بران برس - وحدة التقارير:
في تطور لافت، نفّذت القوات البريطانية، بالاشتراك مع نظيرتها الأمريكية، مساء الثلاثاء 29 أبريل/نيسان 2025، عملية عسكرية استهدفت موقعًا عسكريًا تابعًا لجماعة الحوثي المصنفة دوليا في قوائم الإرهاب، في خطوة هي الأولى من نوعها منذ إعلان إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حملته العسكرية المكثّفة ضد الجماعة منتصف مارس/آذار الماضي.
يأتي هذا التحرك، وفق بيان لوزارة الدفاع البريطانية، اطلع عليه “بران برس” ، في سياق الرد على الهجمات التي بدأها الحوثيون منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2023، والتي قال البيان إنها “استهدفت حرية الملاحة في البحر الأحمر، وهاجمت سفنًا دولية، وأسفرت عن مقتل بحارة مدنيين أبرياء”.
وطبقًا لبيان الدفاع البريطانية، فقد جرى تنفيذ العملية استنادًا إلى “تحليل استخباراتي دقيق” أظهر وجود تجمع لمبانٍ تبعد حوالي 15 ميلاً جنوب صنعاء، يستخدمها الحوثيون لتصنيع “طائرات مسيرة من النوع الذي استخدم في مهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن”.
وأوضح البيان أن العملية نفّذت بطائرات “تايفون إف جي آر 4” التابعة لسلاح الجو الملكي، مدعومة بطائرات التزود بالوقود “فوياجر”، مستخدمة قنابل “بافواي الرابعة” الموجهة بدقة لاستهداف هذه المباني.
التزام بريطاني
من جانبه، أكد وزير الدفاع البريطاني، النائب جون هيلي، التزام حكومة بلاده “بالدفاع عن مصالح أمننا القومي والاقتصادي في جميع الظروف”. مشيرًا إلى أن هذه الضربات جاءت “بهدف إضعاف قدرات الحوثيين ومنع شن المزيد من الهجمات على السفن البريطانية والدولية”.
وأكّد أن هذا الإجراء جاء “ردًا مباشرًا على التهديد المستمر الذي يشكله الحوثيون لحرية الملاحة الدولية”. مضيفًا أن “الانخفاض الكبير في حركة الشحن عبر البحر الأحمر بنسبة 55% قد تكلف بالفعل مليارات الدولارات، مما يفاقم حالة عدم الاستقرار الإقليمي ويهدد الأمن الاقتصادي للأسر في المملكة المتحدة”.
ليست تفصيلًا عابرًا
الباحثة في الشأن اليمني- الإيراني، فاطمة أبو الأسرار، قالت لـ“بران برس”، إن “عودة بريطانيا إلى ساحة العمليات في اليمن عبر ضربة جوية استهدفت مصنعًا للطائرات المسيّرة جنوب صنعاء، ليست تفصيلًا عابرًا”.
واعتبرت الباحثة “أبو الأسرار، هذه الخطوة “مؤشر على تحوّل دولي آخذ في التشكل”، مفسّرة هذا التحوّل بأنه “إدراك متأخر بأن جماعة الحوثي لا تسعى للتهدئة، بل تواصل التصعيد، مستغلة المدنيين دروعًا بشرية، ومحوّلة الأراضي اليمنية إلى منصة لخدمة تحالفات خارجية”.
وقالت إن “الضربة البريطانية، الأولى من نوعها منذ عودة ترامب، تعكس قلقًا متناميًا من التهديد الذي تمثله الجماعة للملاحة الدولية والأمن الإقليمي”.
دور أكبر
من جانبه، يرى الباحث في الشؤون العسكرية وجماعة الحوثيين، عدنان الجبرني، أن ”المشاركة العسكرية البريطانية إلى جانب الأمريكيين ضد الحوثيين ليست جديدة؛ إذ كانت شريكًا رئيسيًا في عملية حارس الإزدهار العام الماضي، لكنها أوّل مرة في عهد إدارة ترامب والعملية التي أطلقها منذ ٦ أسابيع”.
وفي تقدير الباحث الجبرني، فإن الخطوة البريطانية ”نتيجة طبيعية نظرًا لحجم التعقيد في العمليات ضد الحوثيين، مما يجعل من مشاركة دول أخرى أمرًا محتملًا أيضًا”.
وقال في حديثه لـ“بران برس”، إن البريطانيين يمتلكون “معلومات أكثر دقة من تلك التي لدى الأمريكيين في بنية الحوثيين، ولكنهم يميلون إلى التدخل النوعي الضروري إلى جانب الأمريكيين”، مرجحًا بأن دورهم “سيكون أكبر خلال الفترة المقبلة”.
سياق
منذ منتصف مارس/آذار الماضي، بدأت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حملة جوّية مكثّفة ضد مواقع وقيادات تابعة لجماعة الحوثي المصنفة عالميًا بقوائم الإرهاب، وحتى منتصف الأسبوع المنصرم بلغ عدد الغارات 800 غارة ضد أهداف تابعة للجماعة وفقا لما ذكرته القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم).
وكانت الجماعة الحوثية قد دشّنت هجماتها ضد السفن التجارية في البحر الأحمر، باختطاف السفينة "غالاكسي ليدر"، واحتجاز طاقمها المكوّن من 25 بحارًا كرهائن في 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، وذلك بعد أيام من تهديدها باستهداف أي سفينة إسرائيلية أو متجهة إلى إسرائيل بذريعة التضامن مع غزّة التي تتعرّض لعدوان إسرائيلي وحشي.
وفي ديسمبر/كانون الثاني 2023، أعلنت إدارة الرئيس بايدن، تشكيل تحالف بحري دولي بقيادتها وبمشاركة بريطانيا وفرنسا ودول أخرى، لحماية حركة الملاحة البحرية من هجمات الحوثيين باسم "عملية حارس الازدهار".
وفي يناير/كانون الأول 2024، بدأت أمريكا وبريطانيا غارات مباشرة على مواقع الحوثيين داخل اليمن، مستهدفة منصات إطلاق صواريخ وطائرات مسيّرة، إلا أنها فشلت في الحد من هجمات الحوثيين.
وفور وصوله إلى البيت الأبيض، انتقد الرئيس ترامب، نهج إدارة سلفة بايدن، وأطلق حملة جوّية واسعة النطاق ضد الحوثيين، والتي ما تزال مستمرّة حتى الآن. ومؤخرًا، انضمّت إليها بريطانيًا لأوّل مرّة، وسط تقديرات بتوسّع التحالف الدولي المواجه للحوثيين المدعومين من إيران.