|    [email protected]

باحثون سياسيون وأكاديميون يتحدثون لـ“بران برس” عن دلالات زيارة “رشاد العليمي” لمحافظة مأرب

الثلاثاء 30 أبريل 2024 |منذ شهرين
صورة للعليمي في مأرب

تقرير خاص أعده لـ“بران برس” - عمار زعبل:

للمرة الأولى منذ تعيينه على رأس مجلس القيادة الرئاسي، الذي شُكِل في الـ 27 من أبريل/نيسان العام 2022، بعضوية 7 آخرين، يزور الدكتور رشاد العليمي محافظة مأرب، بمعية عضوي المجلس عبدالله العليمي وعثمان مجلي.

وعقب وصوله مدينة مأرب قادماً من العاصمة السعودية الرياض (الإثنين 29 أبريل 2024)، وكان في استقباله عضو مجلس القيادة محافظ مأرب اللواء سلطان العرادة، عقد "العليمي" اجتماعاً للسلطة المحلية وآخر للقيادات العسكرية، كما زار الكلية الجوية التي افتتحت مؤخراً في المحافظة.

وتأتي الزيارة في ظل التعقيدات الحاصلة في كل الملفات السياسية والاقتصادية والعسكرية، مع استمرار تصعيد جماعة الحوثي المصنفة على قوائم الإرهاب، سواء بهجماتها على خطوط الملاحة الدول، أو على مستوى جبهات القتال واستهدافها المستمر المدنيين. 

وكون الزيارة تأتي في سياق مضطرب في مختلف ملفات المنطقة، التقى “برّان برس”، عددا من الأكاديميين والباحثون السياسيين، للحديث عن الزيارة وأهميتها ودلالاتها في هذا التوقيت. 

تجانس مجلس القيادة 

الدكتور علي مهيوب العسلي، أستاذ الاقتصاد في جامعة صنعاء، رأى أن الزيارة “ستكون عادية إذا كانت في وضع طبيعي، إلا أن في هذا الظروف فهناك لوم على تأخيرها”، مشيراً إلى أن زيارة رئيس مجلس القيادة والوفد المرافق معه لمأرب في ظل الظروف التي تمر بها بلادنا “لها دلالات على كل الأصعدة”.

وأضاف العسلي في حديثه لـ "برّان برس": “سياسياً تؤكد الزيارة أن مجلس القيادة كتلة واحدة، وليس جزراً متناثرة”، مستدركاً: "كنت اتمنى أن يرافق العليمي في زيارته كلٌ من البحسني والزبيدي والمحرمي أو أحدهم".

وتابع: "مع ذلك فهي رسالة لها بعد سياسي، ولها دلالة عن واحدية المجلس، وأن المجلس واحد".

وعدّ الأكاديمي العسلي الزيارة في بعدها الاقتصادية، بأنها “مهمة فيما يخص تصدير النفط، وتوريد العائدات للبنك المركزي وما إلى ذلك من أمور، بأن مأرب لا يمكن المساومة في مواردها لصالح الحوثي أو إعطاؤه حصص منها".

أما عسكرياً فيرى “العسلي” بأن زيارة العليمي لمأرب “تأكيد على شجاعته وأنه قائد بحق"، مضيفاً "فها هو على بعد بضع كيلومترات يتقدم ولا يخشى الحوثي، وهي رسالة على الجهوزية للتقدم باتجاه صنعاء، واستردادها فيما لو جماعة الحوثي لم توقع خارطة الطريق".

وقال "هي رسالة من أن جسم الجيش الوطني للجمهورية اليمنية متواجد في مأرب، وبذلك تبرئته من ادعاءات تبعيته للإصلاح".

تعزيز الجبهة الداخلية

من جهته، يرى الأكاديمي والباحث السياسي الدكتور عمر ردمان، بأن الزيارة “تكتسب أهمية في توقيتها وسياقها العام والمتعلق بمسار السلام وخيار الحرب، كما أنها تؤكد هدف استعادة الدولة وتعزيز صمود الجبهة الداخلية لمأرب وتضحياتها المبكرة منذ بداية المعركة الوطنية لاستعادة الدولة وإنهاء الانقلاب”.

