بران برس:
قال نائب الرئيس المصري السابق، والرئيس الأسبق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، محمد البرادعي، الاثنين 28 أبريل/نيسان 2025، إن دعوات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسماح للسفن التجارية الأمريكية بالمرور مجانًا عبر قناة السويس، تمثل في أقل تقدير "عبثًا قانونيًا وتزويرًا للتاريخ".
وذكر البرادعي، في تدوينة نشرها على منصة "أكس" أطلع عليها "بران برس"، أن دعوات ترامب بإعفاء السفن الحربية والتجارية الأمريكية من رسوم المرور المفروضة من قبل مصر على جميع السفن دون استثناء أو تمييز، "لا تستحق حتى النقاش".
وأشار إلى أن الولايات المتحدة لم تشارك، من قريب أو بعيد، في إنشاء القناة، وليست طرفًا في اتفاقية القسطنطينية لعام 1888، الخاصة بضمان حرية الملاحة فيها، وليست مسؤولة، قديمًا أو حديثًا، عن أمن القناة، التي أصبحت منذ تأميمها عام 1956 جزءًا لا يتجزأ من السيادة المصرية على أراضيها.
وكان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، قد قال، السبت الماضي، إنه "يجب إعفاء السفن العسكرية والتجارية الأمريكية من الرسوم الجمركية، والسماح لها بالمرور مجانًا عبر قناتي بنما والسويس".
وأضاف ترامب، في منشور له على منصة "تروث سوشيال"، أن "هاتين القناتين ما كان لهما أن تتوجدا لولا الولايات المتحدة الأمريكية"، مشيرًا إلى أنه طلب من وزير خارجيته، ماركو روبيو، "التعامل فورًا مع هذا الوضع".
السويس شريان التجارة
لم تكن فكرة ربط البحرين الأبيض والأحمر وليدة العصر الحديث، بل تعود إلى عهد الفرعون سنوسرت الثالث الذي أنشأ أول قناة ملاحية عبر النيل لخدمة التجارة. لاحقًا، حاول نخاو الثاني ودارا الأول إعادة إحياء الممر، إلا أن مشروعاتهم توقفت بسبب الإهمال أو محدودية الإمكانيات.
بعد قرون طويلة، شهد منتصف القرن التاسع عشر إحياء الحلم على يد المهندس الفرنسي فرديناند دي لسبس، الذي حصل عام 1854 على امتياز من الخديوي سعيد لشق قناة السويس. وتم تعزيز هذا الامتياز لاحقًا بفرمان ثانٍ عام 1856، أكد حياد القناة وضمان حرية الملاحة لجميع الدول.
تأسست الشركة العالمية لقناة السويس عام 1858 برأس مال بلغ 200 مليون فرنك. ورغم مقاطعة عدة دول للاكتتاب، اضطرت مصر للاستدانة لضمان حصتها، مما مهد لاحقًا لبيعها نصيبها إلى بريطانيا عام 1875، فانتقلت السيطرة على القناة إلى كل من فرنسا وإنجلترا.
بدأت أعمال الحفر رسميًا في 25 أبريل 1859، واستمرت عشر سنوات من العمل الشاق، حتى التقى البحران في 18 أغسطس 1869. اُفتتحت القناة في حفل أسطوري بحضور شخصيات بارزة من مختلف أنحاء العالم في 17 نوفمبر 1869.
لم تدم السيادة المصرية طويلاً، فبعد احتلال بريطانيا لمصر عام 1882، فرضت سيطرتها العسكرية والإدارية على القناة، رغم توقيع اتفاقية القسطنطينية عام 1888 التي أكدت حياد الممر الدولي.
وجاء التحول التاريخي في 26 يوليو 1956، عندما أعلن الرئيس المصري جمال عبد الناصر تأميم القناة، منهياً عقوداً من الهيمنة الأجنبية، مما أدى إلى أزمة السويس الشهيرة.
مع تطور حركة التجارة العالمية، شهدت القناة عدة مراحل من التوسيع والتعميق، حيث بلغ غاطسها 66 قدماً بحلول 2010، وأصبحت قادرة على استقبال أكبر سفن الحاويات وسفن الصب في العالم، مؤكدة دورها الحيوي في ربط الشرق بالغرب.