تقرير خاص أعده لـ“بران برس” - أمة الغفور السريحي:
ولدي اختطف وعمره 22سنة، قبل عرسه بشهر، وللآن وهو محبوس، ولا نعرف مصيره.. يكفي أخرجوا ولدي”، بهذه الجملة ردّت أم المختطف صدام الروحاني، على سؤال “بران برس” عن تعليقها على مفاوضات مسقط الجارية.
قالت أم صدام، إنها تنتظر بحرقة وقلق ما ستفضي إلية مفاوضات مسقط، معبرةً عن قلقها وخوفها على ابنها، متمنّية أن تعود هذه المفاوضات بولدها بعد سنوات من الإخفاء في سجون جماعة الحوثي.
وتضيف في حديثها لـ“بران برس”: “ثماني سنوات سُرقت من عمرِه، ثماني سنوات ضاعت فيها أحلامه وآماله وشبابة، ثمان سنوات في السجن يُعذب ولا ذنب له”.
بوابة سلام
والد محمد العدوف، وهو أسير منذ أربع سنوات ونصف، تحدث لـ“بران برس” عن الوضع النفسي الحرج الذي تعيشه عائلات المختطفين والأسرى تزامنًا مع المفاوضات الجارية في مسقط.
وقال العدوفي: “تلقينا وعوداً كاذبة لأربع سنوات، ولم نر أي نتائج”، مضيفًا مخاطبًا الوفود المتفاوضة: “نقول لكم هذه المرة الأمر مختلف، ولم يعد هناك مجال لتحمل المراوغة، وستتحملون المسؤولية الكاملة”.
عمر عبدالعزيز العقيلي، يترقب أن تفضي المفاوضات الجارية في مسقط إلى إطلاق والده المختطف منذ 2015.
وقال في حديثه لـ“بران برس”: “لعل هذه المفاوضات بوابة سلام لكل من أُخفي قسراً عن أهله”، مضيفًا: أتمنى أن “تكون هذه المفاوضات سبباً للإفراج عن والدي وكل المختطفين”.
ودعا “عمر العقيلي”، الوفد المفاوض لأن “يكون على قدر المسؤولية، وأن يكون لديهم إحساسًا بمعاناة ذوي المختطفين والأسرى”.
تحذير من التفريط
محمد أحمد فارع، شقيق المختطف لدى جماعة الحوثي، “صغير أحمد فارع”، والذي أصدرت الجماعة حكمًا بإعدامه، يأمل هو الآخر أن تفضي المفاوضات في مسقط إلى إطلاق شقيقه وإنهاء الأحكام “الكيدية”.
وقال في مخاطبًا الوفود المتفاوضة عبر “بران برس”: “نتوسم في جلوسكم على طاولت التفاوض أن تجعلوا الأسرى والمختطفين همكم الأكبر، وأن تستشعروا معاناة عائلاتهم وذويهم”.
وحذر “فارع” الوفود المشاركة ورعاة المفاوضات من “التفريط في كل مختطف وأسير، أولهم الأستاذ محمد قحطان”.
الكل مقابل الكل
من جانبها، طالبت رئيسة رابطة أمهات المختطفين أمة السلام الحاج، “بخروج الكلّ مقابل الكلّ”، داعية في حديثها لـ“بران برس” أن “يكون هناك مصداقية وشفافية في جولة المفاوضات“.
وشددت الحقوقية “الحاج”، على ضرورة أن “يلتزم الجميع بالمسؤولية وأخلاقيات التفاوض والتعاطي مع هذا الملف الحساس”، منتقدة التعاطي اللامسؤول لبعض أعضاء الوفود المتفاوضة وتصريحاتهم التي تعتبر انتهاكًا لحقوق الإنسان، خصوصًا عندما العمل في غموض على مصير أحد المختطفين”.
تكتم ومزايدات
وانتقدت “الحاج”، ما جرى في جلسة التفاوض الأربعاء، وقالت إن الجلسة اعتراها “تكتم كبير ومزايدات وما يصرح به المتفاوضون لا ينمّ عن المسؤولية”.
