غامر الكيان الإسرائيلي بضربة ساحقة في عمق إيران ليلة أول أمس، في عملية فاقت كل التوقعات من حيث الحجم والدقة. جاء الرد الإيراني الواسع النطاق في الليلة التالية، في مشهد متبادل يعكس تحوُّلًا دراماتيكيًا في قواعد الاشتباك الإقليمي. كانت المباغتة الإسرائيلية ساحقة من حيث الأثر، وكان الرد الإيراني مزلزلًا من حيث الرمزية، مع فارق واضح في الخسائر البشرية والميدانية، التي تميل بشدة لصالح الطرف المباغت والحبل على الجرار.
على المدى المنظور، تبرز معادلة حساسة: إسرائيل دولةٌ يختبئ معظم شعبها ومراكز ثقلها الرسمية تحت الأرض، بينما إيران دولةٌ مكشوفة، وشعبها ومرافقها في مرمى سلاح الجو الإسرائيلي والغربي. وفي منطق الحرب، فإن المباغتة تشكّل نصف الانتصار، لا سيما إذا كانت الضربة قد طالت غالبية “صقور البدلات الخضراء” في المؤسسة العسكرية والقتالية الإيرانية.
مع ذلك، يُحسب للنظام الإيراني أن الرد كان مناسبًا ضمن حدود قدراته العسكرية، ومقنعًا حتى في نظر بعض غير المتعاطفين، لأنه رسم واقعا جديدا تجاه تغوّل إسرائيلي محتمل في الإقليم. إن مجرد تساقط حطام الصواريخ، فضلًا عن وصول بعضها، ربما كان كافيًا لإعادة تعريف قواعد اللعبة في الشرق الأوسط.
ويبقى السيناريو الأخطر، أو ما يمكن تسميته بـ”الخيار الكارثة”، إذا أقدمت إيران على قرار بالغ الخطورة، كاستهداف المنشآت النووية الإسرائيلية. فإذا وصلت الضربة إلى أهدافها، فقد يصبح استخدام إسرائيل للأسلحة النووية احتمالًا واردًا، وعندها سنكون أمام مشهد إقليمي وعالمي غير مسبوق وكارثي.
وأخيرًا:
قلنا لكم قبل عام إن الحرب قادمة، فعدّها البعض مجرّد مسرحية.
واليوم، المنطقة تقف على فوهة بركان.
شدّوا الأحزمة، واستعدوا لمشهدٍ يشبه خيمة صفوان عام 1991، أو معركة مطار بغداد في 2003.
وتبقى إرادة الله سبحانه وتعالى فوق كل إرادة.