وأشار “ردمان” إلى ما تمثله مأرب في هذه المعركة، كونها “نواة المقاومة، والبيئة التي تشكل فيها الجيش الوطني كما أنها تعد الجبهة المركزية في الحرب في مفهوم كثير من الأطراف، إذ تحتضن مقر ديوان وزارة الدفاع ورئاسة الأركان العامة".

 

وأضاف: "هذه المضامين تجعلنا نقدر أن هدف الزيارة عسكري في المقام الأول، خاصة وأن الفعالية الأبرز التي شهدتها الزيارة هي استعراض طلبة كلية الطيران والدفاع الجوي، وإلقاء رئيس مجلس القيادة الرئاسي كلمة فيها".

مواجهة التصعيد الحوثي

وقال "إنها تأتي في ظل خفوت نسبي للحديث عن خارطة الطريق، التي كان قد علا ضجيجها الأسابيع الماضية، بل مع بداية عودة التصعيد في البحر الأحمر وخروج قادة جماعة الحوثي، ببيانات استهداف السفن بعد أن كانت قد انخفضت إلى أدنى مستوياتها منذ بداية هجماتها البحرية في سياق استراتيجية النفوذ الإيراني في البحر الأحمر وخليج عدن".

وأشار إلى عودة التصعيد الإعلامي من قبل إيران وأذرعها ضد خصومها في المنطقة، كما أن انطلاق زيارة رئيس وأعضاء مجلس القيادة من الرياض مباشرة إلى مأرب يحمل دلالات في ذات الاتجاه التصعيدي الذي يبدو أصبح مهيمناً على حالة التهدئة الهشة. 

واستبعد "ردمان" من أن تكون الزيارة بهدف إقناع قيادات أو مكونات في الشرعية بخارطة الطريق في الإشارة إلى جهود وتحركات المبعوث الأممي وبعض الوسطاء الإقليميين باتجاه توقيع خارطة الطريق الخاصة بالسلام في اليمن.

ودلل بالقول: "لا سيما في ظل إعلان جماعة الحوثي موقفها من أن زعيم الجماعة سيظل هو السلطة السياسية العليا في البلاد مهما كانت الترتيبات السياسية للفترة المقبلة، وأن هذه قضية محسومة وغير قابلة للنقاش في أي تفاوض بحسب عضو وفد الحوثيين المفاوض في مسقط".

 وأردف: "ذلك يعني تمسك الراعي الإيراني برؤية إعادة تطبيق التجربة الإيرانية وولاية الفقيه في اليمن، وهو ما لا يمكن لعاقل من اليمنيين القبول به".

ترتيب البيت الداخلي

ولفت الباحث "ردمان" إلى أن الزيارة جاءت بالتزامن مع الإعلان من عدن عن توافق (24) حزباً ومكوناً سياسياً واجتماعياً بما فيها المجلس الانتقالي الجنوبي ومكتب المقاومة الوطنية ومجالس المحافظات الشرقية عن تشكيل تحالف سياسي جامع لدعم قيادة الشرعية والحكومة في إنهاء الانقلاب واستعادة الدولة وتحقيق الأهداف والتطلعات الوطنية في مختلف المجالات.

وقال: "هذا الأمر يشير إلى أن معسكر الشرعية في مهمة ترتيب بيته الداخلي وتماسك مكوناته السياسية والعسكرية استعداداً لاستحقاقات المرحلة القادمة وفي مقدمتها استعادة مؤسسات الدولة حرباً أو سلماً وفق المرجعيات الثلاث". 

وتابع "أما هذه الدلالات التي تنحو بشكل غالب نحو مرحلة جديدة من التصعيد، فليس من المؤكد وفق هذه المؤشرات أن يكون تصعيداً شاملاً، يؤدي إلى استئناف المعركة البرية ضد جماعة الحوثي، فقد يكون كذلك تصعيد محدود من قبيل ممارسة الضغوط الأكثر حزماً لانتزاع مزيد من الشروط العادلة لصالح الشرعية في أي مسودة للتسوية وإطارها العام".

