بران برس- خاص:
روى سكان من أبناء مناطق سيطرة جماعة الحوثي المصنفة دوليًا على قوائم الإرهاب، جنوبي محافظة مأرب (شمالي شرق اليمن)، صور متعددة من معاناتهم جراء القيود التي فرضتها الجماعة على تحركاتهم، وطالت كل ما يتعلق بحياتهم وحرياتهم العامة.
جاء حديث السكان ضمن تقرير مطوّل نشره “برّان برس” الأحد الماضي 26 مايو/ أيار 2024، بعنوان “المديريات الخاضعة لسيطرة الحوثي جنوب مأرب.. سجن مفتوح وامتهان ومعابر مغلقة (قصص معاناة)”، سلط الضوء على هذه المعاناة وتضمن قصصًا لمواطنين تعرّضوا للقيود والامتهان في معابر الخروج والدخول من/إلى تلك المناطق.
وأكد السكان في حديثهم لـ“بران برس”، أن سلطات الجماعة الحوثية “تفرض إجراءات مشددة على المواطنين وتمنع خروجهم منها دون إذن مسبق، وضمانات من شخصيات في المنطقة بالعودة، وعدم تجاوز الأيام المسموح بها”.
وأضافوا أنها تشترط على من يريد من المواطنين، الخروج إلى المديريات المحررة، تقديم طلب مغادرة لمشرف الحوثيين، يتضمن إيضاح سبب المغادرة، وضمانة خطية بالعودة موقعة من شخصيات اجتماعية في المنطقة، وإلتزام بعدم تجاوز الفترة المحددة”.
إقرأ أيضًا | المديريات الخاضعة لسيطرة الحوثي جنوب مأرب.. سجن مفتوح وامتهان ومعابر مغلقة (قصص معاناة)
وبعد تقديم الطلب والضمانات والإلتزام، يقوم مشرف الجماعة في المنطقة، برفع الطلب إلى قيادة الجماعة في صنعاء، ويصدر بلاغ عملياتي عسكري يعمم على معابر المديريات التي تمنع خروج أو دخول أي مواطن إلا ببلاغ عملياتي”، وفق السكان.
“محمد صالح” اسم مستعار لمواطن، قال لـ“بران برس”، إنه “تقدم بطلب للمغادرة ولم تأتيه الموافقة إلا بعد يومين من تاريخ الطلب”.
وأضاف أن “المعاناة والمأساة الحقيقة عندما يكون معك مريض تود إسعافه إلى خارج المنطقة، فإما يموت، أو تسوء حالته الصحية وتتفاقم أوجاعه حتى تأتي الموافقة بخروجه، في الوقت الذي لا تقدم سلطات الجماعة أي خدمات صحية سوى الإسعافات الأولية”.
ومن ضمن الإجراءات الحوثية لتضييق الخناق على المواطنين في مديريات جنوب مأرب، إغلاق المعابر طوال الأسبوع وفتحها لبضع ساعات خلال يومين فقط.
وبحسب السكان فإنه وبعد اغلاق الطريق الرئيسي “مأرب- البيضاء” جراء الحرب، اتخذوا طرق فرعية وعرة يسلكونها للوصول الى مناطقهم وقراهم، إلا أن الحوثيين سارعوا لفرض نقاط أمنية في تلك الطرقات والمعابر”.
وأكد السكان أن الحوثيين حولوا حياتهم إلى “جحيم”، حيث يمارسون “إجراءات معقدة للعبور إلى ومن مأرب”، مؤكدين أن الجماعة لا تسمح بفتح المعبر الوحيد “الحرة” إلا يومي السبت والإثنين، من كل أسبوع، ولبضع ساعات في النهار فقط”.
ووفق السكان فإن الإجراءات الحوثية في معابر جنوب مأرب “تضاهي إجراءات الاحتلال الإسرائيلي في معبر رفح”، حيث يتطلب الدخول والخروج من المعبر “تصريح وبلاغ عملياتي من غرفة عمليات الحوثي في صنعاء”.
وعن التصريح والبلاغ، قال المواطن (ق .م) لـ“بران برس”، إنه يحتاج إلى فترة زمنية للموافقة عليه من صنعاء، قد تصل إلى ثلاثة أسابيع على أن تقدم بيانات تشمل رقم هاتف الشخص المراد عبوره أو مغادرته المنطقة، وكذلك الأغراض التي يصطحبها معه.
وأضاف أن سلطات الجماعة في مناسباتها الخاصة، ترفض منح أي تصاريح دخول أو خروج، وتجبر المواطنين على البقاء في المعبر حتى تنتهي المناسبة.
فيما قالت الحاجة "جمعة" إنها “استمرت ثلاثة أسابيع تنتظر موافقة الحوثيين منحها تصريح خروج، وبعد الموافقة غادرت المنطقة، إلا أن الحوثيين أجبروها على العودة بعد أن قطعت مسافة تزيد عن أربع ساعات من منطقتها، بسبب أنها اصطحبت معها "غسالة".
وأضافت “جمعة” لـ“برّان برس”، أن الحوثيين منعوها من اصطحاب “الغسالة” لأنها “ليست مرفقة في تصريح الخروج”، حيث يفرض الحوثيون على السكان في حال المغادرة تقديم عريضة بكافة المستلزمات والاغراض التي سيصطحبونها أثناء المغادرة.
