برّان برس - وحدة التقارير:
نظّمت جماعة الحوثي المصنفة عالميًا على قوائم الإرهاب، الاثنين 10 يونيو/حزيران 2024، عرضاً شبه عسكريًا للأطفال المتخرجين من المراكز الصيفية التي أقامتها هذا العام بمحافظة صعدة (أقصى شمال اليمن).
ووفق وكالة الأنباء اليمنية “سبأ” بنسختها الحوثية، شمل العرض 10 آلاف من 120 ألف من طلاب المعسكرات الصيفية بمحافظة صعدة، في حين أن الملتحقين بالمراكز الصيفية من جميع المحافظات لهذا العام يتجاوز مليون ومئة ألف طالباً وطالبه.
قنابل موقوتة
وعن هذه الأعداد المعلنة من قبل الحوثيين، قال مدير عام مكتب الإعلام محافظة صعدة، مبروك المسمري، إنها “مبالغة مفضوحة من قبل الحوثيين لتغطية الواقع والحقيقة التي يعرفها جميع اليمنيين“.
وذكر “المسمري“، في حديث لـ“بران برس” أن جماعة الحوثي “أصبحت تتآكل من الداخل“، مشيرا إلى أن هناك “عزوف كبير من أبناء القبائل لأنشطتها الفكرية والطائفية”.
ووفق المسؤول المحلي “المسمري”، فإن هذا العزوف يأتي “رغم الأموال الكبيرة التي تخصصها الجماعة لإقامة المراكز والدورات الصيفية”، والتي قال إنها تُعد “أضعاف ما تنفقه على التعليم في المؤسسات التي سيطرت عليها منذ انقلابها نهاية العام 2014م”.
وبرأي “المسمري”، فإن نسبة الإقبال على هذه المراكز “ضعيفة بالنسبة للكثافة السكانية في المناطق التي تسيطر عليها المليشيات بالقوة“.
ومن حيث خطورة هذه المراكز والدورات، يقول “المسمري” إن “خطرها كبير جداً على النشء وصغار السن والشباب، وهي الفئات التي تركز الجماعة عملها الثقافي والفكري والتعبوي”.
وخلال هذه المراكز يقول “المسمري“، إن الملتحقين بها “يتلقون تعبئة طائفية وأفكار مستوردة من إيران، وثقافة لا تنتمي لليمن وهويتها العربية والاسلامية”.
ويتمثل الخطر أيضًا، وفق المسمري، في “تحويل هؤلاء الطلاب والشباب إلى قنابل موقوتة ووقود لحرب قادمة تعد لها المليشيات خلال المرحلة القادمة، والذي يعتبر تهديد قومي لليمن والأشقاء في دول الخليج العربي“.
طمس للهوية
من جانبه، أوضح فائز صالح محمد، رئيس منظمة شهود لحقوق الإنسان، أن “الهدف من المراكز الصيفية بشكل عام هو غسل أدمغة الجيل، وطمس الهوية الوطنية”.
واعتبر “فائز” في حديث لـ“برّان برس” المراكز الصيفية، بأنها “أماكن مريحة تستغلها جماعة الحوثي لتجنيد الأطفال والزج لهم في جبهات الموت”.
يتفق “فائز” مع “المسمري”، بأن المجتمع اليمني “متمنع ويرفض الحوثيين”. ولهذا يقول إن الحوثيين “يحشدون كل ما نهبوا من مقدرات مالية وإعلامية ويستخدمون السلطة من أجل إظهار النقص أنهم موجودين”.
ووفق رئيس منظمة شهود لحقوق الإنسان، فإنه “بسبب رفض المجتمع، اضطر الحوثيون إلى مقاولة المراكز الصيفية، عن طريق دفع أموالاً مقابل كل طفل يتم إقناعه للالتحاق بالمركز”، مضيفًا أن “الوضع المعيشي للناس يدفع البعض للالتحاق بهذه المراكز من أجل يجد لقمة العيش”.