وأضاف: "والذي يرجح هذه الفرضية أو تلك هو ما ستسفر عنه الزيارة من نتائج وتحركات ملحوظة في الواقع العملي خلال الأيام أو الأسابيع القادمة". 
 
رمزية ورسائل 

إلى ذلك، بدأ الباحث" توفيق السامعي" حديثه لـ“برّان برس”، عن رمزية مأرب للشرعية والجيش الوطني والمقاومة فهي “المحافظة التي رفضت الانقلاب الحوثي منذ أول وهلة وقاومته بكل قوة ومنعت تمدده إليها، فالتجأ المواطنون إليها لتمثل أرضية صلبة للشرعية والتحام والتحاق المقاومين للانقلاب الحوثي فيها من كافة أنحاء الجمهورية".

ويقول "السامعي" بأنه "لا شك أن لزيارة رئيس مجلس القيادة لمحافظة مارب دلالات سياسية وعسكرية كبيرة، تعكس حالة التلاحم في مكونات الشرعية، والاطلاع عن كثب على أحوال الجيش والاستعداد الأمثل للفترة المقبلة في حال رفضت الجماعة الحوثية نداءات السلام والتصالح مع اليمنيين، وأن الجيش والشرعية في استعداد تام لكل الظروف والتربصات الحوثي".

وأضاف أن "هذه الزيارة ستعمل على رفع معنويات الجيش والمقاومين، كما ستنعكس على حالة الأمن والاستقرار في هذه المحافظة، ناهيك عن الرسائل السياسية باعتبار مأرب العمق الأقوى للشرعية، كما أن ستكسر حالة الجمود والرتابة التي عكست عن هذه المحافظة الأبية التي تمثل اليوم اليمن كلها ولا تمثل أبناء المحافظة فقط".

وتطرّق “السامعي” في تصريحه إلى خطاب "العليمي" في مأرب الذي قال إنه “كان قوياً ويحمل رسائل سياسية وعسكرية، التي لا شك أنه جاء من واقع الحال الذي لمسه في هذه الزيارة، وستكون لها ما بعدها من زيارات متعددة من ناحية، وكذا الالتفات لدعم بناء هذه المؤسسات على كافة الصعد، خاصة وهو يدرك أن مواجهة المليشيا الحوثية الإرهابية تتطلب تلاحماً شعبياً ورسمياً وعسكرياً، وهو الخبير بهذه المليشيا منذ نشأتها نهاية القرن الماضي".

توقيت حسّاس

بدوره، اعتبر وكيل وزارة الإدارة المحلية عبداللطيف الفجير، زيارة رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي لمأرب “تذكير بأهمية استعادة الدولة والالتفاف حولها، وتأييدها والتمسك بخيار الشرعية”.

وقال “الفجير” في حديث لـ"برّان برس" إن الزيارة “جاءت في وقت حساس ومهم، وذلك في ظل احتشاد جماعة الحوثي، المصنفة في قوائم الإرهاب، من خلال محاولة للهجوم على محافظة مأرب، مستغلة الهدنة القائمة ومبادرات السلام".

وأشار إلى أنها "أتت ضمن خطة رئيس مجلس القيادة الرئاسي في زيارة مختلف المحافظات المحررة، والتعرف عن قرب عن أحوال المواطنين والاستماع إليهم ومن ثم العمل على تلبية الاحتياجات وتوفير الخدمات".

ولفت إلى أن “مأرب تتطلب اليوم التنمية ودعم المحافظة وتشجيعها على مواصلة الجهود التنموية، مع إدراك أنها محافظة حرمت من قبل من أي مشاريع، إضافة إلى أنها أصبحت تأوي ما يقارب من 3 ملايين نازح، وهو ما يجعل الحاجة قائمة لتلمس أوضاع النازحين وأوضاع أبناء المحافظة".

وقال إن "زيارة الجيش الوطني ستسهم كذلك في رفع معنويات الأبطال القتالية، كما أن الاستماع إليهم سيرسل رسالة قوية للجماعة الحوثية، بأن اليمنيين وجيشهم ومقاومتهم ما زالوا متمسكين بخيار استعادة الدولة وفقا للمرجعيات الثلاث".

نشر :

مواضيع ذات صلة