|    English   |    [email protected]

بين نموذج الدولة وسلطة الثوم!

الأحد 16 مارس 2025 |منذ 3 أيام
حسين الصوفي

حسين الصوفي

مضت ثلاثة أشهر منذ استلمت الإدارة السورية الجديدة للحكم، وثلاث  سنوات ونصف منذ استلمت حكومة طالبان للحكم في أفغانستان،  بينما أكملت مليشيا الحوثي عشر سنوات منذ إسقاطها للدولة وإعلان سيطرتها المطلقة!.

والفترة الزمنية بين النماذج الثلاثة لا تسمح بالمقارنة، فليس من المنطق أن تقارن بين أداء سلطة خلال ثلاثة اشهر، وبين سلطة أخرى خلال عقد كامل!.

لكن المقارنة اللامنطقية زمنيا، تصيبك بالذهول وتجيب بصراحة منطقية عن الفرق بين السلطة الوطنية، والسلطة الأجيرة للاحتلال، بين مشروع الدولة، والمشروع السلالي العنصري. 

فما الذي ستفصح عنه المقارنة اللامنطقية عزيزي القارئ، عزيزتي القارئة؟!

ودعونا نجري مقارنة عابرة، بين نماذج ثلاث، حكومة الشرع، وحكومة طالبان، وبين نموذج الحوثية، وكل النتائج كانت تعكس طبيعة كل نموذج.

 فمن حيث الفترة الزمنية، كما أشرنا سابقا، فنموذج الشرع لم يكمل شهره الثالث، ونموذج طالبان مضى عليه ثلاث سنوات ونصف، بينما مضت عشر سنوات على نموذج الحوثية.

من حيث المشروعية الدستورية:

أجرى السوريون حوارا وطنيا، وقاموا بصياغة إعلان دستوري، يقضي بالفصل القطعي بين السلطات، واقروا النظام الرئاسي للحكم، وتشكيل مجلس نواب، ومجلس الأمن القومي، لإدارة فترة إنتقالية محددة بين ثلاث سنوات وخمس سنوات، بصلاحيات واضحة ومعلنة للرئيس وباقي السلطات، وباستقلالية تامة للقضاء.

بينما اعتمدت حكومة طالبان نموذج شوروي شعبي واضح ومؤسسات حكم قائمة على المساواة، دون تمييز عرقي أو سلالي أو طائفي.
ولأنها مقارنة لا منطقية، فالسؤال العريض يفرض نفسه: ما طبيعة نظام الحكم عند نموذج الحوثية؟!

وتتوالى الأسئلة الجوهرية:

ما الشرعية الدستورية التي تستند عليها الحوثية منذ عشر سنوات؟!

ما هو الوضع الدستوري والقانوني لعبد الملك الحوثي وقادة جماعته الذين يمسكون بمفاصل مؤسسات الدولة والمجتمع؟!

ما العقد الاجتماعي الذي ينظم العلاقة بين السلطة القائمة وبين الشعب اليمني العظيم؟!

والتفصيل حول هذه القضية يمكن نقاشها في مساحة أخرى وبشكل أعمق لأنها أسئلة مصيرية وجودية تحدد مصير الدول والشعوب، لكننا هنا في مقارنتنا العابرة الخارجة عن المنطق وحدود العقل.

ثانيا: من حيث صرف المرتبات:

بالأمس أعلن الرئيس السوري أحمد الشرع عن صرف راتب إضافي كمكآفئة للموظفين قبيل عيد الفطر، وخلال ثلاثة أشهر لم تنقطع المرتبات في النموذج السوري، بل أن الحكومة الجديدة أعلنت زيادة رواتب الموظفين ٤٠٠%، بدون البحث عن أعذار ولا حيل ولا حجج واهية، بل بحرص الدولة ورجال الدولة يعلن المسؤلين تحسين ظروف المعيشة ورفع رواتب الموظفين وعدم تأخيرها أو استقطاعها أو بتزاز الموظفين.