وقالت إنه “تمّ تبادل كشوف 400 مختطف وأسير”، معتبرة هذا “لا يلبي ما جاءت به القرارات الرئاسية”. لافتة إلى التعهدات التي أطلقوها بداية الاتفاقات، بأنه “سيكون هناك اتفاق على مبدأ الكلّ بالكلّ”، وما حدث برأيها “إنتقائية”، معتبرة هذا “ظلم لكثير من المختطفين”.
بدوره، اعتبر رئيس الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، رضوان مسعود، ما أُعلن من تفاهمات في مسقط بأنها “ترويج إعلامي، الهدف منه تسويق إنجاز وهمي، بل يعتبر تعقيد للتفاوض بشكل أكبر”.
وعن وقع هذا الإعلان على أهالي المختطفين والأسرى، قال مسعود، إنها كانت “صادمة” لهم “لأنهم ينتظرون صفقة على قاعدة الكل مقابل الكل”.
مسار جزئي
ووفق “مسعود” فإن “التفاوض مضى في مسار جزئي، غير قابل للتنفيذ بسبب تعنت جماعة الحوثي”. معبرًا عن أسفه “الشديد لقبول الوفد الحكومي بطرح قضية المخفيين وعلى رأسهم قحطان للتفاوض قبل زيارتهم”، معتبرًا هذا “تلبية لرغبة الحوثي، ووضع العراقيل واستمرار الإخفاء القسري للمختطفين”.
وقال إن “قحطان اختطف من منزله حيا يرزق، وعليهم إطلاقه دون قيد أو شرط حسب القرار الأممي ٢٢١٦ وأن التعامل اللا أخلاقي من قبل جماعة الحوثي، يعتبر جريمة ضد الانسانية لا تسقط بالتقادم”.
وأضاف “مسعود” مخاطبًا وفد الحكومة الشرعية عبر “بران برس” قائلًا: “للأسف الشديد تم استدراجكم إلى نفق لن تخرجوا منه إلا بإعلان الانسحاب من التفاوض على أقل تقدير، حتى زيارة المخفيين قسريا وعلى رأسهم قحطان”.
جريمة أخلاقية
وفي حديثه لـ“بران برس” ذكّر “مسعود” الأمم المتحدة بالقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وقال إنه “لا يجوز التواطئ مع منتهكي حقوق الإنسان لإرتكاب مزيد من الجرائم”.
وأضاف أن “التفاوض على قحطان حيًا أو ميتًا يعتبر جريمة أخلاقية، والأمم المتحدة للأسف شريك في ذلك."
والأربعاء الماضي، أعلن وفدي الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، وجماعة الحوثي المصنفة عالمياً في قوائم الإرهاب في مفاوضات مسقط، عن تفاهمات لإطلاق سراح السياسي “محمد قحطان” مقابل 50 أسيرا من الحوثيين أو 50 جثة إن كان قد توفي.
وأثارت الإحتمالات بشأن مصير قحطان المخفي في سجون جماعة الحوثي منذ أكثر من 9 سنوات، موجة ردود ساخطة من قبل اليمنيين والسياسيين خصوصا أسرة قحطان وحزب الإصلاح اليمني ضد الفريق الحكومي المفاوض الذي اتهموه بـ“تجاوز توجيهات الرئاسة التي ألزمتهم بعدم المضي في أي اتفاق قبل الكشف عن مصير قحطان”.
وقال نائب رئيس هيئة التشاور والمصالحة، عبدالملك المخلافي، في تدوينة، رصدها “برّان برس”، إنه “من غير المقبول سياسيا الموافقة على بناء اتفاقات عن مصير قحطان على احتمالات فالإفصاح عن مكانه يسبق أي اتفاق”.
