معركتنا المقدسة لا معركتهـم

أحمد اليفرسي
في أي حركة وطنية تحررية يقبع الوطن تحت احتلال من أي نوع يجب أن ينفض المناضلون أيديهم من أي رهان على دعم خارجي إلا من قبيل المساندة التي لا تؤثر على خط التحرر الوطني ولا تهادن المحتل أو تؤجل المعركة معه أو تخضع لسياسة التصالح مع الوضع القائم.
قادة التحرير ورواد المعركة لا يستجدون سلامًا ينتقص من كرامتهم وكرامة الشعب الذي يراهن على شكيمتهم وقيادتهم للمعركة حتى تحقيق النصر.
اليمنيون راهنوا منذ عشر سنوات على تغيير موقف المجتمع الدولي من ميليشيا الإرهاب الحوثية، وعبثًا سارت العشر السنوات خصمًا من رصيد الثقة التي منحوها للمجتمع الدولي، وللأسف لم يتبق من تلك الثقة إلا ما يعادل صفر في المئة.
الضربات الأمريكية التي استهدفت الحوثي كانت في إطار معركة لا علاقة لنا في اليمن بها، هي معركة عض أصابع بين أمريكا وإيران عبر الأدوات الحوثية، تلك الأدوات التي استخدمها الغرب وأمريكا لتمزيق اليمن وتدميره وخلق حالة من الانهيار الكامل والشامل تتيح تنفيذ سيناريو خبيث لإعادة رسم خارطة اليمن بالطريقة التي يرون أنها الأقرب لمصالحهم وإن دمرت مصالح اليمن والمنطقة معها.
الضربات الأمريكية عبارة عن تأديب تفيد المعلومات المؤكدة أنها أثمرت استسلامًا حوثيًا أبداه عبر موفديه في عُمان وفي عواصم أخرى لأجل الآتي:
1- إيقاف القصف الأمريكي
2- إيقاف أي عملية برية لقوات الشرعية
3- استعداد الحوثي للجلوس على طاولة مفاوضات يمنية للسلام والاتفاق على الحل الذي يريدونه مع الحفاظ عليه ضمن خطة السلام.
كل ما سبق بتوجيهات إيرانية للحوثي للانحناء للعاصفة مؤقتًا.
اليمنيـون خارج المعركة
يبقى القول الفصل لليمنيين وهم من يقررون مصير الحوثي واليمن..
قيادة الشرعية وكافة الشعب اليمني وأشقاؤهم في مواجهة الحوثي والتدخلات الخارجية التي أوصلته إلى صنعاء قبل عشر سنوات وتواصل تلك التدخلات حمايته حتى اليوم من أي تحرك يمني.
حصار الشرعية
قوات الشرعية تتعرض لحصار المجتمع الدولي وليس الحوثي... لا يسمح للشرعية باستيراد السلاح الثقيل ولا المسيرات ولا أي قوة استراتيجية توازي ولو 30% مما يمتلكه الحوثي الذي يتم غض الطرف عن وصول الأسلحة الاستراتيجية إليه من إيران علاوة على أن تدخلاتهم في 2014م ساعدته في استلام معسكرات الدولة مع مخازنها وتسليحها الضخم، رغم محاولات الأشقاء التحذير من أن مغبة التمكين للحوثي سيؤثر على أمن واستقرار المنطقة والملاحة الدولية، ومع تلك التحذيرات مارس المجتمع الدولي على قوات الشرعية ضغوطًا وحصارًا عن التسليح الاستراتيجي الذي يرجح كفتها في المعركة على الرغم من العجز الفاضح للحوثي في إحراز أي تقدم بالنظر إلى ما يمتلكه من سلاح معسكرات الدولة الثقيل والاستراتيجي الذي تم تسليمه له في عام 2014م.
ضربات تأديبية
يعرف اليمنيون أن الضربات التي تلقاها الحوثي تعد ضربات تأديبية لكنها أوصلت رسالة للحوثي أن أمريكا ترصد كل تحركات الحوثي وقياداته وتستطيع بتر أذرعه وتقليم أظافره وإعادته إلى الصفر تمامًا، وعلى الطريق تم تجريد الشعب اليمني من أهم مصالحه الحيوية؛ المطار والميناء، ليتم خنق اليمنيين فيما يظل الحوثي ممسكًا بتلابيب الجغرافيا المنكوبة التي يحتلها.
