“أم عبدالرحمن”، تُعيل أربعه أبناء، بعد أن فقدت زوجها خلال الحرب، تقول لـ“بران برس”، إن الارتفاع المتواصل والكبير لأسعار المواد الأساسية، جعلها تستغني عن الكثير من الاحتياجات الضرورية، وتقف عاجزة أمام الكثير من المتطلبات بما فيها مستلزمات المدرسة وغيرها.
وأضافت أن استمرار ارتفاع الأسعار بهذا الشكل يدفع الكثير من الأسر للتسول أو الدفع بأطفالهم إلى العمل وحرمانهم من الدراسة.
اشتكت “أم محمد”، من جشع التجار الذين يستغلون ارتفاع الصرف لرفع الأسعار بشكل كبير، بينما يمتنعون عن إنقاصها عندما تهبط، وهو ما يؤثر بشكل كبير على الحياة المعيشية للمواطن، في ظل غياب الرقابة والمحاسبة.
آثار نفسية واجتماعية
“عماد القردعي”، أكّد هو الآخر من الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية يصعب على المواطن توفير المقومات الأساسية للحياة.
وقال لـ“بران برس”، إن الوضع متعب جدًا، ولم يعد بمقدور المواطنين توفير ما يحتاجونه. متحدثًا عن الآثار النفسية والاجتماعية التي يعانيها المواطن جراء هذا الإرتفاع بما فيها حرمان الشباب من التعليم، وتراجع القيم وانتشار الجريمة.
ويتفق “خالد العقبة”، بأن ارتفاع أسعار المواد الغذائية ينعكس سلبًا على الحياة الأسرية، ويؤثّر سلبًا على الحالة النفسية للمواطنين، ويضاعف المشاكل بين أفراد المجتمع.
وقال إن النازحين هم الأكثر تأثّرًا من هذا الارتفاع لافتقارهم لمصادر الدخل، إضافة إلى تأخير الرواتب وانعدام الأمن الغذائي وغياب المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة.
طالب “العقبة”، السلطة المحلية بمراقبة الأسعار، وتوجيه تدخلات المنظمات الدولية نحو الاحتياجات الضرورية وتقديمها للمحتاجين لها، وإيلاء عناية خاصة بالنازحين في عموم البلاد.
تدهور حاد
المحلل والخبير الاقتصادي نجيب العدوفي، قال إن ارتفاع الأسعار في اليمن يلقي بظلال ثقيلة على حياة المواطنين، مؤكّدًا أن السكان يعانون تدهورًا حادًا في قدرتهم الشرائية نتيجة فقدانهم مصادر الدخل.
وأضاف لـ“بران براس”، أن هذه الأوضاع تُفاقم الأزمة الإنسانية، خاصة مع الانقسام النقدي والحرب الاقتصادية التي تشنها جماعة الحوثي المصنفة عالميًا بقوائم الإرهاب.
وفي ظل هذه الظروف، قال “العدوفي”، إن 80٪ من اليمنيين يجدون أنفسهم غير قادرين على تلبية احتياجاتهم الأساسية مثل الغذاء، الصحة، والتعليم، ويعتمدون بشكل شبه كامل على المساعدات الإنسانية التي تقلصت مؤخرًا بسبب نقص التمويلات الدولية.
وقال إن هذه الأوضاع دفعت نحو ارتفاع معدلات الفقر وانعدام الأمن الغذائي، متحدثًا عن ظهور معدلات مقلقة من سوء التغذية، خاصة بين الأطفال والنساء. مضيفًا أن العجز عن تحمل تكاليف العلاج أدى إلى تدهور الحالة الصحية العامة، وزيادة الوفيات بسبب الأمراض التي يمكن الوقاية منها.
تدخلات شاملة وعاجلة
الاقتصادي العدوفي، دعا إلى سرعة مواجهة هذه الأزمة، التي قال إنها تتطلب تدخلات شاملة وعاجلة على عدة مستويات، أبرزها إصلاح سوق الصرف.
وشدد على ضرورة أن تقوم الحكومة بتعزيز الرقابة على سوق الصرف، ومكافحة المضاربة بالعملات، والعمل على توحيد السياسة النقدية لتقليل آثار الانقسام النقدي.
وإلى جانب ذلك، أكّد أهمية استعادة صادرات النفط من خلال العمل مع الشركاء الدوليين لتأمين موانئ التصدير لتوفير النقد الأجنبي اللازم لدعم الاقتصاد، وكذا تحسين إدارة الموارد، ومكافحة الفساد وانتهاج الشفافية والمساءلة.
وبفعل الحرب التي تشهدها البلاد منذ اجتياح جماعة الحوثي المصنفة دوليا في قوائم الإرهاب، للعاصمة صنعاء في 21 سبتمبر/أيلول 2014، وسيطرتها بقوة السلاح على مؤسسات الدولة وتمددها لعدد من المحافظات، تشهد البلاد واحدة ن أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، وفقا لتقارير أممية.