في النموذج الأفغاني "تعهد نائب رئيس وزراء أفغانستان عبد السلام حنفي، بأن تدفع حكومة "طالبان" رواتب موظفيها، في محاولة للمساعدة في حل مشاكل الشعب" وهذا نص الخبر من وكالة روسيا اليوم في سبتمبر ٢٠٢١م بعد أيام من تسلم طالبان للحكم، وحتى اليوم لم تنقطع رواتب الموظفين هناك بل يتم تحسين ظروفهم، باستمرار.

أما نموذج الحوثية، فحدث ولا حرج، سنوات طويلة بدون مرتبات، وإذا تم صرف نصف راتب فلن يصرف للموظفين في مؤسسات الدولة، بل سيتم صرفه بمعايير عنصرية، وبشروط الولاء الطائفي والخضوع السياسي، وبصورة تمييزية وتجزيء الموظفين إلى فئات في احتيال عبثي يعكس الطبيعة النهبوية والتي ترى نفسها تأخذ ولا تعطي، وتعتقد أن أموال الناس حق مقدس منحهم الله إياه.

ستقول الدعاية الحوثية أن المرتبات تصرف من النفط؟!

بينما نشر موقع المصدر اونلاين تقريرا في العام ٢٠٢٠م استند إلى وثائق، بأن إيرادات المؤسسات والأوعية المالية الخاضعة لسيطرة الحوثيين بلغت اثنين ترليون وثلاثمائة وتسعون مليار، بدون النفط، وبالعودة إلى موازنة العام ٢٠١٤م قبل إسقاط الدولة، فإن رواتب الموظفين في الموازنة تقدر ب تسعمائة وسبعة وعشرون مليار ريال يمني، أي أن إيرادات عام واحد يكفي لصرف رواتب ثلاث سنوات، فكيف بإيرادات عشر سنوات دون الجبايات الأخرى!، بالإضافة إلى استحواذها على ملايين الأصول النقدية والعينية في القطاعين الحكومي والخاص، ناهيك  عن مواسم النهب وإنشاء المؤسسات الإيرادية التي تقدر بمليارات الدولارات سنويا.
من حيث المشاريع الخدمية:

نفذت حكومة طالبان مئات المشاريع القومية الاقتصادية، عدد من مصانع الاسمنت، السكك الحديدية، مصانع الزيت، مصانع السيارات وقطع الغيار، مصانع الأنسجة، مؤسسات إنتاج زراعي، ومشاريع ري، ومستشفيات ومؤسسات تعليمية، ومدن سكنية، وكل ذلك بموارد محلية صرفة.

ويكفي أن نشير إلى هذا المشروع العملاق، مشروع قناة مائية تقطع سبع محافظات، "بعمق 8 أمتار وعرض 150 مترا وطول 285 كيلو مترا، أكمل أكثر من 5 آلاف عامل الجزء الأول من حفر قناة خوشتيبه شمالي أفغانستان، بتكلفة بلغت حوالي 91 مليون دولار، تقول الحكومة إنها من خزينة الدولة."

"وتوفر القناة لأفغانستان 9 مليارات متر مكعب من المياه سنويا، مما يساهم في ري أكثر من 700 ألف هكتار من الأراضي الزراعية شمالي البلاد، وهذا بحسب تصريح مدير مشروع حفر القناة عبد الرحمن عطاش للجزيرة نت".

أما النموذج السلالي الحوثي فخلال عشر سنوات نجح في ملاحقة تجار الثوم ونهب سبعة في المائة يتم استقطاعها عبر مؤسسة مستحدثة للنهب أسموها المؤسسة الزراعية، قال أحد التجار أنهم اجبروه على دفع خمسة عشر مليون ريال ومنعوه من التسويق خارج حدود صنعاء!.

تلك مقارنة عابرة وسريعة لنموذجين يمثلان سلوك الدولة، ونموذج لعصابة عنصرية سلالية تدين بالولاء للاحتلال الايراني، ولا ترى شعبنا إلا من زاوية " ليس علينا في اليمنيين سبيل".