يعرف الغرب وأمريكا أن أكثر ما يخشاه الحوثي هو الشعب والجيوش الرابضة على خطوط التماس فهي تنتظر إشارة من قيادتها السياسية للزحف البري الذي إن حصل فإنه كفيل باجتثاث الحوثي من جذوره في غضون أيام، مدعومًا بانتفاضات شعبية في كل مدينة وقرية وتل وسهل ووادٍ في اليمن..
لا تريد بريطانيا وأمريكا لأدواتها الحوثية هذا المصير وهي من سمّنتهم وربّتهم ورعتهم وسعت من أجلهم بكل ثقلها في 2013 و2014م كي يدخلوا صنعاء بدون مواجهة ولا حرب وبضغوطهم ومساعيهم، لم تعلن الدولة تحريك لواء واحد لقتالهم بل تسليم واستلام.
الأذرع الإيرانية لا يريد الغرب بترها إلا إذا انتفت الحاجة إليها، والذراع الحوثي الذي جلبوه من كهوف مران بصعدة إلى قصور صنعاء هل سيفرطون به وإن بدا أنه يخدم إيران أكثر منهم؟
الإجابة الطبيعية من شقين، لن يفرطوا بالحوثي إلا إن أصر أن يرجح كفة إيران ومصالحها على ما رسموه له من دور في اليمن ولم يتجاوزه فإن تجاوزه فسيتم تأديبه كما حصل في الأسابيع الماضية.
والشق الآخر يتعلق بالشرعية وقدرتها على فرض أمر واقع بقوة المعركة وقوة الشعب المنتفض في كل مكان.. حينها لن تفرط أمريكا وبريطانيا وغيرهما في خسارة اليمن لأجل كرت محروق متهالك.
صيغة الخلاص لن تكون إلا يمنية خالصة
اليمنيون هم المعنيون في الدرجة الأولى بمعركتهم، هي معركتهم لا معركة أمريكا ولا المجتمع الدولي، المتضرر الأكبر من استمرار الحوثي في سفهه وتخريبه وإفساده هم اليمنيون بكافة أحزابهم وقبائلهم وكياناتهم، وهم وحدهم من قُتلوا وشُردوا وهُجّروا وتحملوا صنوفًا من الانتهاكات الحوثية على مدى أكثر من 11 سنة.
اليمنيون وحدهم يعلمون من خلال معايشة عقود وقبلها قرون من الزمن مع الإماميين، أن الفكر الإمامي عنصري سلالي يمتهن كرامة اليمنيين لصالح سلالة تدعي أنها الأرقى خلقًا والأحق بالحكم والثروة والحياة، واليمنيون مجرد عُكْفة للسادة خدم لهم جنود يحظون بشرف سفك دمائهم بين يدي السيد العلم والسلالة المتطفلة التي ولغت في دماء وأموال وحقوق وكرامة اليمنيين..
يعامل الحوثي اليمنيين بواقع مختلف عما يصدره عبر وسائل إعلامه ومنصات التواصل للعالم العربي، ينظر إلي كل يمني بأنه مسخر لخدمته، عبد يجب أن يكدح لأجل سيده الهاشمي ولا يحق له أن يرفع رأسه أمامه ولا بد حين يخاطبه أن يبدأ بكلمة (يا سيدي) مالم فهو منافق وربما كافر مستباح الدم والمال والممتلكات لأنه عندهم يستبطن كفرًا بالولاية والحق الإلهي المزعم لهذه السلالة.
الخلاصـة
يجب أن يبحث اليمنيون عن صيغة للخلاص من الحوثي الإمامي الكهنوتي العنصري المجرم بعيدًا عن مراعاة المصالح الدولية التي لا تحترم مصلحة اليمنيين ولا نضالهم ولا كرامتهم ولا تَوْقهم لبناء مستقبل خالٍ من هيمنة الرجعية الدينية الطائفية العنصرية السلالية الإجرامية. وعلى المجتمع الدولي الذي يتدخل في معركتنا مع الحوثي لصالحه أن يحترم إرادة اليمنيين، مالم؛ فإن الشعب اليمني سيعده متواطئًا مع الحوثي مسؤولًا عن كل كوارثه التي أوقعها على اليمن، وسيكون كل أطرافه في مواجهة مباشرة مع الشعب اليمني حاضرًا ومستقبلًا.
مصلحتكم مع اليمن لا مع جماعة عدوة للشعب بكافة طوائفه وجماعاته وأحزابه وقبائله ومكوناته.