|    [email protected]

ارتفاع حالات السرطان في “جبل حبشي” بتعز ومختصون يتحدّثون لـ“برّان برس” عن الأسباب وطرق الوقاية (تقرير)

الأربعاء 26 يونيو 2024 |منذ 3 أيام
تزايد حالات الإصابة بالسرطان في جبل حبشي (برّان برس)

تقرير خاص أعده لـ“بران برس” - محمد الحاجبي:

في العام 2022م، كانت “أم أمجد”، (30 عامًا) في طريق عودتها من المزرعة إلى منزلها بمديرية جبل حبشي وسط محافظة تعز (جنوبي غرب اليمن)، وأثناء ذلك سقطت على الأرض ولم تتمكن من مواصلة المشي.

ظن زوجها “عزالدين” أنها فقدت الوعي بسبب الصداع، وقام بنقلها إلى مستشفى الثورة بمدينة تعز. وبعد المعاينة والفحوصات الطبية، اتضح أنها تعاني من ورم سرطاني خطير.

يقول زوجها لـ“برّان برس” إنه نقلها إلى مركز أورام السرطان في العاصمة صنعاء، وهناك قرر الأطباء إجراء عملية جراحية لاستئصال الورم.

ويضيف: “بعد نجاح العملية تحسنت حالتها لفترة، ولكن بدأ الورم بالظهور مجدداً. واضطررنا لنقلها إلى مركز الأورام بتعز، ومن ثم إلى مصر لإجراء عملية ثانية، لكنها فارقت الحياة في العاصمة المصرية، القاهرة”.

وتشهد محافظة تعز ارتفاعًا كبيرًا في أعداد الإصابات بالأورام السرطانية، وتشير التقديرات إلى أن مديرية جبل حبشي تحتل المرتبة الأعلى من حيث عدد الإصابات، يليها مديرية المظفر، ثم مديرية صالة.

حالة نجاة

“أم صخر”، 40 عاما، من مديرية جبل حبشي، أيضًا، تحكي عن مرضها بالسرطان، وتقول: “في عام 2019 ، كنت أشعر بألم شديد في منطقة الصدر، ولم أعرف السبب، حينها ذهبت لإجراء فحوصات، وسحب عينة في مستشفى الدقاف. وأظهرت النتيجة أني كنت مصابة بورم في منطقة الثدي”.

تضيف “أم صخر” في حديثها لـ“برّان برس” أنها سافرت إلى صنعاء، لإجراء عملية استئصال الورم في العام ذاته (2019).

وتتابع: “بعد عملية استئصال الورم وخروجي من المستشفى، وجدت أن حياتي قد تغيرت بشكل كبير، ولم أعد قادرة على الحركة، أو القيام بالأعمال اليومية المحدودة، أبسطها إعداد الطعام لأطفالي. عانيت كثيرًا بعد إجراء العملية بسبب الألم الجسدي والنفسي”.

بعد سنة ونصف من استخدام العلاج، تلاشى وجود الألم والورم، وتعيش “أم صخر” اليوم في حالة صحية جيدة، بعد أن استطاعت النجاة من السرطان. إلا أن العديد من المرضى لا يجدون العلاج، أو يتأخرون عن إجراء الفحوصات الطبية، الأمر الذي يجعل هذا المرض سببًا للموت.

أعداد متزايدة

يبلغ عدد سكان مديريه جبل حبشي، نحو 157,235 نسمة، وفق تقديرات رسمية للعام 2016، جُلّهم يعتمدون بشكلٍ رئيس على الزراعة والرعي وتربية الحيوانات، والأعمال الشاقة، في حين يعتمدون في شربهم على مياه الآبار السطحية والعيون النابعة من الجبال.

ووفق منظمة الصحة العالمية، يعاني 35000 يمني من الإصابة بالسرطان، بزيادة تُقدّر بـ20% عمّا قبل الحرب، منهم أكثر من 1000 طفل؛ أي قرابة 12% من 11000 حالة جديدة يتم تشخيصها كلَّ عام في البلاد.

وتوضح المسؤولة الإعلامية في المؤسسة الوطنية لمكافحة السرطان، امتياز الزبيري، أن إجمالي الحالات الجديدة التي تم استقبالها خلال العام المنصرم بلغت 1200 حالة، فيما بلغ عدد الوفيات 229.

وتضيف “الزبيري”، أن الأكثر انتشاراً هو سرطان الثدي بنسبة 15% لبقية السرطانات.