تلقين عقائدي
والخميس الماضي، قالت وكالة الأنباء الأمريكية المختصة بمنطقة الشرق الأوسط “ميديا لاين”، إن “أكثر من مليون” طفل يمني يتلقّون التلقين العقائدي في المخيمات الصيفية التي تنظمها جماعة الحوثي المصنفة عالميًا على قوائم الإرهاب.
وقالت الوكالة الأمريكية، في تقرير ترجمه إلى العربية “بران برس” إن “الخوف والإكراه يدفعان مئات الآلاف من الأطفال اليمنيين سنوياً إلى معسكرات الحوثيين، حيث يتعرضون للدعاية المتطرفة والتجنيد العسكري”
وأضافت أن “المخيمات الصيفية المتطرفة أيديولوجياً في صنعاء والمحافظات الأخرى في اليمن الخاضعة لسيطرة الحوثيين تستضيف ما لا يقل عن مئات الآلاف من الأطفال سنوياً. ونقلت عن مصادر حوثية حديثها عن “430 ألف طفل تحت سن 14 عامًا وأكثر من مليون طفل تحت سن 18 عامًا هذا العام وحده”.
وأشارت إلى أن الحوثيين يستخدمون “هذه المعسكرات لقياس وتعزيز موافقتهم بين الجيل القادم من اليمنيين”. مضيفة أن “هذه المعسكرات توفر فرصة للحوثيين لتجنيد الأطفال في صفوفهم”.
وأوردت ”ميديا لاين” روايات لآباء تحدثوا فيها عن تجربتهم مع استقطاب الحوثيين أبنائهم إلى هذه “المعسكرات الصيفية” رغم معارضتهم للفكرة.
ونقلت عن مواطن يدعى “دحان السامعي” إفادته بتعرضه “لضغوط لتسجيل أطفاله الثلاثة، الذين تتراوح أعمارهم بين 8 و14 عامًا” من قبل أحد مشرفي جماعة الحوثي.
وقالت “ميديا لاين“ إنها التقت بالعديد من الأطفال المسجلين في المخيمات الحوثية. وأعربوا لها عن “عدم موافقتهم على إجبارهم على حضور هذه المعسكرات، وقالوا إنهم كانوا يفضلون قضاء إجازتهم الصيفية في تعلم لغة جديدة أو اللعب ببساطة“.
مقياس للولاء
وخلصت الوكالة الأمريكية إلى أن الحوثيين يستخدمون “المعسكرات الصيفية لقياس ولاء الناس وقبولهم لهم ولأفعالهم”. فيما “يواجه الآباء الذين يرفضون تسجيل أبنائهم اتهامات بعدم الولاء للحوثيين في أفضل الأحوال”.
وفي أسوأ السيناريوهات، قالت “ميديا لاين” إنه “يتم اتهام من يرفضون تسجيل أبنائهم بالولاء لـ”دول العدوان” أو مرتزقتها، في إشارة إلى الدول التي شاركت في تحالف دعم الحكومة اليمنية بقيادة السعودية في مارس 2015.
ويؤدي هذا الاتهام، وفق الوكالة، إلى “مضايقات وحرمان من الحقوق الأساسية، مثل شراء غاز الطهي بالسعر الحكومي”.
وتحدثت عن شكل آخر من أشكال المضايقة “هو الحرمان من المساعدات الإنسانية، رغم أنها تأتي من منظمات غير حكومية. موضحة أن هذه الإجراءات تتم في جميع المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون.
ووفق “ميديا لاين” فإن الأطفال الذين يرتادون المعسكرات الصيفية يشكلون 65% من إجمالي عدد الأطفال الذين يعيشون في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وأن معظمهم موالون علناً للحوثيين”.
وبحسب الوكالة الأمريكية، تم تنظيم المعسكرات الصيفية الأولى عام 2017. وقد زاد عدد المشاركين سنويًا منذ ذلك الحين. وشارك فيها ما يصل إلى 9 ملايين طفل في المعسكرات بين عامي 2017 و2024.