السعودية تقود التحولات.. زيارة ترمب وعودة سوريا إلى الخارطة الدولية

السبت 17 مايو 2025 |منذ 16 ساعة
علي العقبي

علي العقبي

جولة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، إلى الخليج العربي التي بدأها مطلع الأسبوع الماضي من المملكة العربية السعودية، تؤكد المكانة المحورية التي باتت المملكة تحتلها على الساحة الدولية، وقد عكس اختياره للرياض كأول محطة خارجية له في ولايته الثانية أهمية الدور السعودي في المنطقة والعالم

لقد باتت المملكة اليوم محور اهتمام العالم بفضل قيادتها الحكيمة ورؤيتها الطموحة وتعاطيها المتوازن مع القضايا الشائكة والساخنة في المنطقة، وهو ما يجعلها شريكًا يمكن الاعتماد عليه في تحقيق الاستقرار وتعزيز التنمية

بالعودة للزيارة، فقد حققت العديد من الأمور الإيجابية للمملكة اقتصاديًا وعسكريًا وسياسيًا. وكان الحدث الأبرز الذي رافق الزيارة، هو الدور الذي لعبته المملكة عبر دبلوماسية ولي العهد في رفع العقوبات عن سوريا، وظهور الأمير محمد بن سلمان، بتلك اللفتة الدافئة والصادقة التي تعكس صدق وعمق المواقف السعودية تجاه القضايا الملحّة لشعوب المنطقة

ولقد توّجت جهود ولي العهد السعودي، بترتيب اللقاء الذي جمع الرئيس ترمب مع الرئيس السوري أحمد الشرع، والذي ورثت إدارته دولة منهارة على كل المستويات بعد أن جعلها الفار بشار الأسد، دولة منبوذة ومعزولة إقليمية ودوليًا مثقلة بالعقوبات والعقبات التي راكمتها إيران ومحور الشر الذي تقوده

في الكلمة التي ألقاها الرئيس الشرع، بعد ساعات من هذا اللقاء التاريخي، تحدث أن ولي العهد السعودي وعده منذ أشهر ببذل جهده لرفع العقوبات عن سوريا وقد وفى بوعده، متحدثًا عن صدق ولي العهد الذي لمحه في عينيه حينها والذي شاهده الشعب السوري الشقيق وكل العالم أثناء إعلان ترمب إسقاط هذه العقوبات من العاصمة الرياض

هذا الموقف الأخوي النبيل الذي سيسجله التاريخ في أنصع صفحاته، زاد مكانة ولي العهد في قلوب العرب، وبفضل جهوده الحاسمة ستبدأ سوريا مرحلة جديدة من النهوض والانبعاث من تحت ركام محور الشر الإيراني

إن السعودية بقيادتها الحكيمة ودبلوماسيتها الناضجة والديناميكية تمضي بخطى واثقة نحو تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة وتعزيز السلام العالمي

وقد لفتني في خطاب ترمب، في الرياض تعبيره الصادق عن اندهاشه بحجم النهضة والتحوّل التنموي في المملكة، متحدثًا عن علاقته القوية والوطيدة مع ولي العهد، والذي وصفه بأنه رجل عظيم ومذهل ولا مثيل له ولا شريك أقوى منه

ومما قاله الرئيس ترامب أيضًا في كلمته التي تابعتها باهتمام أن أصبحت أفضل دولة في العالم وأن محمد (ولي العهد السعودي) لا ينام لتحقيق طموحه وطموح شعبه. جعل من الرياض مقرًا للتكنولوجيا والابتكار في العالم

في القمة الخليجية- الأمريكية التي ترأسها ولي العهد، كانت كلمته دقيقة شاملة معبرة واضحة. وظهر أيضًا حريصًا على الاستماع لقيادة وممثلي الدول الخليجية. وكان الملف اليمني أيضًا حاضرًا فيها بقوة، خاصة بعد اتفاق واشنطن مع الحوثيين الأسبوع قبل الماضي بوساطة عمانية وكانت دول قد رحبت بالاتفاق ووصفت في بياناتها الحوثيين بالسلطات المعنية في صنعاء

ومما يدل على دقة وحصافة ولي العهد، تنبهه لأمير الكويت من أجل تصحيح كلمته التي وصف فيها مليشيا الحوثي الإرهابية بـالسلطات. كان هذا اللفظ غير المسبوق قد أثار استغراب الشعب اليمني الذي يواجه ميليشيا الحوثية المدعومة من إيران منذ عقد من الزمن، واعتبر مؤشر جديد في التعامل مع هذه الجماعة الارهابية

لكن ولي العهد أعاد تصويب البوصلة، وهو موقف يدل على دقة الرجل ومتابعة الحثيثة واهتمام الكبير باليمن وقضيتها وشرعيتها وتطلعات الشعب اليمني في الحرية والاستقلال والمواطنة المتساوية.

وكانت استجابة أمير الكويت حاسمة ومشكورة لتصحيح ما حدث من لبس، حيث أكّد أنه كان يقصد السلطات غير الشرعية في اليمن، معتذرًا عن الخطأ، شاكرًا ولي العهد السعودي على تنبيهه على ذلك. وهذا الموقف عبر عن رسالة قوية من القيادة السعودية، وأكد الموقف الكويتي الراسخ الداعم للشرعية اليمنية وقضية الشعب اليمني.

في كل الأحوال، هذا الموقف يتطلب من الحكومة الشرعية العمل بشكل أكبر لتعزيز تحركاتها السياسية والديبلوماسية بما يضمن ثبات الموقف الدولي في دعم الشرعية ومساندة الشعب اليمني في إنهاء خطر المليشيا الحوثية. 
 
إن ما تقوم به القيادة السعودية وعلى رأسها ولي العهد، لا يقتصر على تحقيق النهضة الشاملة داخل المملكة فحسب، بل يمتد نحو تبني قضايا الأمة والدفاع عنها من اليمن وسوريا إلى لبنان وفلسطين والسودان، وكل يوم تثبت المملكة أنها حاضرة بثقلها السياسي والدبلوماسي ومبادئها العروبية الراسخة تجاه أشقائها العرب.

جميعنا نتذكر الخطاب الشهير للأمير محمد بن سلمان، الذي تعهد فيه قبل سنوات بتحقيق السلام والنهضة الشاملة في الشرق الأوسط، معتبرًا هذا مشروعه الخاص وسيفي به ما دام حيًا.. 

إن ما نشهده اليوم هو مملكة جديدة فتية تنمو كل يوم، وتمضي قدمًا نحو المستقبل المشرق بقيادة شابة وبخطوات واثقة، وفي كل خطوة تعيد رسم ملامح المنطقة برؤية حديثة تجمع بين الدبلوماسية الفعالة والمقاربة العقلانية لقضايا المنطقة، وجميعها تشير إلى إمكانية إنهاء الصراعات وتحقيق السلام والاستقرار والنهضة التنموية، ولما فيه خير شعوب المنطقة والعالم.

https://barran.press/articles/topic/9392