فيما قال رئيس الهيئة العليا لحزب الإصلاح اليمني، محمد اليدومي“: كنا نتمنى أن يكون للشرعية من يمثلها في هذا اللقاء”. مضيفًا في تدوينة عبر منصة “إكس”، رصدها “برّان برس”، قال: “في 25/6/2024 صدر عن يحيى الشعيبي مدير مكتب رئاسة الجمهورية توجيه لفريق التفاوض حول الأسرى والمخفيين قسرياً بالتأكيد عليهم بعدم إبرام أي صفقة تبادل لاتشمل إطلاق سراح محمد قحطان أو على الأقل تقدير الكشف عن مصيره”.
وأضاف رئيس حزب الإصلاح: “وبعد هذا التوجية، انعقد في مسقط لقاء للمليشيا الحوثية تحدثت بلغة واحدة.. وكنا نتمنى أن يكون للشرعية من يمثلها في هذا اللقاء”، في إشارة إلى امتعاضه من موقف الوفد الحكومي المفاوض.
تصريحات لا أخلاقية
بدوره، أفاد المتحدث بإسم حزب الإصلاح اليمني، ونائب رئيس دائرته الإعلامية، عدنان العديني، بأن لدى حزبه “معلومات مؤكدة” بأن عضو هيئته العليا المخفي في سجون جماعة الحوثي المصنفة دوليًا في قوائم الإرهاب منذ تسعة أعوام السياسي محمد قحطان “على قيد الحياة”.
وحمّل “العديني” في تدوينة بحسابه على منصة “إكس” رصدها “بران برس”، جماعة الحوثي “كامل المسؤولية عن حياته” خاصة بعد التصريحات التي وصفها بـ“اللا أخلاقية” التي ترددها بعض قيادات الجماعة، مؤكدا أن “الإفراج العاجل عن محمد قحطان أولوية قصوى”.
من جانبها، أعلنت أسرة “قحطان”، رفضها “القاطع” لما وصفته بـ“المهازل والتصريحات الصادرة من مسقط”، وقالت إنها “لم تفوض أي جهة كانت، حتى لمجرد الحديث عن حياة والدها فضلا عن التفاوض أو المساومة بهذا الشأن”، محملة جماعة الحوثي “المسؤولية عن أي خطر قد يتعرض له والدها في سجنه، خاصة بعد هذه التصريحات الصادرة من مسقط”.
والأحد 30 يونيو/حزيران 2024، انطلقت في العاصمة العمانية مسقط، جولة مفاوضات جديدة لتبادل الأسرى بين الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، وجماعة الحوثي المصنفة عالميًا بقوائم الإرهاب، تحت إشراف الأمم المتحدة.
وفي جلسة افتتاح المشاورات الأحد، ربط رئيس الوفد الحكومي المفاوض "يحيى كزمان"، نجاح المشاورات بالكشف عن مصير السياسي محمد قحطان.
وبيّن “كزمان” أن من مساعي المشاركة “إطلاق سراح ومبادلة السياسي محمد قحطان” الذي قال إنه "يعتبر عائقاً أساسياً يجب حل موضوعه ومن ثم الانتقال إلى إجراء أشمل وإغلاق هذا الملف الإنساني بإخراج كافة المحتجزين والمختطفين لدى جميع الأطراف دون استثناء".
وقحطان هو قيادي بارز في حزب “التجمع اليمني للإصلاح”، أكبر حزب سياسي في البلاد، وأحد 4 أشخاص طالب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 لعام 2015 الحوثيين بإطلاق سراحهم.
واعتقل الحوثيون “قحطان” من منزله في صنعاء يوم 5 أبريل/ نيسان 2015، بعد أيام من فرض الجماعة إقامة جبرية عليه، وتقول أسرته إنها لا تعلم مصيره أو مكان اعتقاله، ولم يتم التواصل معه منذ احتجازه.
وفي أبريل 2023، نفذت الحكومة والحوثيون أحدث صفقة تبادل، تم بموجبها إطلاق نحو 900 أسير ومحتجز من الجانبين، بوساطة من اللجنة الدولية للصليب الأحمر والأمم المتحدة، بعد مفاوضات في سويسرا.