البيانات السلطة والإنترنت.. ماذا تعلمنا من فضيحة الفيسبوك؟

الجمعة 11 أبريل 2025 |منذ شهر
أحمد طاهر

أحمد طاهر

في القرن الواحد والعشرين جميعنا نستخدم الإنترنت في كل مجالات الحياة ولا يمكننا الاستغناء عنه ولكن هل تساءلنا كيف يعمل وما هي البروتوكولات التي يستخدمها وكيف يتم إرسال واستقبال البيانات بشكل عام لكل جهاز في هذا الكوكب؟

في البداية دعونا نتكلم على  Web2 و Web3 ما هم وما الفرق بينهماهم اساساً وايش الفرق بينهم ؟ ولماذا بعض التقنيين والمهتمين بالجانب الأمني تحمسوا لل Web3 وكان عندهم  بعض النقاط المتحسسين منها من الـ  Web2 ؟

في بداية الأمر دعونا نتعرف على ال Web1 اساساً ومتى ومن أنشأه؟؟
كانت فترة إنشاء ال Web1 من بداية التسعينات حتى اوائل ال 2000 يعني تقريباً نستطيع القول إنه تم إطلاق أول صفحة ويب  في سنة 1991 من قبل تيم بيرنرز لي" في CERN وكانت فقط للإطلاع بدون اي تفاعل, وبذلك نستطيع القول أن أول نسخة من الإنترنت كانت تقتصر استخداماته فقط في القراءة ولا يوجد هنالك أي قدرة على الكتابة و إضافة التعليقات. كان حاله حال الجريدة التي تحملها بيدك لداعي القراءة فقط ولكن كان جريدة إلكترونية.

وبعد فترة وجيزة في بداية 2004 وحتى وقتنا الحالي تم إطلاق Web2 والذي أطلقه "Tim O'Reilly" في مؤتمر O'Reilly Media والذي كانت أكبر مميزاته والثورة العلمية في وقتها عبارة عن:
المحتوى التفاعلي (مثل فيسبوك، يوتيوب، تويتر)
المستخدم يصنع المحتوى (UGC)
التطبيقات السحابية
سيطرة الشركات الكبرى على البيانات

وهنا بدأت الحكاية تتغير لعالمنا الصغير حيث صار بإمكانك تشارك وتكتب وتنشر وتعلق وتصنع محتوى. لكن المعضلة الكبرى هي أن جميع الشركات الكبيرة والتي بدورها استفادت من هذا الاختراع وصارت تهدف لتسخيره لسياساتها الخاصة وتوجيه الناس لاتجاهات معينة هي من تقود كل شيء فيه بدون تواجد أي فكرة عند المستخدم حول ذلك.

وفي هذا الموضوع تذكرت حادثة انتخابات ترامب وكذلك قرار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والتي كانت في أساس ذلك شركة  Cambridge Analytica التي تعمل في تحليل البيانات حيث أنزلت تطبيق على فيس بوك تحت اسم "thisisyourdigitallife" والذي استخدمه في حينها أكثر من 270 ألف شخص لكن بسبب ثغرة في فيسبوك في حينها، استطاعت الشركة جمع بيانات أكثر من 87 مليون مستخدم (أصدقاء الأصدقاء) عن طريق ال 270 ألف شخص، طبعاً البيانات كانت تشمل: الإعجابات، النشاطات، الميول، وحتى التحليل النفسي للشخصية! 
استخدمت الشركة هذه البيانات في صناعة "بروفايل نفسي" لكل شخص، ثم استهداف المتابعين بمنشورات وفيديوهات مصممة خصيصًا لهم. كل منشور كان يحفّز مشاعر مثل الخوف أو الغضب، كي يدفع الشخص لتغيير رأيه السياسي. كما حدث في انتخابات أمريكا 2016 والتي ساعدت في نجاح حملة دونالد ترمب، وكذلك في الإستفتاء الذي قامت به بريطانيا للتأثير على قرار الخروج من الاتحاد الأوروبي.

لاحقاً في 2018، موظف سابق اسمه Christopher Wylie سرب كل التفاصيل. العالم انصدم، وفيسبوك دخلت في أزمة ثقة كبيرة. مارك زوكربيرغ استُدعي للشهادة أمام الكونغرس. Cambridge Analytica أغلقت الشركة تمامًا بعد الفضيحة.

بعد هذه الحادثة الكبيرة تم العمل بجد أكثر على مشروع ال Web3  والذي اساساً أول من استخدم المصطلح بشكل فعلي هو "Gavin Wood" (مؤسس Polkadot وأحد مؤسسي Ethereum). وفعلياً بدأ بالانتشار سنة 2020 ، وصار hype بسبب العملات الرقمية والـ NFTs لان مميزاته كانت كالتالي :
لا مركزي (Decentralized)
يعتمد على البلوك تشين
الخصوصية ملك للمستخدم
تطبيقات لامركزية (dApps)

حادثة شركة Cambridge Analytica كان لها الأثر الكبير في بداية الانتقال لعالم ال Web3 لانه عالم آمن ومستقر بشكل أكبر من سابقيه وليس هنالك متحكم فعلي وحقيقي فيه، ولكن للأسف لحد اللحظة مازال قيد التطوير ولم يتم اعتماده بشكل كلي وأساسي من قبل عالم الانترنت الافتراضي لتواجد مشاكل تقنية فيه وعدم توفر البنية التحتية المستقرة لظهوره وكذلك الأسباب السياسية للحكومات والأثر السلبي الذي سيتركه على كل الشركات العالمية لأنها لن تحصل على بياناتك مجدداً.
ضع في بالك انه Web3 مش بديل مباشر لـ Web2، لكنه محاولة لتغيير قواعد اللعبة. ولكن السؤال هل سينجح Web3 فعلاً؟؟

https://barran.press/articles/topic/8721