|    English   |    [email protected]

ثورة 14 أكتوبر.. شعلة الحرية ورمز الارادة الوطنية

الأحد 13 أكتوبر 2024 |منذ شهر
حزام حازب

حزام حازب

تتجلى في تاريخ الشعوب لحظات فارقة ، تتفجر فيها الإرادة الشعبية لتصبح الشعوب فيها سيدة مصيرها . كانت ثورة 14 أكتوبر التي أضاءت سماء اليمن في عام 1963، واحدة من تلك اللحظات التي تجسدت فيها إرادة الشعب للتحرر من قيود الاستعمار ، وخطوة عظيمه نحو الحرية والسيادة والاستقلال.
اليوم ، ونحن نحيي الذكرى الـ61 لهذه الثورة المجيدة، نعيد إحياء روح التمرد والثبات التي تخللت تفاصيلها، ونسعى لإستلهام دروسها في مواجهة تحديات الحاضر.

كانت ثورة 14 أكتوبر نداءً من الأرض لأبنائها: ليكتبون بدمائهم تاريخاً جديداً"، حمل فيه الفلاحون البسطاء، والرعاة، والعمال ، والقادة السلاح في وجه مستعمر متغطرس استنزف ثروات البلاد محولها إلى مستعمرة تتبع مصالحه عقود طويلة.

هؤلاء الثوار الأبطال لم يكونوا مجرد مقاتلين، بل كانوا طليعة أمة تتطلع إلى فجر جديد ، اختاروا خوض معارك غير متكافئة، متسلحين بالعزيمة والإيمان بعدالة قضيتهم، واضعين حريتهم فوق كل اعتبار.

في جبال ردفان الوعرة، وفي شوارع عدن النابضة، انطلقت رصاصات الثورة لتعلن أن الشعب لا يقبل الخنوع، وأن ثواره هم حراس الحرية ، وحلم الاستقلال والسيادة، وحلم وطن يتسع لأبنائه جميعًا، بعيداً عن الاستبداد والقهر.

في 14 أكتوبر اندلعت الثورة المباركه وقاد الثوار معارك شرسه ضد القوات البريطانية تحقق فيها انتصارات مهمة وكبيره، رغم الفارق الكبير في العدة والعتاد، سطروا فيها الثوار ملاحم بطولية عكست شجاعتهم وتضحياتهم، وإصرارهم في الكفاح نحو الحرية، رغم الصعوبات والتحديات وفقد الكثير من أرواحهم وأحباءهم في المعركه، ولكن إيمانهم بقضيتهم كان أقوى من كل الصعاب وأكثر فتكا وقوة من الآلة العسكرية البريطانية.

كانت ثورة 14 أكتوبر نقطة تحول في تاريخ اليمن والمنطقة العربية، أدى نجاحها إلى إعلان الاستقلال في 30 نوفمبر 1967، ليكون ذلك نقطة انطلاق لبناء الدولة، ومصدر إلهام للعديد من حركات التحرر في الوطن العربي والعالم، حيث أثبتت أن الإرادة الشعبية قادرة على تغيير الواقع، والإطاحه بكل أشكال الظلم والهيمنة.

وعلى الرغم من اختلاف التوقيت، كانت ثورة 14 أكتوبر مرتبطة روحياً ونضالياً بثورة 26 سبتمبر في شمال اليمن ضد حكم الإمامة البغيض، كانت القضيتان متشابكتين: في الشمال كانت المعركة ضد نظام إمامي متسلط، وفي الجنوب كانت ضد الاستعمار البريطاني. ثورتان بروح واحدة، شكلتا وجهًا واحداً لحلم اليمنيين، تلاقت أهدافهما في تحرير الإنسان اليمني من الاستبداد، وتوحيد صفوفه لبناء الوطن الواحد.

في ردفان كما في صنعاء، كان الحلم نفسه: يمن موحد، متحرر من كل أشكال القمع. كانت تلك الثورات تجسد إرادة الشعب في رفض الخضوع، وتمهد الطريق لوحدة يمنية حلم بها كل من عاش على هذه الأرض الطيبة.

منذ انطلاقتها، حملت ثورة 14 أكتوبر رؤية وطنية تتجاوز الحدود، أدرك فيها الثوار أن اليمن لا يمكن أن يبقى مقسماً، وأن الاستقلال الحقيقي لا يتحقق إلا بوحدة وطنية تجمع كل اليمنيين. فأصبحت الوحدة حلمًا يداعب القلوب، وتجسدت تلك الرؤية في 22 مايو 1990، يوم إعلان الوحدة اليمنية، لتكون ثمرة تضحيات طويلة ودماء زكية سقطت في سبيل الحلم المشترك، رغم ما تعانيه وما رافقها وما يزال من أخطأ وإنتكاسات وهفوات نعتقد أن شعبنا قادر على إصلاحها وتجاوزها.

اليوم، وبلادنا تواجه تحديات غير مسبوقة، تأتي أهمية إحياء ذكرى ثورة 14 أكتوبر في سياق مواجهة المشروع الحوثي الإيراني، اذ إن الإستلهام من روح الثورة وقيمها أمر ضروري في مواجهة مواجهة المليشيات الحوثييه التي تسعى لتمزيق الوطن وتدمير مكتسباته.

ترك لنا ثوار 14 اكتوبر إرثاً عظيماً يتمثل في قيم النضال والإرادة والإصرار، وعلمتنا ثورة 14 أكتوبر أن الانتصار لا يتحقق بالسلاح وحده، بل بالإيمان بعدالة القضية وبوحدة الصف. واليوم نحن بحاجه الى إستعادة تلك الروح النضالية، والتمسك بما وحدنا في الماضي، حتى نتمكن من دحر القوى الظلاميه الأماميه الجديده التي تحاول تمزيق الوطن وإستعباد الشعب من أقصاه الى أقصاه دون تفريق ، ولمواجهة الأفكار المتطرفه التي تسعى لتفكيك النسيج الاجتماعي.

ثورة 14 أكتوبر العظيمه كانت انتصاراً للكرامة الإنسانية، وفي كل عام ونحن نحيي ذكراها نعيد إحياء شعلة لا تنطفئ، شعلة النضال من أجل الحرية، ومطالبون بأن نكون أوفياء لتلك التضحيات، وعلينا مسؤلية جماعيه الوقوف صفاً واحداً امام كل التحديات، فما دامت هناك قوى تسعى لإستعباد الشعب والعودة بالوطن إلى عصور الظلام، سيبقى نداء أكتوبر وسبتمبر حياً في قلوب اليمنيين، ينير لنا طريق الحرية والسيادة.