وعن أعداد الإصابة بالسرطان في منطقة “الاشروح” الواقعة بمديرية جبل حبشي، يقول الأمين العام لجمعية الاشروح الاجتماعية مصطفى محمود، "إنّ عشرات المواطنين من أبناء المنطقة أصيبوا بالسرطان، مضيفًا أن “هذا الانتشار الغريب بات قضيةً تشغل الأهالي، وتحيّر الأطباء والمجتمع".

ووفق “مصطفى” الذي تحدث لـ“بران برس”، فإن “عدد حالات الإصابة بالسرطان في المنطقة تجاوزت، 20 حالة معظمها فارق الحياة، توّزعت بين أورام في الدماغ والغدد والرحم، وأماكن أخرى.

وتنتشر أكثر هذه الإصابات في أوساط النساء، حيث تُوفِّيَت بعضُ هذه الحالات أثناء تلقّيها العلاج، بينما البعض الآخر توفّيَت في منازلها لعدم قدرتها على دفع تكاليف العلاج والجرع المطلوبة، وفق مصطفى.

تأثير الحرب

من جانبه، يقول مدير عام المؤسسة الوطنية لمكافحة السرطان بتعز مختار احمد سعيد، في تصريح لـ“بران برس”، إن أعداد مرضى السرطان تضاعفت بسبب الحرب ومخلفات الحرب.

ويضيف أن المركز الوطني للأورام، كان يعمل بوتيرة مستقرة على مستوى الجمهورية، ويصدر تقريراً سنويًا إحصائياً بعدد المرضى، ومناطقهم، ونوع المرض، وحالات الشفاء والوفيات، إلا أن الحرب عرقلت هذا العمل الذي وصفه بأنه “بالغ الأهمية”، وأضعفت كل الجهود التي تأسست لمكافحة السرطان.

أسباب وعوامل

ويوضح أن “عوامل بيئية وغذائية وصحية تساهم في ارتفاع نسبة الإصابة بالسرطان في المحافظة، وليس فقط في جبل حبشي”، مضيفًا أن “هناك عدة عوامل تسهم في ارتفاع معدلات الإصابة بمرض السرطان، بما فيها العوامل البيئية والسلوكيات الاجتماعية والعادات الغذائية والعوامل الوراثية”.

الدكتور هلال نعمان، استشاري أمراض أورام السرطان- ألمانيا، تحدّث لـ“بران برس” عن “عدة أسباب وراء تزايد عدد مرضى السرطان في تعز ومديرياتها ومنها جبل حبشي”.

ومن هذه الأسباب، وفق نعمان، “الفقر وضعف الحالة المادية للناس، والحروب وآثارها المباشرة وغير المباشرة على صحة الانسان، ناهيك عن وجود مواد متعددة يتعاطها الناس تعمل في زيادة مرضى السرطان، وتفاقم من الحالات المصابة”.

فيما يرجع “سامر المكردي”، وهو ممرض في المركز الوطني للأورام بصنعاء، الأسباب إلى “العادات الغذائية السيئة ونقص تناول الألياف”، بالإضافة إلى “التعرض للفيروسات والبكتيريا والفطريات وعدم الوقاية منها، وعدم تلقي اللقاحات المناسبة”.

ومن الأسباب التي تزيد من الإصابة بالسرطان، وفق المكردي، “استخدام المبيدات والمواد الكيميائية والاسمدة في الزراعة سواء زراعة القات او زراعة المحاصيل، واستخدامها بدون وقاية أو حماية شخصية، وكذلك بدون معرفة أضرارها“.

توعية

ولمواجهة هذا المرض الخطير، يشدد مدير عام المؤسسة الوطنية لمكافحة السرطان بتعز، على “أهمية اتباع عادات صحية من خلال النوم المبكر، والالتزام بنظام غذائي متوازن، وممارسة الرياضة اليومية، والابتعاد عن عوامل الإجهاد”. مؤكداً أن “الوقاية والحد من انتشار مرض السرطان من أهم الأولويات”.

فيما أكد الاستشاري نعمان، “أهمية توعية الناس بخطورة المرض والعمل على التصدي له، والتوعية بأسبابه وأعراضه وضرورة معالجته مبكراً، فبرأيه أنّ “مواجهة المرض في بداياته أسهل في معالجته وفي التقليل من تمدده والعمل على الخلاص والشفاء منه”.

ودعا “السلطات الصحية، ومنظمات المجتمع المدني، ورجال المال والأعمال، إلى دعم مراكز معالجة السرطان خصوصاً مركز الأمل للأورام بتعز”، والذي قال إنه “يحتاج إلى دعم مستمر للقيام بواجباته الصحية، والتقليل من آلام وأوجاع المرضى".

نشر :

مواضيع ذات صلة