الطفلة “رهف عبدالله صالح” من أبناء مديرية “الجوبة” قرر مستشفى الجوبة نقلها إلى مدينة مأرب بعد أن عجز عن تقديم الرعاية الصحية اللازمة لها، فسارعت أسرتها لاستئجار سيارة بمبلغ باهض إلا أن معبر الحوثيين في نقطة "حرة" منع مرورها بحجة أنها بدون تصريح.
قالت مصادر مقربة من الطفلة، لـ“برّان برس”، إن أسرة “رهف” حاولت لمدة أربع ساعات لإقناع عناصر الحوثي في المعبر السماح بمرورهم، ورغم توسل الأسرة، وبكاء والدتها رفضت تلك العناصر “قطعيا” السماح لها، لتفارق الحياة بين ذراعي والدها.
وينظر سكان المديريات الجنوبية، للوضع في مناطقهم “بحسرة وألم" وهم يتكبدون "الإذلال والإمتهان والحصار”، بعد أن كانوا يعيشون بكرامة وعزة، ويتنقلون بحرية مطلقة قبل أن تحكم الجماعة سلطاتها على مناطقهم بقوة السلاح، وفق قولهم.
سكان آخرون التقاهم “بران برس”، اشتكوا من منع الحوثيين “إدخال السلع الغذائية القادمة من المناطق المحررة في مأرب، عبر معبر حرة، ويقومون بمصادرتها، لإجبار المواطنين، على الشراء من أسواق تابعة للجماعة (سوق قانية وماهلية) وبالأسعار التي تفرضها هي.
ومن بين الاحتياجات اليومية التي يمنعون استقدامها من مأرب، وفق السكان، مادتي البترول والغاز المنزلي، رغم فارق السعر الكبير بين مأرب وأسواق الجماعة، التي تفوق في بعض الأصناف الاستهلاكية الضعف، إضافة الى المواد الاستهلاكية اليومية والسجائر، وتفرض غرامات باهظة على أي محاولة لهم إدخال تلك المواد.
وقالوا إن الحوثيين يبيعون الجالون البترول سعة 20 لتر بـ9500 عملة قديمة أي ما يعادل 68 ريال سعودي، فيما بالإمكان شراءها من مدينة مأرب والمناطق المحررة بما يعادل 19 ريال سعودي من العملة القديمة.
وكذلك أسطوانة الغاز، حيث تباع بـ 6500 ريال عملة قديمة في أسواق الحوثيين، أي ما يساوي 19 ريال سعودي، فيما يحصل عليها المواطنون في المديريات والمناطق المحررة بما يعادل 12ريال سعودي عملة قديمة، كذلك سعر الدقيق الذي قال السكان إنه يباع في أسواق الحوثيين بـ 121ريال سعودي
قال (ع .ف) مواطن من أبناء مديريات جنوب مأرب، إنه دفع 5000 ريال سعودي للحوثيين في المعبر، تحت مسمى غرامة وضرائب كمية من الغاز المنزلي والسجائر، وكتب تعهد خطي بعدم تكرار محاولة ادخال تلك المواد مرة أخرى، لافتا إلى أن الحوثيين لايزالون يحتجزون سيارة مواطن منذ ثلاثة أشهر كانت محملة بمواد غذائية قادمة من مأرب.
إلى ذلك، شكا سكان لـ"برّان برس" مصادرة الحوثيين لأموال المواطنين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة في مأرب، في معبر "حرة" بحجة أنها من العملة الجديدة في مناطق الشرعية بمأرب.
وتحدثوا عن معاناة سكان مديريات جنوب مأرب من انقطاع الرواتب حيث كان غالبيتهم يعتمدون عليها، والتي قطعتها جماعة الحوثي، بعكس موظفي المديريات المحررة اللذين تدفع سلطات المحافظة رواتبهم بانتظام.
وحتى الذين تقوم حياتهم على المنتجات المحلية من مواشي ومنتجات زراعية، يعانون من سطوة الجماعة وإجراءاتها. وفق السكان فإن منتجاتهم “تتعرض للبخس في أسواق الحوثيين، عند البيع فيما تغالي بها عند الشراء، فيما يتطلب نقلها الى مأرب لبيعها بسعر مناسب، الى أجور مضاعفة حيث تبلغ تكلفة التنقل من وإلى مأرب أمثر من 50 ألف ريال للشخص الواحد، ناهيك عن الضرائب التي تفرضها الجماعة.
ونتيجة هذا التضييق والوضع الإقتصادي الذي وصفه السكان بـ“المزري”، اضطر بعض سكان المديريات الجنوبية، للمغادرة بشكل نهائي.
واتهم السكان الجماعة بتعمد تلك الإجراءات والمضايقات، والتي قالوا إنها تأتي في إطار “سياسة ممنهجة” تهدف إلى “تطفيش” السكان وإجبارهم على الهجرة من منازلهم وقراهم.
وفق إحصائية شبه رسمية، حصل عليها “برّان برس”، فإن 95% من سكان مديرية الجوبة، غادروها عقب اجتياح الحوثي لها، وأن نحو 80% من منازل المواطنين في المديرية اقتحمها الحوثيون وبسطوا سيطرتهم عليها.
وطبقا للسكان، فإن الحوثيين استقدموا أسراً من صعدة وحجة وعمران إلى المنطقة، وأسكنوها بمنازل المواطنين المنهوبة، فيما بات السكان الأصليون غرباء في ديارهم نتيجة التغيير الديمغرافي الذي تسعى الجماعة لإحداثه.
مزيد من مقاطع الفيديو تتحدث عن المعـــاناة:
هنــــــــــا 1
هنـــــــــا 2
هنــــــــــا 3
هنـــــــــا 5